رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تحديات الجمهورية الجديدة.. اتحادات «تطفيش» المواهب المصرية

تواجه الدول تحديات دائمة ومستمرة في مسيرتها وتاريخها، ومع تغير الأزمنة والأنظمة تتغير التحديات وتتطور مع تطور المجتمع وتوسعه وتفرع طبقاته ومؤسساته، وهو ما يحدث مع الجمهورية الجديدة كمرحلة جديدة تمر بها مصر حاليًا.

فالجمهورية الجديدة لها تحدياتها ومشاكلها التي تعمل الدولة على تجاوزها وحلها من أجل مستقبل أفضل لمصر والمصريين، في هذه المساحة نحاول تسليط الضوء على أبرز هذه التحديات، لعل الإشارة تكون عاملًا مساعدًا للجهود الكبيرة التي تتم من أجل غدٍ مصري أفضل.

كنت قد كتبت الأسبوع الماضي عن القوى الناعمة المصرية واحتياجنا إليها، وكنت أنوي استكمال الكتابة في هذا الموضوع، ولكن حدث ما جعلني أتراجع وأغير الموضوع، فقد طالعتنا مجموعة من المواقع الإخبارية المختلفة بنبأ اعتذار معجزة تنس الدولة  اللاعبة هنا جودة عن عدم المشاركة في بطولة إفريقيا للناشئات تحت 19 سنة، والتي ستقام الشهر المقبل في المغرب.

الخبر كان يبدو غريبًا وغير متوقع فلماذا تعتذر ابنتنا الموهوبة المتميزة والتي يعتبرها الكثيرون حول العالم أسطورة في تنس الطاولة عن عدم المشاركة في بطولة إفريقيا، والتي تعرف أكثر من غيرها أنها ستعود إلى مصر بميدالية، وأنها مضمونة بإذن الله؟ فلماذا تفرط فيها وتعتذر عن عدم المشاركة في البطولة من الأصل؟، وكما يقال إذا عرف السبب بطل العجب، فقد أفادت الأخبار بأن اعتذار اللاعبة ـ التي تُعد حاملة اللقب للبطولة ـ يأتي لرفض الاتحاد المصري لتنس الطاولة سفر مدربها الشخصي معها، حيث اشترط أن يكون المسئول عنها فنيًا خلال البطولة أحد المدربين المعينين في اتحاد اللعبة، وأن المفاجأة كانت بموافقة مسئولي اتحاد تنس الطاولة الفورية على اعتذار اللاعبة ورفع اسم هنا جودة من قائمة اللاعبات المصريات المشاركات في البطولة.
الحقيقة هنا ربما للحظة لم يستطع عقلي استيعاب صدمة هذا المنطق، كيف يقبل اتحاد أي لعبة في العالم ولو كانت حتى لعبة " كيك عالعالي" أو "استغماية"، أن يقبل اعتذار لاعب أو لاعبة موهوبة ومعروف عنها التميز عن بطولة دولية مهمة وهو يعرف تمام المعرفة والعلم أن هذا اللاعب أو اللاعبة سيأتي له بميدالية بشكل شبه مضمون؟، فما بالك إذا كانت هذه اللاعبة هي أصلًا حاملة لقب البطولة، أي أن الميدالية المتوقعة هي الذهبية وأنها مضمونة "زي السلام عليكم" كما يقول المصريون في حديثهم بين بعضهم البعض عند الحديث عن شىء من شبه المؤكد حدوثه.

فعليًا لست أدري أي نوع من المسئولين واتتهم الشجاعة لاتخاذ هذا القرار؟ بطلة دولية وإقليمية يتسببون في اعتذارها عن بطولة دولية كبيرة ومهمة، لمجرد سفر مدرب لا علاقة له باللاعبة ولم تتدرب معه ولا تعرفه ولا يعرف عنها شيئًا، لذا من الطبيعي بل والبديهي أن تطلب سفر مدربها الخاص معها للبطولة وهو الذي يعرف مستواها ويعرف كل صغيرة وكبيرة عنها وهو أحد الأشخاص الذين أوصلوها إلى هذا المستوى والتميز، هل يحدث هذا لمجرد أن الدور في السفر قد جاء على المدرب المجهول؟، هل يحدث هذا ربما لأن هناك من أوصى  بالمدرب أو أنه له واسطة و"ضهر" فيجب أن يسافر هو دون غيره ولو على حساب مستقبل لاعبة متميزة وموهوبة وعلى حساب ميدالية دولية شبه مضمونة لمصر وتضاف إلى رصيدها وإنجازاتها؟.


ألم نتخذ مما حدث مع اللاعب أحمد بغدودة عبرة وعظة، ماذا ننتظر من هذه التصرفات غير المحسوبة وغير المسئولة وغير المنطقية والمعقولة؟، هل هناك خطة لاستهداف وتطفيش المواهب المصرية؟، هل يعرف السادة المسئولون أن قراراتهم العبثية غير المنطقية ستكلف الدولة ثمنًا باهظًا وقد تتسبب في تطفيش موهبة مصرية متميزة يتمنى أي اتحاد وأي دولة أن يكون لديهم لاعبة وموهبة مثلها؟!.

لماذا أصبح بعض المسئولين متخصصين في إحداث المشاكل وإشعال الأزمات؟، لماذا أصبحوا متخصصين في إحباط ووأد وتطفيش المواهب المصرية بقرارات تخاصم العقل والمنطق، وليس لها سبب سوى وجود قصور نظر إداري ومهني أو ربما أسباب أخرى  كالواسطة أو المحسوبية أو شبهات يحاول البعض إخفاءها، هل يجب في أزمة تحدث ويتكون معها  رأي عام  أن تتطلب تدخلًا من رئيس الدولة أو رئيس الوزراء في أفضل الأحوال؟، هل تابع مسئولو اتحاد تنس الطاولة مجريات أزمة لاعب المصارعة أحمد بغدودة ووجدوا أن العقاب والإجراءات لم تكون على المستوى المطلوب، فأقدموا على قرارهم غير المنطقي والذي دفع هنا جودة للاعتذار عن البطولة؟، كيف سيبررون هذا التصرف مع حالة الغضب المتصاعد ضد الاتحاد وقراره؟.

أخيرًا.. الأسئلة تواصل فرض نفسها، هل أصبحنا  أمام عرض مستمر لمسلسل قيام الاتحادات أو المسئولين بتطفيش المواهب المصرية، وأن هذا المسلسل بدأ من الاتحادات الرياضية، ومن الممكن أن نجده في مكان ومجال آخر؟!، ما يحدث يحتم علينا أن نتوجه برسالة إلى الجهات المعنية وإلى المسئولين الكبار في  الدولة المصرية الوزراء ورئيس الوزراء وحتى رئيس الجمهورية لمتابعة ووقف مسلسل تطفيش المواهب المصرية واتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الشأن، فمن أمن العقوبة أساء التصرف، ويكفي المواهب المصرية ما يطالها من سوء التصرف والقرارات.