رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأكثر متعة.. ترشيحات النقاد لأبرز عروض المهرجان القومى للمسرح

المهرجان القومى للمسرح
المهرجان القومى للمسرح

زخم كبير يصاحب الدورة السادسة عشرة من المهرجان القومى للمسرح، التى انطلقت فى ٢٩ يوليو الماضى وتستمر حتى ١٤ أغسطس الجارى، على جميع مسارح القاهرة، وهى الدورة التى تحمل اسم النجم الكبير عادل إمام.

وراعت الخريطة الفنية لعروض هذه الدورة ذائقة طبقات مختلفة من الجماهير عبر طرح ٣٦ عرضًا مسرحيًا من مختلف جهات الإنتاج، وتشمل العديد من الألوان والأنواع الفنية الأخرى للتنافس على ٢١ جائزة للمهرجان.

ودعت صفحة المسرح بجريدة «الدستور» نقاد المسرح المصرى إلى تقديم ترشيحاتهم للعروض لجمهور المهرجان، واستقر كل منهم على ترشيح عرض واحد مبرزًا جمالياته الخاصة، وأبرز النقاط والتفاصيل الفنية التى تفوق فيها، ونستعرضها فى السطور التالية.

حمدى حسين: «رضا» يجذب جمهور كرة القدم لأول مرة 

أبدعت فرقة الإسماعيلية القومية فى عرض «رضا» عن شخصية حقيقية تحمل نفس الاسم وكان لاعب كرة قدم فى نادى الإسماعيلى فى فترة الستينيات استطاع أن يُدخل النادى إلى الدورى الممتاز. وحين تعاقد معه نادى الأهلى وقف جمهور الإسماعيلية بالكامل ضد الصفقة، إلى أن عاد مرة أخرى إلى النادى، لكن تأتى نهاية المسرحية صادمة، كما هى فى الواقع بموت اللاعب فى حادث على طريق القاهرة- الإسماعيلية. والعرض مغرق فى المحلية، وحقق نجاحًا جماهيريًا كبيرًا، واستطاع جذب جمهور مختلف إلى المسرح هو جمهور كرة القدم، حيث كان لاعبو نادى الإسماعيلى يذهبون إلى المسرح لمشاهدته، ما جلب إلى العرض أعدادًا ضخمة من الجمهور طوال فترة طرحه.

لمياء أنور:«مسافر ليل» معالجة ساخرة لرائعة صلاح عبدالصبور

كان من حسن حظى أن أكون ضمن لجنة مشاهدة ومناقشة عروض نوادى المسرح بإقليم غرب فرع الإسكندرية، وفى قصر ثقافة الأنفوشى شاهدت عرض «مسافر ليل» تأليف صلاح عبدالصبور، وإخراج أحمد علاء، طالب كلية الهندسة، الذى قدم معالجة معاصرة للنص الأصلى فى إطار كوميدى فلسفى ساخر. واستطاع عبر هذا الإطار من الكوميديا السوداء أن يعالج فكرة العلاقة بين الهيمنة والسلطة عبر تلك العلاقة الملتبسة بين الراكب وعامل التذاكر، وهو ما جعل العرض يستحق -عن جدارة- أن يشارك فى المهرجان القومى، لذا أرشحه لكل من يرجو أن يحصل على قدر من المتعة الفكرية والبصرية بجرعة تمثيلية واعية.

رنا عبدالقوى:«سالب واحد» روشتة لتعامل الأبوين مع ابن معاق

أرشح لك مشاهدة عرض «سالب واحد»، عن رواية «أين نذهب يا بابا» للكاتب جان لوى فيرونية، الذى تدور أحداثه حول أسرة صغيرة من زوجين، يرزقان بابن بعد سنوات من عدم الإنجاب. لكن الصدمة تكمن فى أن الابن يولد معاقًا، ما يصيب الأبوين بحالة رفض وانعزال، ويحاول الزوجان جعل ابنهما طبيعيًا من خلال جلب معلم خاص يعلمه القراءة والكتابة كباقى الأطفال ثم جلب دجال لمعالجته ظنًا منهما أنه «ملبوس»، لكن كل هذه المحاولات تبوء بالفشل، فى النهاية يقرران أن يستمعا إلى نصيحة الطبيبة بأن يضعا الطفل فى مصحة. ويناقش العرض فكرة أن الأزمة الحقيقية التى يمر بها هذا الوطن هى أزمة أخلاق فى المقام الأول، ولأن أصغر وحدة فى المجتمع هى الأسرة، فهى أحد أهم المصادر المهمة للمبادئ والمفاهيم المنظمة لسلوك الأفراد.

