رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

آراء لأكاديميين وكتاب ترصد ضعف تقنيات الذكاء الاصطناعي أمام الكتابة الإبداعية

الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي

  تمثل تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) أهم مخرجات الثورة الصناعية الرابعة لتعدد استخداماته في كل المجالات، ومنها الكتابة والتأليف والترجمة، ومن المتوقع أن تفتح الباب لابتكارات غير متناهية؛ بما يحدث تغييرا جذريا في حياة البشر، ولكن رغم الفرص التي يتيحها اسـتخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، إلا أن هناك العديد من الإشكاليات والتحديات التي تدور في نطاقه، والعديد من الأكاديميين والكتاب يعدون هذه التطبيقات مساعدة لهم، وفي ذات الوقت يؤكدون أنها لا تغني عن العنصر البشري فهي لا تحمل أي تجارب إنسانية، ونعرض لآرائهم التي ترصد ضعف هذه التقنيات أمام الكتابة الإبداعية التي تتطلب خيالا وخبرات شخصية.
وتقول أستاذ اللغة العربية وآدابها بجامعة باجي مختار - عنابة بالجزائر، الدكتورة عائشة رماش، إن هناك العديد من تقنيات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في الكتابة والتأليف لمساعدة الكتاب والباحثين على تحسين كتاباتهم، حيث إن الكتابة الواضحة والموجزة ضرورية لأي كاتب، وخاصة الأكاديميين.

الاستفادة من خدمات المحررين المحترفين

أضافت أنه في حين أنه من الممكن الاستفادة من خدمات المحررين المحترفين ومساعدي النشر مثل Enago، فإن أدوات الذكاء الاصطناعي المتخصصة مثل Trinka أصبح أيضا المصمم للأكاديميين والباحثين ويوفر تحريرا أكاديميا مخصصا، شائعًا بشكل متزايد".

لفتت الدكتورة عائشة إلى أن Trinka هي أداة كتابة بالذكاء الاصطناعي مصممة خصيصا للكتابة التقنية والعلمية؛ ما يجعلها أداة مساعدة لا تقدر بثمن للذكاء الاصطناعي للمحررين والكتاب في المجالات العلمية والتقنية، ومن خلال دمج أدوات مثل هذه، يمكن للمحررين تقليل عبء العمل، وتسريع سيره، وتحسين الجودة الإجمالية لعملهم.

وتابعت: "في الوقت نفسه، يمكن للكتاب والباحثين التعديل الذاتي أثناء ذهابهم، مما يزيد من سلاسة سير العمل والكفاءة".
من جهتها، تقول الأستاذة رشا الدخاخني المترجمة للغة الإنجليزية، الحاصلة على جائزة الشباب للترجمة من المركز القومي للترجمة" إن الذكاء الاصطناعي هو عبارة عن أداة مساعدة، ولن يحل محل العنصر البشري، ليس في المستقبل المنظور".

وأضافت رشا الدخاخني، أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي تساعد في التأليف، ويستعين بها بعض الطلاب في إعداد الرسائل العلمية (الماجستير والدكتوراة) فهي تقنية يمكن الاستعانة بها وتوظيفها، وتساعد في جعل البحث أسرع وأن تكون الترجمة دقيقة، فهي لها حضور قوي في مجال الترجمة، لكن الذي يغذي تقنيات الذكاء الاصطناعي هم من البشر.

وتابعت: "هذه التقنيات لا تساعدنا في فهم الدلالة الثقافية التي وراء النصوص بعمق، أو الوصول لروح النص".

وضربت مثالا يبين ضعف هذه التقنيات، قائلة "الذكاء الاصطناعي لا يساعد مثلا في الحالات التي تحتاج إلى مترجمين بشريين في القضايا التي في المحاكم ليترجموا الترجمة القانونية المتخصصة للقضاة، فالذكاء الاصطناعي أمامه الكثير في هذا الأمر ليتقنه ويحل محل البشر".

من جهتها، قالت مدرس المسرح بكلية التربية للطفولة المبكرة جامعة الإسكندرية، وعضو اتحاد كتاب مصر، الدكتورة شيرين الجلاب، إن تقنيات الذكاء الاصطناعي عظيمة من حيث توفير الوقت والجهد وتجعل العمل أكثر دقة وإتقان، ولكن هي وسيلة وليست الأساس فلا يجب أن تكون مسيطرة، وأن نستغنى عن العقل البشري والمهارات الإنسانية، فالأساس هو المبدع والفنان والباحث والمؤلف بفكره وشغفه وعلمه الإنساني وروحه التي يضيفها على ما ينتجه سواء كان إبداعا أكاديميا أم فنيا أم أي عطاء علمي.

وأشارت إلى أن كتاب أدب الطفل في العالم العربي يواجهون تحديات وعقبات كبيرة اليوم، وسط الانفتاح والأفكار المصدرة من الآخر، بطرق بسيطة جدا عن طريق التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا وثورة تقنيات الذكاء الاصطناعي، لذلك يجب وضع كل هذه التحديات نصب أعيننا والاهتمام بتفاصيلها، ولابد من الكتابة بفكر طفل اليوم، بأساليب تجذبه وتستعيد انتباهه وسط العوالم الافتراضية التي تفصله عن الواقع، ونحقق هذه المعادلة الصعبة، ونقدم إبداعا يحوي شغفا وإثارة وتشويقا بشكل متناغم مع طفل اليوم، لكي يتحرر ولو جزئيا من العوالم الافتراضية المسيطرة عليه.

