رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خلاف كنسى على المثلية الجنسية بعد مباركة بابا الفاتيكان زواج المثليين

 بابا الفاتيكان
بابا الفاتيكان

انتشرت مؤخرًا أنباء حول صدور مُباركة من قبل قداسة البابا فرنسيس الأول، بابا الفاتيكان، للزواج المثلي، وهو الأمر الذي أثار جدلًا في الأوساط القبطية خلال الفترة الحالية.

وفي هذا التقرير يستعرض "الدستور" موقف الكنائس المسيحية بشأن زواج المثليين:-

من جهته، قال مونسينيور د. يوأنس لحظي جيد، السكرتير الشخصي السابق لقداسة البابا فرنسيس ورئيس مؤسسة الأخوة الإنسانية المصرية، في تصريحات خاصة، إن إعلان مجمع العقيدة والإيمان Fiducia Suplicans، والمكون من أربعة فصول و45 فقرة، والموقع من الكاردينال فيكتور مانويل فرنانديز، رئيس المجمع، يتعلق بتوضيح "المعنى الرعوي لصلاة البركة".

تقديم صلاة البركة "للأوضاع غير المنتظمة" للمثليين دون الخلط بين ذلك وسر الزواج

وأوضح أنه: يسمح بتقديم صلاة البركة "للأوضاع غير المنتظمة" للمثليين، دون الخلط بين ذلك وسر الزواج المقدس. الإعلان لا يتعلق مطلقًا بقبول وضعهم أو تعديل أي تعليم من تعاليم الكنيسة الثابتة حول الزواج.
 

ولفت السكرتير الشخصي السابق لقداسة البابا فرنسيس إلى أن الإعلان يستخدم تعبير "الأوضاع غير المنتظمة" للدلالة على الأوضاع الشاذة لاتحاد اثنين من نفس الجنس والعيش معًا، وهي أوضاع قائمة، وفي حالة تزايد كبير يدعو الحاملين لعبء المسئولية لتقديم بعض النصائح الرعوية للآباء الكهنة للتعامل مع هذه الوضعيات. 

وتابع: والسؤال هو: هل يجب على الكنيسة تقديم نصائح رعوية بخصوص هذه الأوضاع بشجاعة أم دفن رأسها في الرمال وكأن هذه الأوضاع غير موجودة؟ فأمام ظاهرة ما يطلق عليه "وحدة المثليين" يتساءل الرعاة حول كيفية التصرف والتعامل معهم؟، وقد جاء إعلان مجمع العقيدة والإيمان للرد على هذه التساؤلات، وليس لتغيير تعاليم الكنيسة الواضحة بهذا الشأن، فالرد هو رد رعوي وليس عقائديًا.

9 نقاط خاصة بإعلان مجمع العقيدة والإيمان

وأضاف أنه بعيدًا عن المبالغات الصحفية نود أن نوضح بعض الحقائق الخاصة بإعلان مجمع العقيدة والإيمان Fiducia Suplicans، والتي يمكن تلخيصها في الآتي:

1- يجب التفرقة بين الأوضاع الشاذة للمثليين وسر الزواج المقدس، ولا يجب أبدًا الخلط بينه وبين سر الزواج الذي أسسه الله بين رجل واحد وامرأة واحدة بشكل لا ينحل أبدًا إلا بموت أحد الطرفين. وسر الزواج المسيحي يقوم على تعاليم السيد المسيح والكنيسة المقدسة وأحكام القوانين الكنسية التي لا يمكن لسلطة كنسية أو بشرية أن تغيرها أو تبدلها أو تتخطاها أو تتجاهلها.

2- لا يسمح الإعلان لأي كاهن أن يقوم بأي مراسيم طقسية قد تحتوي أو توحي بأن استقباله للمثليين يقترب من منحهم نعمة سر الزواج الشرعي، أو إعطاء شرعية له.

3-  تقوم فكرة هذا الإعلان على قبول السيد المسيح للجميع، وخاصة الخطأة والعشارين والمنبوذين من المجتمع، لدرجة أنه اتُهم من الكتبة والفريسيين بأنه صديق الخطأة والزناة والعشاريين، وقد أكد السيد المسيح نفسه بأنه جاء لدعوة الخطأة إلى التوبة لا الأبرار، لأن الأصحاء لا يحتاجون إلى الطبيب بل المرضى، وبناء عليه يدعو الإعلان إلى استقبال المثليين الذي يعشون معًا من باب عدم إغلاق باب التوبة أمامهم، ولأن الكنيسة هي أيضًا مثل الأم التي لا يمكن لها أن تنبذ حتى أبنائها العصاة أو البعيدين عن تعاليمها. 

