رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في عيد جميع القديسين.. الكنائس الغربية: البشر لهم تصورات مختلفة عن السعادة

الكنيسة
الكنيسة

احتفلت الكنيستنين اللاتينية والمارونية بعيد جميع القديسين، وتُذَكِّر الروزنامة المارونية اقتداءً بروزنامة الكنيسة الرومانية بجميع القديسين الذين بلغوا السعادة الأبدية، بما أن عدد القديسين يفوق التسمية والتعداد وبما أنه من غير الممكن إعلان قداسة كل مَن بلغ الملكوت، فلذلك تُعَيِّد الكنيسة اليوم جميع الذين ينعمون بالسعادة الأبدية، أوّل مَن رسَم هذا العيد في هذا اليوم هو البابا بونيفاسيوس الرابع، وتّذكُر الروزنامة المارونية عيدًا ثانيًا مشابهًا لهذا العيد وهو أحد الأبرار والصدّيقين الواقع في الأحد الثاني قبل الصوم.

العظة الاحتفالية

وبهذه المناسبة، ألقت الكنيستين خطبة موحدة قالت خلالها: يتوقُ الناس بأجمعِهم، ومن دون استثناءٍ، إلى السعادة وإلى النعيم، غير أنّ لدى كل منهم تصوّر مختلف عنها، فهي لأحدهم في شهوانيّة الحواس وفي عذوبة الحياة ولآخر في الفضيلة ولآخر أيضًا في معرفة الحقيقة، لذلك، فالّذي يعلّم الناس جميعهم، يبدأ بتقويم الضالّين ويوجّه الّذين هم في الطريق ويرحِّب بالّذين يقرعون الباب، فالّذي هو إذًا "الطَّريقُ والحَقُّ والحَياة" يقوِّم ويوجّه ويرحِّب وهو يبدأ بهذه الكلمة: "طوبى لِفُقَراءِ ٱلرّوح".

وإن حكمةَ هذا العالم الزائفة، والّتي هي حماقة حقًّا، تعلنُ يقينًا دون أن تدركَ ما تؤكّده. فهي تعلنُ طوباويّة بني الغرباء "مَن نَطَقَت بالباطِلِ أَفْواهُهم وَيمينُ كَذِبٍ يَمينُهم" لأنّ "أَهْراؤهُم مُمتَلِئَة تَفيضُ مِن جَميعِ الأَصْناف، وغَنَمُهم آلافٌ ورِبْوات في أَرْيافِهم"، غير أن ثرواتهم كلّها غير ثابتة، وسلامهم ليس السَّلام، وفرحهم حماقة.

أمّا في المقابل، فإنّ حكمة الله، الابن بطبيعته، يمين الآب، الفمّ الّذي ينطق بالحقّ، يعلنُ أنَّ الفقراء المعدّين ليكونوا ملوكًا، ملوك الملكوت الأبديّ هم طوباويّون. وكأنه يقول: "أنتم تبحثون عن السعادة، ولكنّها ليست حيث تبحثون، وتركضون، ولكنْ خارج الطريق. ها هو الطريق المؤدّي إلى السعادة: الفقر الاختياريّ من أجلي، هذا هو الطريق. ملكوت السماوات فيّ وهذا هو النعيم. تركضون كثيرًا، ولكنْ بشكلٍ سيء وبقدر ما تُسرِعون تبتعدون عن الغاية.

فلنتشجّع أيها الاخوة، نحن فقراء، فلنُصغِ إلى الفقير يوصي الفقراء بالفقر. يمكنُنا الوثوق بتجربته. فقيرًا وُلد وفقيرًا عاش وفقيرًا مات. لم يشأ أن يغتني، نعم، لقد قبِل الموت. لنَثِقْ إذًا بالحقّ الّذي يدلّنا على الطريق نحو الحياة. هو طريقٌ شاق، ولكنّه قصير. أمّا السعادة فهي أبديّة. هو طريق ضيّق، ولكنّه يؤدّي إلى الحياة.