رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وتد خيرى شلبى.. المرأة حارس العائلة المصرية

أم مثالية بجدارة، وسيدة ريفية قوية وواقعية، عشنا معها، جعلتنا نشعر بأنها كبيرة العائلة، الحاجة فاطمة تعلبة، بطلة رواية "الوتد" للكبير خيري شلبي، والذي رسم "تعلبة" كما فى الحقيقة تمامًا، جعلها الوتد الضارب في الأرض، وحارس عِقد العائلة الكبيرة من الانفراط، داخل بيت واحد كبير. 

خيري شلبي رسم شخصية المرأة المصرية في نموذج فاطمة تعلبة، أبدع في نسج صورة المرأة الريفية، العاملة بجد، المكافحة في بيئة خشنة، يوضح مسيرات سيدات هن حقًا أمهات مثاليات، ربما منسيات، يحققن بطولات يومية، ولا يبحثن سوى عن لمّ شمل العائلة والحفاظ عليها، وعلى ممتلكاتها.

فاطمة تعلبة في رؤية خيري شلبي كانت أسطورة، حكيمة، تجمع بين عراقة النسب، والذكاء الفطري، والأمومة الدافئة، تعرف ما يفكر فيه أبناؤها من نظرة عين، عندها الحل لكل المشكلات، بل وتسبق المشكلة بخطوة لتجنب عائلتها العواقب.

"وتد خيري شلبي" كان شخصية الحاجة فاطمة، أم لسبعة رجال، كانت لهم كل شيء، واستطاعت أن تكون على قدر المسئولية، وحمت أبناءها من فتنة الفرقة.

الحاجة فاطمة تعلبة اعتمدت في تحقيق كل ذلك على ابنها الأكبر، الذي اتخذته ابنًا، وأخًا، وصديقًا، الحاج درويش، في واحد من أهم كنوز الدراما المصرية، مسلسل "الوتد"، دار حوار بين الأم «فاطمة» والابن «درويش» عند عرض وظيفة "العمدة" عليه، ذهب أبا الحاج درويش لأمه الحاجة فاطمة ليأخذ رأيها ويستفيد من حكمتها ورجاحة عقلها، فإذا بها تنصحه برفض العمودية، ودار حوار رائع قالت خلاله "تعلبة": "ارفض يا درويش العمودية حتى لو كنت فرحان بيها"، فسألها "درويش" في استغراب عن السبب، فقالت له: "إنت عمدة من غير ما تبقى عمدة، الناس كلها بترجعلك في كل كبيرة وصغيرة، ورأيك اللي بتقوله ماشي على الكبير والصغير في البلد لأنهم ‏بيحترموك ويقدروك وبيبوحوا بأسرارهم كلها معاك من غير خوف ولا تفكير لأنهم واثقين فيك، لو حد غيرك كان يفرح بالعمودية، لكن إنت عمدة من غير ما تبقى عمدة"، هنا رد عليها الحاج درويش بجملة نطق بها فؤاد من تابع المسلسل قبل لسان "درويش" نفسه: "أنا بحبك قوي يا أما". 

حالة من الانسجام والحب والتفاهم، كانت بين "تعلبة" و"درويش"، لم يستطيع أبا الحاج درويش الانتظار في الحياة بعد مرض أمه، ومات همًا وحزنًا عليها، وماتت هى الأخرى بعده بفترة قصيرة.

نجحت شخصيات «الوتد» في تجسيد حياة القرية البسيطة، ومشكلات الفلاحين، والزراعة، والقطن، أهم محصول اعتمد عليه الاقتصاد المصري في فترة كبيرة من تاريخه، التعاون بين أفراد الأسرة، رغم أن هذه الفترة من تاريخ مصر كانت صعبة، إلا أن دفء الأسرة المصرية كان هو السائد.

 "الوتد" لا يزال موجودًا بصورة حقيقية كما جاء في المسلسل، فأبا الحاج درويش لا يزال موجودًا في بعض الأسر، وكذا الحاجة فاطمة، لكن ليس بنفس العمق والصورة المرسومة.

العاملون في «ماسبيرو زمان»، بالتليفزيون المصري، قرروا إذاعة روائع الدراما التي نتشوق إليها، ومنها «الوتد»، خطوة عظيمة لاستعادة عشاق الدراما المصرية، وفي رأيي فإن إذاعة هذه الروائع عبر قنواتنا الفضائية ستكون خطوة ممتازة نحيي بها تراثنا الدرامي.