4- يوضح الإعلان أن أولئك الذين يعيشون في أوضاع لا تتوافق مع تعاليم الكنيسة ومبادئها الثابتة وأخلاق الإنجيل يزال بإمكانهم الحصول على البركة بشرط طلبها كاحتياج للشفاء والعودة. ما من شخص يمكنه غلق باب التوبة أمام أحد.


5- لا يمكن لمجمع العقيدة والإيمان أو لأي سلطة بشرية السماح بالخطيئة أو الاعتراف بوحدة المثليين كزواج مقبول. يدعو الإعلان الآباء الرعاة فقط إلى استقبال أولئك المحتاجين والطالبين لمعونة الله، ومنحهم صلاة البركة كي يعيشوا في سلام وبر وتوبة. نقرأ في العدد 31 من الإعلان: يتم منح البركة التي ليس لها قيمة إلهية فحسب، بل هي أيضًا استدعاء لنعمة الله النازلة على أولئك الذين يعترفون بأنهم معوزون ومحتاجون، وأنهم بحاجة إلى مساعدة الله، ولا يطالبون بالاعتراف بشرعية وضعهم، لكنهم يتوسلون أن يتم منحهم وشفاؤهم، وتشجيع كل ما هو صالح حقًا وإنسانيًا في حياتهم وعلاقاتهم بقوة حضور الروح القدس. إن أشكال البركة هذه تعبر عن دعاء إلى الله أن يمنح تلك المعونات التي تأتي من هبات روحه القدوس حتى تنضج تلك العلاقات البشرية وتنمو في الأمانة لرسالة الإنجيل، وتحرر نفسها من عيوبهم وهشاشتهم والتعبير عن أنفسهم في البعد المتزايد للحب الإلهي.


6- يوضح الإعلان معنى صلاة البركة لمن يعيش بطريقة "غير منتظمة"، أي شاذة، ويتضح من قراءة الإعلان أن صلاة البركة هي في الحقيقة "صلاة عفوية" من الكاهن على هؤلاء الأشخاص كي يعمل فيهم الروح القدس كي يصلوا لتنقية أنفسهم والعودة لتعاليم الإنجيل الواضحة وإلى حياة الكنيسة المقدسة.


7-  يسمح الإعلان للآباء الرعاة بقبول طلبات أولئك الذين لا يعيشون وفقًا لمعايير عقيدة الكنيسة الأخلاقية- الواضحة والثابتة والمعلنة- ولكنهم "يطلبون بتواضع أن يحصلوا على البركة"، موضحًا "المعنى الرعوي لصلاة البركة" وهو طلب الروح القدس كي يغير قلوب الذين يحل فيهم ويقودهم لطريق السيد المسيح.


8- يتعلق الأمر بـ"صلاة عفوية" من قبل الرعاة لا بممارسة أي شعائر طقسية أو دينية أو صلوات ليتورجيا قد توحى بأن الأمر يتعلق بقبول هذه الأوضاع الشاذة أو تشكك المؤمنين. 


9- إعلان مجمع العقيدة والإيمان يتعلق بالتعامل الرعوي مع وضع قائم لا سيما في البلاد الغربية، وليس بتعاليم عقائدية أو كتابية تخص عقائد الكنيسة الرسمية والمعلنة في تعاليم المجامع المقدسة والبابوات وتاريخ الكنيسة العريق. 


ونرجو أن نكون قد أوضحنا بهذا الشرح المبسط معنى وغاية إعلان مجمع العقيدة والإيمان Fiducia Suplicans كي لا يسقط أحد في تجربة الانجرار للأخبار الصحفية غير الدقيقة والمبالغات الإعلامية.

كريم كمال: موافقة البابا فرنسيس على مباركة مثلي الجنس عائق جديد أمام وحدة الكنائس

من جهته، قال كريم كمال، الباحث القبطي، في تصريحات خاصة لـ«الدستور»، إن موافقة البابا فرانسيس رسميًا على السماح للقساوسة بمباركة الأزواج المثليين، بحسب ما جاء في وثيقة جديدة تشرح التغيير الجذري في سياسة الفاتيكان، عائق جديد أمام وحدة الكنائس، وتؤكد الوثيقة الصادرة عن مكتب العقائد بالفاتيكان أن الأشخاص الذين يسعون إلى محبة الله ورحمته لا يجب أن يخضعوا "لتحليل أخلاقي شامل"، كي يتلقوا مباركة الكنيسة.