وبينت الدكتورة شيرين أن رسالتها لأي كاتب للطفل في عالمنا العربي هي "ابحث عن الأسلوب والطريقة التفاعلية التي تساعد طفل اليوم ينجذب مجددا للمعرفة والقراءة والمساهمة في انتزاعه من العوالم الافتراضية ولو حتى لبضع دقائق، المهم نبدأ مجددا أن نجعلهم يعودوا إلى الواقع بشكل إبداعي فني حقيقي يثري القيم والعادات والتقاليد والأعراف في وطننا العربي".

بدوره، قال الشاعر وكاتب الأطفال ومدير تحرير سلسلة سنابل للأطفال التابعة للهيئة العامة للكتاب، عبده الزراع، عن تقنيات الذكاء الاصطناعي، "لست متحمسا لها، وأشعر أنه تأليف بلا شعور ولا مشاعر، الكتابة في ظني لحظة ولادة، فيها متعة وتعب حتى يكتمل العمل ويولد، وتقنيات الذكاء الاصطناعي يغيب عنها هذا بشكل كبير".

وأضاف: "رسالتي للكتاب الذين يرغبون الدخول في مجال أدب الطفل، أن الطريق صعب، وسلمه طويل، يحتاج إلى بداية لموهبة كبيرة، وثقافة واسعة، واطلاع دائم، وحب وإخلاص لأدب الطفل وثقافته باعتباره رسالة سامية، وأن على من يدخله أن يكون لديه الرغبة في تطوير ذاته، والاحتكاك مع أطفال هذا العصر، من خلال ورش الكتابة والحكي والرسم، حتى يتعرف على عوالم الطفل المدهشة، فمن كان مسلحا بالثقافة الرفيعة والوعي الكافي بقيمة هذه الكتابة، ومدى تأثيرها على الأجيال الطالعة، فليدخل إليها، وسيكون من المتميزين فيها".

وفي ظل ما تابعناه بشأن أن كاتب خيال علمي استخدم أدوات الذكاء الاصطناعي ومن بينها ChatGPT لكتابة وتجسيد حوالي 100 كتاب في أقل من عام، حيث قال الكاتب تيم باوتشر في تصريحات لصحيفة New York Post إنه استخدم التكنولوجيا الذكية في نشر 97 رواية صغيرة على مدار 9 أشهر، قال الروائي الشاب محمد مجدي يونس" إن ⁠الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين، وأنا أؤيد التطور التكنولوجي حين يخدم البشرية، ولكني أرفضه شكلا وموضوعا عندما يهدد فكر الإنسان وقدرته على الإبداع والعمل".

وأضاف الروائي، في تصريحات خاصة، "أن استخدام الذكاء الاصطناعي لدعم صناعة الرواية هو أمر جيد، بينما استخدامه لسرقة الأفكار أو تنحية الإبداع البشري غير مقبول".

بدورها، تقول الكاتبة والروائية والسيناريست‏ شاهيناز الفقي" إنه في أحد مواقع الذكاء الاصطناعي تم سؤاله حول قدرته على الحلول مكان الكتابة الإبداعية، فجاءت إجابته بالنفي، ويمكن للذكاء الاصطناعي إنشاء نص بناء على الأنماط التي يتعلمها، لكنه يفتقر للقدرة على فهم المشاعر والتجارب الإنسانية".

الذكاء الاصطناعي ربما يكتب نصا مكتمل الأركان ولكنه لا روح

وأضافت: "من وجهة نظري إن المبدع مثل الفنان الذي يرسم بريشته منظرا طبيعيا أو بورتريه ويضع في اللوحة مشاعره، ومزاجه، ورؤيته، وخبراته، وميوله، ومعتقداته ولمسة من روحه ليتحول لنص إبداعي حقيقي، أما الذكاء الاصطناعي ربما يكتب نصا مكتمل الأركان ولكنه لا روح فيه ولا مشاعر".

وتابعت الكاتبة شاهيناز الفقي: "أنا لا أتخوف من الذكاء الصناعي، ولا أفكر حاليا في طلب مساعدته، فما زال في جعبتي الكثير من الأفكار التي أود طرحها، والخيال الذي أرغب في التحليق معه بحرية، والشخصيات التي تراودني في أحلامي وصحوي أصادقهم وأكرههم وأحبهم وأغضب منهم وأتصالح معهم، وكل ما أتمناه أن يتسع الوقت أمامي للكتابة والتعبير عن كل ما أرغب في مشاركته مع القارئ".

من جهتها، قالت كاتبة أدب الأطفال والروائية هجرة الصاوي "إن برامج الذكاء الاصطناعي لا تحمل تجارب إنسانية وليس لديها ما تقوله، الكتابة تأخذ من روح الكاتب وأنفاسه وعمره، والزمن سيثبت جودتها من فشلها".

وأضافت الروائية هجرة الصاوي، أن الذكاء الاصطناعي سيظل معدا جيدا، آله صنعها الإنسان لخدمته، ومن يقدم أعمالا بالذكاء الاصطناعي باسمه، لا يعد كاتبا حقيقيا يكتب بوجدانه ويضع خبرته في كتاباته ولم يبدع إبداعا أصيلا، بل هو كاتب زائف وارتضى على نفسه أن يصدر أعمالا لا تعبر عن أفكاره أو تجاربه، ربما يحصد جوائز ولكن سيظل كاتبا زائفا.