ويناقش العرض أفكارًا رئيسية مثل التنمر وطرق التعامل مع الأفراد ذوى الهمم ومختلفى القدرات، كما يناقش أفكارًا فرعية مثل علاقة الأب بابنه المعاق وعلاقة الأب والأم فى حالة وجود ابن من ذوى القدرات الخاصة، وبالتالى علاقتهما بالمجتمع المحيط بهما.

أحمد خميس:«سيدتى أنا» نموذج لاستخدام التكنولوجيا فى بناء الديكورات

حينما يتصدى مبدع له أهميته فى مجال المسرح لمنتج جمالى له ذكرى طيبة عند الجمهور، ويحاول تقديم رؤية جديدة له فإنه يضع نفسه وفريق عمله فى مقارنة صعبة للغاية.

هذا فى تصورى ما فعله المبدع محسن رزق الذى غامر بتاريخه حينما تصدى لإخراج «سيدتى أنا» عن المسرحية الشهيرة لبرنارد شو «بجماليون» التى سبق وقدمها الثنائى العبقرى فؤاد المهندس وشويكار، تحت اسم «سيدتى الجميلة» إخراج المبدع حسن عبدالسلام. 

العرض الجديد للمسرحية يمتاز بإعداد مختلف وذكى عن النص الأصلى، بذل فيه محسن رزق الكثير من الجهد كى يبعد تمامًا عن العرض المصرى الشهير، ويقترب من روح العرض الغنائى الاستعراضى.

الحقيقة أنه نجح فى ذلك من خلال بناء فنى ملىء بعناصر الإبهار والمتعة وبعيد تمامًا عن التناول العبقرى لفريق العرض المصرى القديم، الذى يمثل أيقونة لكل عشاق فن المسرح فى مصر والبلاد العربية.

ما أعجبنى بحق فى التناول الجديد هو فطنة حمدى عطية، مصمم الديكور، الذى اعتمد على التنويع فى المناظر واستخدام التكنولوجيا فى بناء ديكورات العرض، وكذلك وعى مصمم الجرافيك الذى يعرف ذائقة المتلقى الراهن.

وأعجبتنى أيضًا مرونة ووعى مروة عودة، مصممة الملابس، التى تمزج فى تصميماتها بين الزى الكلاسيكى القديم وروح العصر التى تتجاوب مع الاستعراض وسرعة الإيقاع، وكذلك عز حلمى، مصمم الإضاءة، الذى يتطور ويصقل موهبته يومًا بعد يوم، وأيضًا كلمات الأغانى الشيقة التى كتبها عادل سلامة ولحنها محمود طلعت.

كما أعجبتنى استعراضات مصطفى حجاج، وأظن أننا أمام عمل مصنوع بعناية كى يجذب جمهورًا عريضًا، يحتفى بأهمية وكفاءة العروض المسرحية التى تعتنى بالغناء والاستعراض ليكونا أساس روح التناول.

رشا عبدالمنعم : «الرجل الذى أكله الورق» يُجسد الواقعية السحرية

«الرجل الذى أكله الورق» عرض أعدّه محمد الحضرى عن نص «رطل من اللحم» لأوجستين كوزانى، المستلهم من أحداث قصة «تاجر البندقية» للأديب الإنجليزى ويليام شكسبير، مع مفارقتها فى بناء الشخصيات والدلالات المصاحبة للعرض.

وتدور أحداث المسرحية حول محاكمة «إلياس بيلوبر» كاتب الحسابات الذى رغم عمله الشاق لا يستطيع الوفاء بالتزامات الحياة، وحين يمرض يلجأ للاقتراض من «شايلوك» المرابى الذى يشترط اقتطاع رطل من لحمه إذا عجز عن سداد الدين.

وخلال المحاكمة يحاول الدفاع الدفع بتنفيذ شرط «شايلوك» القاسى، فيذكر المحكمة أنه وفقًا للقانون الإنجليزى، عليهم أن يقتطعوا هذا الرطل دون إراقة نقطة دم واحدة وإلا التزم «شايلوك» بالتنازل عن ثلث ممتلكاته لـ«بيلوبر، لكن الدفاع يفاجأ بفساد تلك الحجة حين يثبت الطبيب أن جسد «بيلوبر» خال من الدم.

ويقدم المخرج أحداثه فى إطار صورة تجسد عالمًا غرائبيًا مجازيًا يتسم بجماليات القبح ومشهدية تجسد حالة من الواقعية السحرية.