الخطر الكبير.. "فرط الاستخدام" يُحوّل المضادات الحيوية إلى مصدر للأمراض

المضادات الحيوية باتت هي الطريق الأسهل الذي يعرج إليه المرضى في أغلب الأوقات، للحصول على مفعول سريع في الشفاء، دون الاهتمام أو النظر بالآثار الجانبية التي قد يحدثها الإفراط في تناوله والاستسهال في اللجوء إليه دومًا.

ويقع كثير من المرضى في براثن عدم وجود ثقافة لتناول المضادات الحيوية في مصر، ويكونون عرضة لأمراض أشد ومضاعفات أكبر من التي تناولوا لأجلها المضادات الحيوية، بل يصبح لديهم أجسام مقاومة للمضادات الحيوية فلا تأتي بمرور الوقت بالنتيجة المرجوة منها.

هيئة الدواء تحذر من فرط الاستخدام

واتساقًا مع ذلك، حذرت هيئة الدواء من انتشار الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية؛ نتيجة سوء استخدام المضادات الحيوية، لافتة إلى أنه ممكن يسبب خللا كبيرا للمريض، حيث إن نتائجه سيئة.​​

ونصحت بضرورة استشارة الطبيب المعالج لتحديد نوع المضادات الحيوية الأفضل، واستشارة الصيدلي للاستخدام الأمثل للدواء، موضحة أن أكثر من 80% من حالات التهاب الحلق ينتج عن فيروس؛ بينما تستخدم المضادات الحيوية على وجه التحديد للعدوى التي تسببها البكتيريا.

وتابعت: إذا كان طفلك يعاني من التهاب الحلق وسيلان الأنف وسعال؛ فإن الفيروس هو السبب المحتمل، ولا يلزم إجراء الاختبارات الخاصة بالعدوى "البكتيرية"، مؤكدة أنه تستخدم المضادات الحيوية فقط لعلاج التهاب الحلق الذي تسببه البكتيريا العقدية.

مقاومة للمضادات الحيوية

في كل مرة كانت تصاب آية أحمد، 27 عامًا، بنزلة برد حادة، كان الطبيب يعطيها مضادا حيويا سريع المفعول (كورس زوماكس)، حتى اعتادت الأمر وبمجرد شعورها في الشتاء بالإنفلونزا حتى تصرف من أي صيدلية ذات الكورس من المضادة الحيوي الذي كتبه لها الطبيب في المرات الأولى.

تقول: «كل مرة كنت بتعب كان الأطباء يعطوني فورًا مضادا حيويا، حتى لو التعب دا مجرد برد عادي، وكان سريع المفعول مجرد ما يعدي أول يوم من تناول المضاد أتماثل للشفاء، لكن أثره بدأ يظهر في التحاليل اللي احتاجت أعملها لما تعبت في معدتي بسبب التهاب القولون».

أجرت آية تحليل دم ومزرعة بول ليتضح لها أنها أصبح لديها مقاومة للمضادات الحيوية، لذلك لم تعد تجدي معها نفعا وأصابتها بالتهاب في القولون العصبي، وكان عليها أن تجري تحليلات أخرى لمعرفة أنواع المضادات الحيوية التي أصبحت تقاومها لتجد الأشهر استخدامًا وهو زوماكس.

يكشف تقرير من لمنظمة الصحة العالمية أن المضادات الحيوية مستهلكة في أكثر من 65 دولة حول العالم، كان من بينها هولندا التي استخدمت 9.78 جرعة يومية محددة لكل ألف شخص، وأن بريطانيا سجلت مثلي هذا الرقم، وأن تركيا سجلت نحو أربعة أمثاله عند 38.18 جرعة يومية محددة لكل ألف شخص.

عملية جراحية بسبب المضادات الحيوية

كان الأمر أصعب لدى إيمان إبراهيم، التي كانت تعاني من التهاب في المرارة، وتتناول المضادات الحيوية من أجل تجنب نوبات الألم التي تسببها كل يومين:«أوقات كانت المسكنات مبتعملش حاجة مع الألم واضطر أخد مضاد حيوي».

توضح أنها اعتمدت على المضادات الحيوية بكثرة في تخفيف آلام المرارة، حتى أصيب بمقاومة للمضادات الحيوية ونتج عنها إصابة بحصوات في الكلى، وتطلب الأمر إجراء جراحة عاجلة لاستئصال المرارة.

تضيف:«من وقتها وقننت استخدام المضادات الحيوية إلا في الضرورة والاستثناءات فقط وتحت إشراف طبيب، لأنها برغم مفعولها السريع إلا أنها لها أضرار بالغة وصلت إلى حد العملية الجراحية واستئصال عضو».

وأظهرت دراسة حديثة في عام 2021، أجراها فريق من الباحثين في بريطانيا وأوروبا، أن استخدام جرعات أكبر من المضادات الحيوية في محاولة لمعالجة المشكلة المتنامية لمقاومة الأدوية، قد يؤدي إلى تقوية بعض البكتيريا، وأن الجرعات الكبيرة من المضادات الحيوية أبطأت معدل تطوير البكتيريا.