وأضاف كمال: رغم أن الوثيقة تشير إلى أن الزواج سر مقدس مدى الحياة بين رجل وامرأة، فإنها تؤكد كذلك أن طلبات الحصول على مثل هذه البركات "لا ينبغي رفضها تمامًا، وقدم الفاتيكان تعريفًا شاملًا لمصطلح (البركة) في الكتاب المقدس"، لافتًا إلى أن الأشخاص الذين يبحثون عن علاقة مع الله، ويبحثون عن محبته ورحمته لا ينبغي أن يخضعوا "لتحليل أخلاقي شامل" كشرط مسبق للحصول عليها.

وتابع: جميع الشرائع والأديان السماوية ترفض تلك الممارسات التي حرمتها كل الكتب المقدسة تحريمًا واضحًا وصريحًا.

وتساءل كمال: أي بركة يتحدثون عنها لأشخاص يرفضون تلك الشرائع التي تنص بشكل صريح وواضح على أن أي زواج أو أسرة يجب أن تكون بين رجل وامرأة؟، مؤكدًا أن التوضيحات التي تصدر عن الفاتيكان تحاول تجميل الأمر.

وطالب كمال الكنائس الكاثوليكية في مصر بإصدار بيان واضح يوكد رفض زواج أو مباركة مثلي الجنس، مختتمًا: أن قرار قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان بمباركة مثل هذة الحالات عائق جديد وخطير أمام وحدة الكنائس، لأن من المستحيل أن تقبل الكنائس الأرثوذكسية بكل طوائفها تلك الممارسات.

مطران لوس أنجلوس يعرب عن أسفه لمباركة بابا الفاتيكان زواج المثليين

أصدرت إيبارشية لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأمريكية بيانًا رسميًا باللغة الإنجليزية جاء به تعليق الأنبا سرابيون، مطران لوس أنجلوس وجنوب كاليفورنيا وهاواي، حول الوثيقة الجديدة الصادرة عن مكتب العقيدة والإيمان للكنيسة الرومانية الكاثوليكية بالفاتيكان يوم الإثنين الماضي، والموقعة بيد البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، والتي وافق فيها البابا رسميًا على إتاحة فرصة "مباركة" الأزواج المثليين من قبل الكهنة.

وجاء نص تعليق نيافة الأنبا سرابيون كما يلي: في ١٨ ديسمبر ٢٠٢٣ أصدر مكتب العقيدة والإيمان في الكنيسة الرومانية الكاثوليكية إعلانًا حول المعنى الرعوي للبركات، هذه وثيقة رسمية من الفاتيكان وافق عليها البابا فرنسيس ووقعها، بناءً على تعاليمه ورؤيته الرعوية تتضمن النقاط الرئيسية:

أولًا: يظل الإعلان ثابتًا على العقيدة التقليدية للكنيسة الكاثوليكية بشأن الزواج، وهي الزواج هو الاتحاد الحصري والثابت وغير القابل للحل بين الرجل والمرأة، وهو مفتوح بطبيعة الحال لجيل الأبناء، وما يناقضه لا يجوز. وفي هذا السياق فقط تجد العلاقات الجنسية توجهها الطبيعي السليم والإنساني بالكامل. تظل عقيدة الكنيسة في هذه النقطة ثابتة (الفقرة 4).


ثانيًا: لا يسمح الإعلان بأي نوع من الطقوس أو البركات الليتورجية المشابهة للطقوس الليتورجية التي يمكن أن تسبب ارتباكًا.


ثالثًا: يقدم الإعلان مساهمة محددة ومبتكرة في المعنى الرعوي لكلمة "البركة"، السماح بتوسيع وإثراء الفهم الكلاسيكي لـ"البركة المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمنظور الليتورجي".


رابعًا : يركز الإعلان على الرؤية الرعوية للبابا فرنسيس، ويعني تطورًا حقيقيًا في تعريف "البركة" في النص الرسمي للكنيسة، والجزء الأساسي من الإعلان هو أنه يمكن للمرء أن يفهم إمكانية الحصول على "بركات" للأزواج في زواج غير منتظم أو اتحاد مثلي دون التحقق رسميًا من وضعهم أو تغيير بأي شكل من الأشكال تعاليم الكنيسة التقليدية حول الزواج.


