رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكرى مئوية ميلاد شريف حتاتة.. منى حلمي:" أبى ولست من دمه"

د. شريف حتاته
د. شريف حتاته

أحيت  الدكتورة مني حلمي ذكري مئوية ميلاد الدكتور شريف حتاته - والذي تحل ذكراه هذه الأيام - (13 سبتمبر 1923 - 22 مايو 2017 ) ببضع كلمات مؤثرة عبر حسابها بموقع "فيس بوك" مستعرضة إياها شريف حتاته الأب والمفكر والسياسي الذى عاشت معه كل عمرها وحتي رحيله.

مني حلمي: شريف حتاته أبي غير البيولوجي

مني حلمي كتبت :" فى مثل اليوم منذ مائة عام ، فى إنجلترا فى برايتون ، وضعت " دوريس " ابنها الأول وأسمته شريف ، الذى كبر ليصبح أبى غير البيولوجي ، وعشت معه كل عمرى . وعندما ذهبت أمي نوال السعداوي، الى أمريكا للحصول على الماجيستير فى أمريكا ، عشت معه بمفردنا فى البيت لمدى عام ونصف . منحنى الحب غير المشروط ، والاهتمام بكل تفاصيل حياتي ، وكان يعطيني منذ صغرى دروسا فى اللغة الإنجليزية ، وكان ينظم وقت مذاكرتي، ووقت راحتي ووقت اللعب، علمني الدقة والنظام ( الإنجليزي " وكل ميزات الانجليز، ولهذا السبب تعودت على التفوق فى كل مراحل حياتي، كما شجعني، على لعب الرياضة بانتظام وجعلها جزءا من الروتين اليومى . تفوقت فى التنس والسباحة على وجه الخصوص، بفضل اهتمامه، وكنا نناديه فى البيت كلنا " أمى نوال وأخى عاطف " باسم " شرف " . كنت أتناقش معه فى السياسة والفن والحب ، وكل شئ أحتاج الى التعمق فيه . وحكى لى عن أمه دوريس ، وأبيه يوسف فتح الله حتاتة ، وكيف التقى بالأم وهو يدرس الاقتصاد فى انجلترا . كان الأب المثالى فى حنانه وحبه والاهتمام . كان حقا جنتلمان . وكل منْ عرفوه أحبوه ، حتى الذين يختلفون معه فى الرؤية السياسية والفكرية والثقافية والأدبية .

وتابعت، كان شرف رجلا رومانسيا  جدا ، يحلم بالمستحيل ، وتغيير العالم المستغل القاهر الفاسد . ونتيجة لعواطفه التى تنشد العدل والحرية ، تم اعتقاله لمدة 13 سنة . وخرج من المعتقل مرفوع الرأس ، قوى الإرادة ، مصرا على الحلم المستحيل . وعندما تفكك الاتحاد السوفيتي فى 26 ديسمبر 1991 ، و حدث انفصال اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية، لم يحيد عن ايمانه بالاشتراكية ولم يكفر بالشيوعية كما فعل غيره  من المنتمين الى الأفكار نفسها، وكانوا يكتبون عن عدم صلاحية الحلم الاشتراكي وفشل الشيوعية.

 بل رأى أن تفكك الاتحاد السوفيتي لا يعنى فساد الحلم، بل تكمن المشكلة فى الحزب الشيوعي وقياداته الفاسدة والفاشية، كما رأى أن نظرية ماركس ولينين فيها قصور فى بعض القضايا يجب معالجتها حتى يصح تطبيقها، وعبر عن ذلك فى أحد كتبه وهو " تجديد الفكر الماركسي" وهذا الكتاب لم يعجب اليسار المصري، والذين يقدسون ماركس ولينين .

رحل قبل ان يرى فيلم “الشبكة” عن روايته فى دور العرض السينمائي  

وأضافت، شرف له 25 مؤلفا ، منهم 20 رواية أدبية وكان الفنان نور الشريف يريد تحويل روايته " الشبكة " الى فيلم سينمائي، ولكنه رحل قبل أن يتحقق المشروع ظل شرف حتى آخر أيامه ، له نشاطه السياسي والأدبي وكان مخلصا فى مبادئه ، فلم يصبح من هؤلاء الذين تحولوا لترضى عنه الأنظمة المتعاقبة، فبقى نظيفا حرا حتى رحل مرتاح الضمير، لأنه لم يقدم التنازلات الرخيصة لكى يعين فى مواقع هامة فى البلد، ما كان يميز شرف أنه كان يحول قناعاته السياسية والفكرية، الى واقع يعيشه لم يعرف الازدواجية البشعة التى تصف ما يسمون بالمثقفين، وأهل التنوير والحداثة والأدب والثقافة، لم يحترم أحدا بسبب نفوذه أو سلطته ، أو ثرائه، ولكنه يحترم الانسان بسبب انسانيته، وأحلامه النبيلة، وإيمانه بالعدل وتشبثه بالحرية. 

واستطردت، " النوافذ المفتوحة " هو اسم سيرته الذاتية فى أجزائها الثلاثة . وهى من أروع السير الذاتية التى كتبت، وعندما سألته عن مغزى العنوان قال لي : " يا نونا ، مهما كانت الظروف قاسية ومحبطة ودافعة لليأس ، تقتل فينا الشغف و الإصرار على الحلم، لابد أن نستمر فى فتح النوافذ ، حتى لو كانت نافذة صغيرة، فإنها مفيدة وضرورية.. المهم ألا نقف فى مكاننا، وأن نظل نبحث عن فتح أفق جديد ، يمنحنا الشعور بذواتنا / هذا درس عظيم من دروس شرف ، أحاول أن أتشبث به . 

واختتمت كلماتها تقول :"وفعلا ، كان شرف النموذج الواقعي المثالي لهذا الدأب الذى لا ينال شيء منه، وقد ورث الدأب من أمه الإنجليزية " دوريس “ . فالإنجليز معروفون بالدأب ، وطولة البال ، ولا يتعجلون قطف الثمار Slowly But Surely ، فى ذكرى ميلاده المئوية ، أقدم لشرف باقة ورد  لن يذبل عبيرها فى القلب،  وعلى جدران الكون، حفر اسمه ، وبصمته النبيلة،  "وحشتنى يا شروفا" ، وأتذكرك كل يوم ، فأشعر بالألم ، وكم هى قاسية وعبثية الحياة لكننى لن أتوقف عن " فتح النوافذ ".