رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«ما زالت تريد حلًا».. المرأة ترفض الوصاية فى الواقع والدراما

قدمت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة عام ١٩٧٥ فيلم «أريد حلًا»، وناقشت فيه حق المرأة المصرية فى الطلاق والخلع من منطلق واقعى درامى.

«أريد حلًا» أثار جدلًا واسعًا حول تشريع قانون الخلع فى مصر، وأثار غضب الجماعات الإسلامية وقتها، وصور على أنه عمل يتآمر على الشريعة، رغم أن الفيلم قدم مسارًا صحيحًا للمشرعين، بعد أن اعتمد على الدين والتراث والتقاليد.

وعلى مدى ما يقرب من ٥٠ عامًا، قرر صناع الأعمال السينمائية مناقشة عدد من القضايا المختلفة التى تخص المرأة، ومنها التحرش، وعُرض فيلم «٦٧٨»، وبسببه فتح باب للنقاش حول عقوبة التحرش فى القانون المصرى.

أما الدراما، فقدمت، خلال السنوات الماضية، أعمالًا ناقشت العديد من قضايا النساء، لكنها اكتفت بوضع المجتمع أمام مرآته، ولم تقترب كثيرًا من القضايا الدينية أو القانونية.

ولأن الفن أداة التغيير الحقيقية فى المجتمعات، خاصة أن المجتمع المصرى يقدر الفن ويعى تمامًا أنه أحد أهم قواه الناعمة، قررت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية تسليط الضوء على نماذج حقيقية للمرأة المصرية التى نالت دعمًا قويًا من القيادة السياسية لتكمل مشوارها فى بناء الوطن.

المتابع لدراما رمضان هذا العام بالتأكيد لفت نظره مسلسل «تحت الوصاية»، هذا العمل الذى دقت له قلوبنا جميعًا، وأثبتت به منى زكى أنها فنانة بارعة، جعلتنا نشعر، رغم استمتاعنا، بـ«الخنقة» والرغبة فى المساعدة.. مساعدة «حنان» أو «ليلى»، فى الحقيقة هى مساعدة كل أم حاولت جاهدة حماية أبنائها بكل ما تملك من قوة وثبات.

أعلم جيدًا أن كثيرًا من متابعى المسلسل لم يكن لديهم علم بمفهوم «الوصاية» والأوضاع القاهرة، لكنهم عرفوا الآن أن الكثير من السيدات يعانين بعد وفاة الزوج وترك الأولاد القُصر لها، ثم تواجه الأم بعد ذلك قضايا الميراث وأطماع الأعمام وإجراءات المجلس الحسبى.

السؤال الذى أظن أنه دار فى أذهان الجميع هو كيف تتعامل الأم مع متطلبات أولادها القُصر إذا كان هناك أفراد فى عائلة الأب المتوفى لا يعرفون سوى مصالحهم، وبموجب القانون لا يحق للأم الولاية على أبنائها، وتصبح غير قادرة على اتخاذ قرار حتى فى استخراج أوراقهم الرسمية.

منى زكى وصناع «تحت الوصاية» وضعوا المجتمع أمام ضميره، خاصة أن الوصاية المالية للمرأة موجودة فى مقترحات المجلس القومى للمرأة أمام اللجنة المختصة بوضع قانون الأحوال الشخصية الجديد، لتغيير قانون صدر قبل ٧١ عامًا.

قضية أخرى ناقشها صناع مسلسل «حضرة العمدة» هى «تمكين المرأة»، وبرعت الفنانة روبى فى طرح القضية، خاصة فى المجتمع الصعيدى، وتطبيق التمكين فى قرية صغيرة «تل شبورة» فى مجتمع ريفى صعيدى مغلق على أهله، تخشى المرأة فيه حتى الحديث مع زوجها، وكأنه «وحش» يعيش معها.

فى «حضرة العمدة» طرحت وبقوة قضية ختان الإناث، ووضعت ضمائر المشاهدين أمام قصة حقيقية لفتيات يقعن ضحية لعادات «رذيلة»، كما كشفت روبى للجميع عن عقوبة ختان الإناث وتقطيع أجزائهن بدعوى «الطهارة»، ووصلت بطريقة سهلة وبسيطة لعقول مختلف طبقات وثقافات المجتمع المصرى.

المرأة فى «حضرة العمدة» رفضت الوصاية، وزواج القاصرات، والابتزاز الإلكترونى، أعادت أذهاننا لقضية «بسنت خالد»، بعد أن جعل صناع المسلسل العقول تفكر والقلوب تشعر، والعديد من الفتيات يرفضن كل ما هو مفروض عليهن عُنوة.

وفى الحقيقة لدىّ سؤال لنا جميعًا كمجتمع ودولة ووطن: هل يكون «تحت الوصاية» ضربة البداية لتغيير القانون من نص جامد إلى مرونة توافق العصر، كما فعل فيلم «أريد حلًا» لفاتن حمامة؟ وهل سيكون «حضرة العمدة» سببًا فى تغيير أنماط سلوكية عفا عليها الزمن فى مجتمعنا؟.. أتمنى.