تعليقي على هذا الإعلان في نقطتين؛ الأولي معنى "البركة"، والثانية هدف الرعاية الرعوية.


أولًا: معنى "البركة"
فيما يتعلق بمعنى "البركة" قد أسأل لماذا يأتي الأزواج الذين هم في زيجات غير منتظمة أو علاقات مثلية إلى الكنيسة طلبًا للبركة، سواء كانت طقسية أو غيرها؟ فهل يأتون طالبين معونة الله ورحمته ليقودهم إلى الانفصال والتوبة؟ أم أنهم يأتون عمليًا لطلب بركة الكنيسة لإقرار اتحادهم (سواء كان هذا الإقرار رسميًا أم لا) وقبول اتحادهم؟، ويؤكد الإعلان أن مثل هذه العلاقات الجنسية في إطار الزواج غير القانوني أو الاتحاد المثلي هي خطيئة وتتعارض مع تعاليم الكنيسة بشأن الزواج والحياة الجنسية. 
 

متسائلًا: فكيف يمكن للكنيسة أن تبارك ما تعتبره الكنيسة خطيئة؟ أليس هذا ارتباكًا حقيقيًا؟ أم أنه ارتباك فقط إذا كانت البركة طقسية؟ تخيل كاهنًا كاثوليكيًا يدرس فصلًا عن تعاليم الكنيسة حول الزواج والحياة الجنسية، ويوضح بوضوح شديد تعاليم الكنيسة الأخلاقية، وبعد انتهاء الفصل يأتي إليه زوجان في زواج غير منتظم أو اتحاد مثلي ويطلبان البركة فهل يباركهما؟! هل يبارك ما قاله للتو إنه مخالف لتعليم الكنيسة الأخلاقي؟.


ثانيًا: الرعاية الرعوية
من الضروري بالطبع أن تمتد الرعاية الرعوية إلى الجميع، كما أن رحمة الله هي لجميع الناس وخاصة الخطأة، والغرض من الرعاية الرعوية هو قيادتهم إلى التوبة، وتقديم الرعاية الرعوية للذين يعيشون في زيجات غير شرعية أو اتحادات مثلية من خلال مباركة علاقتهم، هل يوجههم هذا إلى التوبة؟ أم أنه سيوجههم فعليًا إلى البقاء في علاقتهم الخاطئة؟


من المفهوم أن يأتي شخص رجل أو امرأة، في زواج غير منتظم أو اتحاد مثلي إلى الكنيسة طالبًا المساعدة ورحمة الله، من خلال بركة الكنيسة لتقويته على التوبة وعيش حياة الطهارة، ولكن إذا جاء رجل مع صديقته أو شريكه إلى الكنيسة وباركت الكنيسة هذين الزوجين، فهل تقودهما الكنيسة إلى التوبة أم أن الكنيسة تقودهما إلى البقاء في الخطيئة ويشعران أن أفعالهما الآن تباركها الكنيسة؟

◄عرض الأمر على المجمع 2024

وأنهي نيافة الأنبا سرابيون تعليقة بشعوره بالأسف بشدة لصدور مثل هذا الإعلان، الذي أحدث بلبلة وانقسامًا في الكنيسة الكاثوليكية، مؤكدًا نيافته أن كنيستنا القبطية الأرثوذكسية في حوار لاهوتي مع كنيسة الروم الكاثوليك، لذا فإن كنيستنا ومع الكنائس الأرثوذكسية الشرقية المتواجدة معنا في الحوار، ستعرب عن قلقنا العميق، ونطلب التوضيح من الكنيسة الكاثوليكية في الحوار اللاهوتي القادم في يناير المقبل ٢٠٢٤، وسوف نرفع ما تم التوصل إليه إلى اللجنة المجمعية المعنية بالعلاقة المسكونية، لعرضها على المجمع المقدس في مارس 2024، لنقرر موقفنا من هذا الحوار اللاهوتي.

ومن هذا نتعلم مخاطر الابتكار. قد نأتي بالتجديد ولكن ليس الابتكار كما فعل هذا الإعلان، من خلال عدم استخدام لغة واضحة في تعاليمه اللاهوتية والأخلاقية. ولنتذكر ما قاله القديس بولس لتلميذه تيموثاوس عندما أوصاه: "يا تيموثاوس، احفظ الوديعة، معرضا عن الكلام الباطل الدنس، ومخالفات العلم الكاذب الاسم" (١ تي ٦:٢٠ ).