رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رابع زيارة لزعيم برازيلى

هذه السنة، يمر قرن ونصف القرن تقريبًا، بالضبط ١٤٨ سنة، على أول زيارة يقوم بها زعيم برازيلى إلى مصر، وبالتزامن مع مرور ١٠٠ سنة على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، قام رئيس البرازيل لولا دا سيلڤا بزيارة القاهرة، واستقبله الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس الخميس، بقصر الاتحادية، وتناول الرئيسان العلاقات الثنائية المتميزة، والتنسيق المشترك فى المحافل الدولية، فى ضوء الثقل الإقليمى لكلا البلدين، وجهودهما المشتركة لتطوير وإصلاح منظومة الحوكمة الدولية، لتعكس مصالح دول الجنوب.

بين ١٩٨٩ و١٩٩٨، خاض «دا سيلڤا» انتخابات الرئاسة البرازيلية، ثلاث مرات متتالية، وفى الرابعة، التى جرت فى أكتوبر ٢٠٠٢، صار أول رئيس يسارى للبرازيل، وفى السنة التالية، تحديدًا فى ٨ ديسمبر ٢٠٠٣، كان أول رئيس برازيلى، وثانى حاكم للدولة، يزور مصر. وفور فوزه فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وقبل شهر من توليه مهام منصبه، شارك فى قمة الدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، كوب ٢٧، التى استضافتها شرم الشيخ، والتى أعرب، أمس، عن دعمه نتائجها، وقال إن بلاده تتطلع إلى الاستفادة من خبرة مصر ونجاحها فى تنظيمها، وهى تستعد لاستضافة القمة الثلاثين.

ثلاث من الزيارات الأربع، إذن، قام بها الرئيس لولا دا سيلڤا، الذى يسعى، منذ عودته إلى السلطة، إلى تنشيط دور البرازيل على الساحة الدولية، والعودة إلى مواقفها التقليدية، المتمسكة بالقانون الدولى، خاصة إزاء قضايا منطقة الشرق الأوسط. وعليه، تبنت الدولة الصديقة، منذ بداية العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة، موقف مصر الداعى إلى الوقف الفورى لإطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإغاثية لأهالى القطاع، ودعم المسار التفاوضى؛ للوصول إلى حل الدولتين كسبيل وحيد، لتحقيق الأمن والاستقرار فى المنطقة.

إلى جانب عضويتهما فى «حركة عدم الانحياز»، يجمع البلدين تحالف الدول النامية، المعروف باسم «مجموعة الـ٧٧»، ومنذ بداية يناير الماضى، صار يجمعهما، أيضًا، تجمع الـ«بريكس»، الذى يستهدف كسر الهيمنة الغربية على الاقتصاد الدولى. وبصفتها رئيسة الدورة الحالية لمجموعة العشرين، دعت البرازيل مصر للمشاركة، كضيف، فى اجتماعات المجموعة، تأكيدًا لروابط الصداقة والتعاون بين البلدين، وتجسيدًا لمكانة مصر الإقليمية والدولية ودورها المؤثر فى القضايا والملفات الاقتصادية الرئيسية. 

سبق أن التقى الرئيسان، السيسى ودا سيلڤا، فى ٩ سبتمبر الماضى، بالعاصمة الهندية نيودلهى، على هامش مشاركتهما فى قمة مجموعة العشرين. وكان الرئيس السيسى قد تقدم، فى ٣١ أكتوبر ٢٠٢٢، بخالص التهنئة إلى «دا سيلڤا» بمناسبة انتخابه رئيسًا للبرازيل، متمنيًا له كل التوفيق فى تحقيق تطلعات الشعب البرازيلى الصديق. والإشارة هنا قد تكون مهمة إلى أن الدولة الصديقة هى الشريك التجارى الأول لمصر فى منطقة أمريكا اللاتينية، وتعدّ مدخل الصادرات المصرية الى تلك المنطقة. كما أن لدى البلدين رغبة قوية فى تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية، الثنائية ومتعددة الأطراف، فى ضوء سعى البرازيل إلى توسيع التجارة مع دول القارة الإفريقية التى تعد مصر بوابة رئيسية للوصول إليها.

لم يلتق الرئيسان، خلال قمة المناخ، لكن فور وصوله إلى شرم الشيخ، فى منتصف نوفمبر ٢٠٢٢، أجرى الرئيس البرازيلى المنتخب، الذى لم يكن قد تولى السلطة بعد، اتصالًا تليفونيًا، بالرئيس السيسى، أشاد خلاله بما حققته مصر خلال السنوات الماضية من تقدم ملموس على صعيد الإصلاح الاقتصادى وتحقيق التنمية الشاملة، معبرًا عن تطلعه إلى تطوير التعاون الثنائى فى المجالات المختلفة. وفى ١٤ أكتوبر الماضى، تلقى الرئيس السيسى اتصالًا تليفونيًا، آخر من نظيره البرازيلى جرى خلاله التباحث بشأن مختلف أبعاد الأوضاع الأمنية والإنسانية المتردية فى قطاع غزة.

.. وتبقى الإشارة إلى أن صحفًا ومواقع إلكترونية عديدة، نقلت عن الموقع الرسمى لـ«الهيئة العامة للاستعلامات»، للأسف، أن مصر استقبلت «الحاكم البرازيلى الإمبراطور توم بودو الثامن»، سنة ١٨٧٦، بينما يقول التاريخ إن الذى زار مصر، فى عهد الخديو إسماعيل، هو دوم بيدرو الثانى، Dom Pedro II، إمبراطور البرازيل الأخير، الذى ورث الحكم عن والده بيدرو الأول سنة ١٨٤١، واستمر على العرش لأكثر من ٥٨ سنة، وأمضى السنتين الأخيرتين من حياته منفيًا فى أوروبا.