رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تنمية وحوار

ليست مصادفة أن يجتمع بدء جلسات الحوار الوطنى مع بدء موسم حصاد القمح فى شرق العوينات.. بحضور الرئيس السيسى.. كلا الحدثين يحمل رسائله.. زيادة المعمور المصرى ومد الرقعة الزراعية وتطوير التصنيع الزراعى رسائل أمل هامة ودلائل على عمل جاد ومخطط يرد على شائعات الإرهاب والفساد.. منذ فترة تروَّج مجموعة من الأكاذيب هدفها إحباط الناس.. ادعاءات كاذبة بأن كل المشاريع فشلت وأن كل الجهود ذهبت سدى وأن كل ما تم من جهد وعمل وعرق كان خبط عشواء ولا هدف له سوى الدعاية السياسية!.. خطة جهنمية لاستغلال لحظة إحباط ناتجة عن أزمة عالمية لها انعكاس محلى.. والهدف هدم كل شىء وأن ندخل دائرة جهنمية مثلما هو حادث فى الجنوب والغرب والشرق منا.. من الوارد طبعًا أن هناك استثناءات بسيطة لمشاريع لم تحقق الهدف الفورى من إنشائها وقد تحدث الرئيس نفسه عن بعضها.. من هذه المشاريع مثلًا مدينة الأثاث فى دمياط.. ولكن تأخر إشغال المشروع لا يعنى فشله.. ربما يحتاج لإدارة جديدة.. ثم هذا مشروع من ضمن ما يقارب عشرين ألف مشروع تنموى فى مختلف المجالات.. خطط التنمية التى نفذت فى مصر خلال التسع سنوات الأخيرة ليست من بنات أفكار اللحظة.. هذه خطط تدرس منذ الستينيات ولم تكن هناك الإرادة أو الإمكانات لتنفيذها.. منها مثلًا مشروع توشكى نفسه.. كان فى الأدراج منذ الستينيات وأخرجه د. كمال الجنزورى، رحمه الله، لحيز التنفيذ فى ١٩٩٧.. واجهته صعوبات ولم تقم الشركات الخاصة التى حصلت على الأراضى بما عليها.. لم تتخط كمية الأرض المزروعة عشرة آلاف فدان.. أعادت مصر إحياء المشروع خلال ثلاث سنوات فقط ومدت شبكات الرى والكهرباء والطرق اللازمة وفجّرت الحاجز الصخرى الذى كان يمنع سير المياه من بحيرة ناصر حتى توشكى.. الآن يتم العمل لاستصلاح مئات الآلاف من الأفدنة.. مشاريع مثل توشكى وشرق العوينات ترد على شائعات أبواق الإرهاب وعلى أسئلة مثل: لماذا توسعنا فى إنتاج الطاقة الكهربائية منذ ٢٠١٤؟.. الإجابة هى أننا أنتجنا طاقة تكفى المناطق العمرانية الجديدة فى توشكى وشرق العوينات والدلتا الجديدة ومستقبل مصر.. أنتجنا طاقة تكفى لميكنة وإنارة وتصنيع خمسة ملايين فدان صحراوى مستهدف ضمها للرقعة الزراعية.. هل يعنى هذا أن الخمسة ملايين فدان تم استصلاحها بالفعل؟؟.. لا طبعًا وإلا «ما كانش حد غلب» كما يقول المثل السائر.. هذه الأراضى تم استصلاح بعضها ودخل فى حيز الإنتاج كما رأينا فى شرق العوينات وتوشكى.. وما زال العمل جاريًا فى استصلاح مساحات أخرى فى الدلتا الجديدة ومستقبل مصر.. ما الذى يدعو للأمل إذن فى مشهد أمس؟.. ما يدعو للأمل هو وجود رؤية واضحة تستند على دراسات وعلى تحقيق كل ما طالب به خبراء التنمية منذ عقود.. الآن لدينا تصنيع زراعى هدفه إضافة القيمة للمنتجات الخام.. لم نعد نصدر البطاطس التى تنتجها شرق العوينات فى شكلٍ منتج خام ولكن نصنعها فتزيد قيمتها عدة أضعاف ونوفر نحن فرص عمل أكثر واستثمارات أكثر.. وأرباحًا أكثر.. ولكن فى الحقيقة من المهم أن تترجم إدارة المشروع توجيهات الرئيس لخطوات يلمسها الناس.. الرئيس يقول مثلًا إن هناك مئات الوظائف متاحة فى توشكى وشرق العوينات.. مطلوب من إدارة كل مشروع إعلام بالوظائف الخالية عبر وسائل الإعلام واختبارات للفوز بهذه الوظائف لكى يشعر المواطن أنه شريك فى التنمية وأن ما يحدث فى توشكى يعود عليه بالخير فى القاهرة أو المنوفية أو الشرقية أو أى مكان يعيش فيه.. نفس الأمر بالنسبة لدعوة القطاع الخاص للاستثمار فى المناطق الجديدة.. ليس مطلوبًا أن يشعر المواطن أنها دعوة مجردة.. مطلوب أن تتحول لمباحثات مع مستثمرين ثم اتفاقات معهم يطلع عليها الرأى العام.. فيشعر أنه شريك فيما يحدث من تنمية ويكذب عقله الشائعات التى يرددها الإرهابيون مباشرة دون أن يقول له أحد إنها كاذبة.. رسائل التنمية والحوار هى رسائل هامة تقول إن المصريين يمضون فى طريقهم يدًا بيد وبخطى واثقة مهما كانت التحديات والصعوبات.