رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بلغاريا.. بعد 99 سنة!

بالاتفاق على العمل سويًا من أجل ترفيع التعاون إلى مستوى أعلى، وعلى الالتزام بمواصلة تعزيز الحوار السياسى والعلاقات ذات المنفعة المتبادلة.. وبتوافق الطرفين على عقد الاجتماع الثانى، خلال السنة المقبلة، فى العاصمة البلغارية صوفيا، انتهى الاجتماع الأول لـ«لجنة التعاون المشتركة بين جمهورية مصر العربية وجمهورية بلغاريا»، الذى ترأسه سامح شكرى، وزير الخارجية، وماريا جابرييل، نائبة رئيس الوزراء، وزيرة الخارجية البلغارية، التى ستصبح، فى مارس المقبل، رئيسة وزراء الدولة الصديقة.

لجنة التعاون المصر البلغارية واحدة من ٦٨ لجنة، تجمع بين مصر ودول من مختلف قارات العالم: ٣٠ لجنة مع دول أوروبية، و١٤ لجنة مع الدول العربية، و٩ لجان إفريقية، و٨ لجان مع دول آسيوية، إلى جانب ٧ لجان مع دول أمريكا اللاتينية. ومنذ منتصف ٢٠١٤، أعيد تفعيل هذه اللجان، فى ظل الجهود التى قامت وتقوم بها دولة ٣٠ يونيو، لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وتعزيز العلاقات مع مختلف الشركاء الدوليين، وتقوية الروابط الاقتصادية من خلال الاستثمارات المشتركة فى المجالات ذات الأولوية.

تقع بلغاريا جنوب شرقى أوروبا، وتطل على البحر الأسود من جهته الغربية، وتحدها رومانيا شمالًا، وتركيا واليونان جنوبًا، وصربيا ومقدونيا غربًا، وانضمت إلى الاتحاد الأوروبى فى أول يناير ٢٠٠٧، وبعد ١٢ سنة من المفاوضات، أعلنت مع المفوضية الأوروبية، فى ٣١ ديسمبر الماضى، عن انضمام بلغاريا، جزئيًا، إلى منطقة شنجن، التى تسمح بحرية السفر والتنقل داخل وعبر الدول الأعضاء فيها.

بدأت العلاقات الدبلوماسية بين مصر وبلغاريا، منذ ٩٩ سنة، إذ تبادل البلدان التمثيل الدبلوماسى على المستوى القنصلى، سنة ١٩٢٥، وتطور إلى مستوى المفوضية فى ١٩٢٩. لكن عندما قررت بلغاريا أن تخوض الحرب العالمية الثانية إلى جوار ألمانيا، تم قطع العلاقات بين البلدين، ولم تعد إلا سنة ١٩٤٧، وبعد ١٠ سنوات، و٥ سنوات من قيام ثورة ٢٣ يوليو، ارتفع التمثيل الدبلوماسى إلى مستوى السفراء.

نتيجة توتر العلاقات المصرية مع دول الكتلة الشرقية، جرى قطع العلاقات بين البلدين، مرة أخرى، سنة ١٩٧٨، ومع أنها أعيدت، فى ديسمبر ١٩٨٤، لكنها لم تشهد تقدمًا، حتى سنة ٢٠٠٥ تقريبًا. كما لم يلتقِ رئيسا البلدين إلا فى ١٥ أبريل ٢٠٠٨، حين زار الرئيس البلغارى الأسبق جورجى بارفانوف القاهرة. ثم كان اللقاء الثانى بين رئيسى البلدين، فى ٢٣ سبتمبر ٢٠١٤، حين استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى نيويورك، الرئيس البلغارى السابق روزين بلفنلفيك، على هامش أعمال الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وخلال اللقاء توافقت رؤى الرئيسين على أهمية توثيق التعاون الثنائى.

المهم، هو أن وزيرة خارجية بلغاريا، رئيسة الوزراء المقبلة، زارت القاهرة، أمس الأول السبت، على رأس وفد يضم وزراء الدفاع، والنقل والاتصالات، والاقتصاد والصناعة، والابتكار والنمو، والطاقة. وخلال اجتماع لجنة التعاون المشتركة، أكد الجانبان أهمية تبادل الخبرات فى مجال تكنولوجيا المعلومات، وتعزيز التعاون فى مجال السياحة، و... و...، واستعرض الجانب المصرى الفرص المتاحة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وقبل الاجتماع، كان الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، قد استقبل وزير الخارجية البلغارية، وأكد إمكانية توفير منطقة متخصصة للشركات البلغارية فى المنطقة الاقتصادية للقناة.

توفير منطقة متخصصة لشركات الدولة الصديقة فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، سيتيح لمصر أن تصبح مركزًا لانطلاق التجارة البلغارية إلى دول الشرق الأوسط وإفريقيا. وفى المقابل، ستكون بلغاريا مركزًا لتوجه الصادرات المصرية نحو دول الاتحاد الأوروبى. وطبعًا، ستستفيد الشركات البلغارية من توافر الأيدى العاملة المؤهلة، وفرص النفاذ إلى الأسواق الإقليمية من خلال اتفاقيات التجارة الحرة الموقعة بين مصر والتكتلات الاقتصادية الإقليمية والدولية، وأبرزها اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية. 

.. وتبقى الإشارة إلى أن الجانبين، المصرى والبلغارى، تناولا، أيضًا أو طبعًا، خلال الاجتماع الأول للجنة التعاون المشتركة، التوترات الجيوسياسية المتزايدة التى تهيمن على الساحة الدولية، وتبادلا وجهات النظر والتحليلات حول التطورات فى أوروبا ومنطقة البلقان، والتوترات المتصاعدة فى منطقة الشرق الأوسط مع التركيز بشكل خاص على العدوان الإسرائيلى المستمر على قطاع غزة وتداعياته المحتملة.