رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صيفك عندنا!

 

 

لا أعرف حقيقة هل تهتم هيئة تنشيط السياحة بالمصريين فى الخارج أم لا؟.. أعرف أن وزارة الهجرة هى المختصة بالمصريين فى الخارج، ولكننى أنظر لهم هنا من زاوية أخرى.. إننى أنظر للمصريين فى أنحاء العالم كسائحين محتملين فى مصر.. فى السبعينيات والثمانينيات كان المصريون حديثى عهد بالغربة.. ما إن يحصلوا على إجازة الصيف حتى يشدوا الرحال لمصر لملاقاة الأهالى فى القرى والمدن.. كان يشجع على هذا أن حكومات الدول العربية كانت تتكفل بسداد تذاكر السفر للعاملين بنظام الإعارة الحكومية.. كان شهر رمضان والأعياد تصادف الصيف فى سنوات كثيرة، حتى تخيلت وأنا طفل أن رمضان لا يأتى إلا فى الصيف!.. كان هذا يشجع أكثر على قضاء الإجازات فى مصر بصحبة الأهل فى الأيام المباركة.. الآن اختلف الحال.. أصبح السفر للعالم سهلًا.. ولدت أجيال من المصريين فى الخارج تقضى إجازة الصيف خارج مصر.. العاملون فى دبى يقصدون لندن أو تايلاند.. المهاجرون لكندا قد يذهبون للمكسيك.. المهاجرون لأمريكا قد يذهبون لليونان.. مطلوب أن نجتذب هؤلاء المصريين إلى مصر.. أن نجعلهم هدفًا لحملات ترويج تُصنع خصيصًا لهم.. الشعارات العاطفية لا تكفى لجذب المصريين فى الخارج لقضاء الإجازة فى مصر.. ليس كل المصريين مثل محمد صلاح الذى يقضى إجازته فى الغردقة كل عام حبًا فى لقاء أسرته وزيارة وطنه.. يجب أن نفكر ما الذى يجذب الجيل الثانى من أسرة مصرية مهاجرة للمجىء إلى مصر.. شاب ولد فى دبى عام ٢٠٠٠ مثلًا.. ما الذى يدفعه للمجىء إلى مصر؟ هذا الشاب غالبًا هو الذى يعارض رغبة والده فى العودة لمصر فى الصيف، ويقترح عليه رحلات سياحية وعروضًا يكتشفها عبر الإنترنت.. قد يكون ما يجذب هذا الشاب مثلًا أن تصمم هيئة السياحة برنامجًا سياحيًا يتضمن زيارة تدريبات فريق الكرة فى الأهلى أو الزمالك، والتقاط الصور مع مشاهير اللاعبين.. أو أن يتضمن البرنامج مثلًا زيارة لاستديوهات السينما والتقاط الصور مع مشاهير النجوم.. هذه تفاصيل سهل ترتيبها مع إدارات الأندية وشركات الإنتاج الكبرى، والتقاط الصور لا يستغرق سوى دقائق.. من المهم أن يشعر المصرى العائد بأنه سيعامل فى مصر بطريقة لن يجدها فى أى بلد سياحى يقصده.. أن يتاح له لقاء سهل بالمشاهير أو المسئولين، أو تنظم له زيارات خاصة مجانية لمدن مثل الجلالة والعلمين.. الاعتماد على المخزون العاطفى وحده لا يكفى.. لا بد من صفقة يربح فيها الطرفان.. الوحدات السكنية فى المدن الجديدة يمكن أن تُطرح للمغتربين بخصم حقيقى مقابل سداد ثمنها بالعملة الصعبة.. لو افترضنا أن هامش ربح وزارة الإسكان فى كل وحدة ٢٥٪، فإن عليها أن تقدم خصمًا كبيرًا على ثمن الوحدة مقابل سداد ثمنها بالدولار.. المصريون فى الخارج كانوا دائمًا مطمعًا لجماعة الإخوان الارهابية لأسباب تاريخية.. الإخوان الذين هربوا من مصر فى الخمسينيات والستينيات شكلوا الجيل الأول من العاملين المصريين فى الدول العربية.. تم احتضانهم لأسباب مختلفة.. ساعدهم هذا فى احتكار تجارة العملة والإضرار بالاقتصاد منذ السبعينيات.. مصدر العملة الأول هو العاملون بالخارج.. فى كل بلد عربى كانت شبكات الإخوان تتسلم العملة هناك وتسلمها هنا.. حققت الجماعة مليارات من التجارة المحرمة.. فى السبعينيات ظهر سامى على حسن ولقب باسم إمبراطور العملة.. كان إخوانيًا مستترًا وأخوه كان زعيم إخوان الخليج.. فى الغالب كان واجهة لشقيقه.. روى ذكرياته فى سلسلة حوارات شيقة على قناة دريم.. قال إن الوزراء ورؤساء الشركات ذهبوا له فى أوائل الثمانينيات ليدبر لهم المبالغ اللازمة للاستيراد.. فيما بعد اخترع الإخوان جيلًا جديدًا من تجار العملة عرفوا باسم شركات توظيف الأموال.. كانوا مجرد واجهة للجماعة استخدمتهم حتى تم حرقهم.. تمامًا مثل سامى على حسن الذى عاش سنوات طويلة فى الظل بعد أن انتهت الحاجة لدوره.. ما أقوله إن المصريين فى الخارج كانوا دائمًا هدفًا لجماعة الإرهاب لأسباب اقتصادية وسياسية لا تخفى على أحد.. لذلك مطلوب جهد أكبر من هيئة تنشيط السياحة ووزارة الهجرة لاجتذاب المصريين فى الخارج لقضاء إجازاتهم فى مصر كخطوة أولى.. لنطلق حملة تحمل شعار صيفك عندنا.. أو صيف معانا أو صيف فى مصر.. علينا أن نجتهد فى حرب اجتذاب المصريين لمصر، لأن منافعها كثيرة جدًا جدًا ومن كل الجهات.