رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"هيومن رايتس ووتش" لا تعترف بدماء غزة

منظمة هيومن رايتس ووتش أطلقت منذ أيام قليلة تقريرها العالمي السنوي 2024، رصدت اتجاهات حقوق الإنسان في أكثر من 100 دولة حول العالم، روجت المنظمة تقريرها السنوي عبر صفحتها العربية علي الفيسبوك، أكثر من مرة في إعلان ممول موجه للجمهور الناطق بالعربية، جاء أغلب التعليقات على التقرير ساخرة، واتهمها البعض بالمبالغة والتضليل. "تيرانا حسن" المديرة التنفيذية لـ"هيومان رايتس ووتش" في افتتاحية التقرير السنوي في مقال لها بعنوان: منظومة حقوق الإنسان في خطر: دعوة إلى العمل"، استهلت الحديث بديباجة يحدوها الأمل رغم التحديات المتصلة بحقوق الإنسان في العام 2023، مشيرة إلي العام المنصرم لم يكن عامًا حافلًا بقمع حقوق الإنسان وفظائع الحرب وحسب، بل وكذلك بالغضب الحكومي الانتقائي ودبلوماسية الصفقات التي حملت في طياتها تكاليف باهظة على حقوق من لم تشملهم الصفقات. 
تناول التقرير السنوي لـ"هيومن رايتس ووتش" أهم الأحداث في أغلب دول العالم. بالطبع استهدف التقرير الأوضاع في دول العالم الثالث ومنطقة الشرق الأوسط، لاسيما النزاعات المستمرة والأعمال القتالية في المناطق المشتعلة، كما يحدث في السودان وأوكرانيا وميانمار وإثيوبيا ومنطقة ساحل العاج، كما تضمن التقريرالسنوي الكوارث البيئية والصعوبات التي واجهت بعض الحكومات بسبب حرائق الغابات والجفاف والعواصف التي ألحقت أضرارًا بالملايين، وباستفاضة ركز التقرير على حقوق النساء والفتيات، والاضطهاد على أساس النوع، كما لم يغفل التقرير الدفاع عن حقوق المثليين/ات، ومزدوجي التوجه الجنسي وعابري النوع الاجتماعي "الجندر".
الجميع يعلم أن "هيومن رايتس ووتش" منظمة غير حكومية معنية بحقوق الإنسان والتقصي الدقيق للحقائق وتنشر تقارير محايدة- على حد زعمها- او كما تعرف نفسها للمجتمع الدولي. أنشئت عام 1978 تحت اسم "هلسنكي ووتش" لمراقبة التزام كتلة البلدان السوفيتية بأحكام حقوق الإنسان الواردة في اتفاقيات هلسنكي، مقرها "نيويورك" بالولايات المتحدة الأمريكية، ليست هناك مصادر تمويل محددة لها، مما يعرضها للشبهات، اعتمادها علي التبرعات مجهولة الهوية لدعم ميزانيتها.. ما يهمنا هوعمل هذه المنظمة واستهدافها لدول العالم الثالث.. وعلى استحياء تقدم "هيومن رايتس ووتش" تقارير جوفاء عن بعض الدول الغربية. 
أحدث تقارير المنظمة عن الحرب الإسرائيلية على غزة جاء بعنوان" خطط إخلاء رفح كارثية وغير قانونية".. تقرير باهت لا يرتقي بحجم الحدث أو الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، لم يذكر عدد الشهداء أو القتلي والجرحي، لم يصف المعاناة الحقيقية التي يعيشها الشعب الفلسطينى في قطاع غزة.
أخطر فقرة، كما وردت بالتقرير نصها:" يحظر القانون الإنساني الدولي تهجير المدنيين قسرًا إلا عندما يكون ذلك ضروريًا بشكل مؤقت لأمنهم أو لأسباب عسكرية قاهرة. حذرت "هيومن رايتس ووتش" أثناء الأعمال القتالية في غزة من تزايد خطورة التهجير القسري، وهو جريمة حرب. لا يُعفي أي تهجير قسري بحق السكان القوات الإسرائيلية من مسئوليتها عن اتخاذ جميع التدابير الممكنة لحماية السكان المدنيين. يستمر المدنيون الذين لا يُخلون بعد التحذيرات بالتمتع بالحماية الكاملة بموجب القانون الإنساني الدولي".. هذه هى المعايير التي تراها مثل هذه المنظمات في كتابة تقاريرها، لم تقدم سوي التحذير والإشارة استنادًا إلي أضعف فقرة في مواد القانون الإنساني الدولي.. لم تقدم"هيومن رايتس ووتش" إدانة إسرائيل أو تنشر تقارير شديدة اللهجة مرفقة بالأرقام والإحصائيات إنما مجرد وصف لا يوجه أي إدانة إلى حكومة إسرائيل، كما تفعل ذلك مع حكومات أخري.
في إحدي سنوات انعقاد منتدي الإعلام الدولي بألمانيا، كنت متحدثة في جلسة من جلسات المنتدي، وتلي رئيس الجلسة تقريرًا عن الأوضاع الأمنية في مصر صادر عن "هيومن راتس ووتش"، في إشارة بالاتهام إلى بعض المؤسسات المصرية بالتجاوز في حق مواطنيها، ومن ثم جاء دوري في الرد وكأني في جلسة محاكمة على الهواء.. جاءت إجابتي برفض توجيه أي اتهام لوطني، خاصة أن الأرقام والاتهامات وأوجه التقصير لم تصدر عن جهات رسمية مشهود لها بالنزاهة، وإذ بي أدرت أصابع الإتهام إلي مؤسسة "هيومن رايتس ووتش" بأنها منظمة تقدم تقارير لمن يدفع لها ويمولها، وإلا على المنظمة أن تعلن عن جهات تمويلها، واستطردت قائلة: "بلدي غير ملزمة بمراجعة تقارير وأرقام غير حقيقية ومجهولة المصدر" كما أتذكر قبل أحداث 25 يناير ومنذ بداية الألفية، التقارير التي كانت ترسل بها "هيومن رايتس ووتش" إلي معظم الصحفيين عبر إيميلاتهم، وإن كنت لا أعرف كيف كانت تحصل هذه المنظمة علي هذا الكم من الإيميلات الشخصية.. دائمًا كانت تركز مثل هذه التقارير على محتوي يتعلق بالتعذيب في السجون، أو قضايا فساد، ومشكلات الجندر لاسيما التركيز على قضية ختان الإناث في صعيد مصر، وزرع الفتنة بين المسيحيين والمسلمين من واقع أحداث مبالغ فيها. 
بمراجعة تاريخ هذه التقارير التي كانت تصدر ضد أوطاننا لاسيما الوطن العربي، تأكد لنا بما لايدع مجالًا للشك، أن هذه المنظمة تكيل بألاف المكاييل وليس مكيالين فقط، كما أنها غير موضوعية في استنتاج تقاريرها، هذا فضلًا عن مجهولية مصادر المعلومات التي تستند إليها، حتي وإن كانت تتخللها معلومات حقيقية، إلا أن أهداف هذه المنطمات تعمل وفقًا لمن يمولها هذا كلام فصل بما يؤكد أن بلادنا مستهدفة من هذه المنظمات، ومن ثم تفسح المجال للغرب للتدخل في الشأن الداخلي لبعض دول العالم الثالث.