رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

في ذكراه.. أشهر رهبان دير الأنبا بولا بالبحر الأحمر

أبونا فانوس
أبونا فانوس

"لما حد يغلط فيك قول له سامحني الله يسامحك وسامح وأنسى عشان تروح السما".. كانت تلك أشهر كلمات الراهب الراحل "أبونا فانوس" أحد أشهر الرهبان في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وهو القمص ابيفانيوس، الشهير بلقب أبونا فانوس الأنبا بولا الذي رحل عن عمر يناهز 87 عامًا، والذي تحتفي به الكنيسة اليوم الأربعاء 19 أبريل، وخاصة رهبان دير الأنبا بولا بصحراء البحر الأحمر برئاسة الأنبا بولا أسقف الدير.

تزامنًا مع ذكرى رحيل "أبونا فانوس" ترصد الدستور أبرز المعلومات عن الراهب "فانوس" بدير الأنبا بولا بالبحر الأحمر، والذى اشتهر قبل رحيله بيديه اللاتى تشع نورًا أثناء الصلاة حتى لقب بالراهب المضئ، الذي كان يتوافد أغلب أقباط مصر طالبين على الدير طالبين زيارته الخاصة والتبارك منه وطلب الصلاة من أجلهم.


ولد "أبونا فانوس" بقرية دَفَش بالمنيا فى يوم 5 أبريل عام 1929، باسم هارون الدفشى، وعندما بلغ سن الشباب ذهب لدير الأنبا بولا في صحراء البحر الأحمر يبحث عن الوحدة والاتحاد بالله الواحد وطلب الرهبنة عام 1944. 

تمت سيامة أبونا فانوس راهبًا بدير الأنبا بولا عام 1946، وظل فى بداية رهبنته لمدة 16 عامًا لا يرى وجه إنسانًا ولا يكلم أحدًا حتى لقبوه في الدير بالراهب الصامت، كما عرف عن الراهب الراحل أيضا زهده ،وفقره، فعاش فى قلاية بسيطة، لا ينام فيها على السرير ، بل يرقد على الأرض ، ويأكل الخبز الجاف والفاكهة، يربى القطط التى تحيط بغرفته فيطعمها اللحم ويفضل الكفاف.

وبعد صراع كبير مع المرض رحل فى 19 أبريل عن عمر يناهز 87 عامًا، ويظل الأقباط يتوافدون على الدير حتى بعد رحيله لزيارته وطلب شفاعته بحسب العقيدة المسيحية وتحديدًا الأرثوذكسية التي تؤمن بالشفاعة.

يرجع تاريخ دير الأنبا بولا، حيث بدأت الحياة الرهبانية في هذا المكان بعد أن عُرِفَت سيرة القديس الأنبا بولا بواسطة القديس الأنبا أنطونيوس، وهرع إليه الكثير من الذين سمعوا السيرة، حيث أقاموا القلالي وبنوا السور حماية للدير، وذلك في المكان الذي عاش فيه القديس،  وقد صرَّح "بستميان الرَّحالة" بأنه رأى الدير حينما زار مصر حوالي سنة 400 ، مما يؤكد أنه بُنِيَ قبل هذا التاريخ.

وتقول الكنيسة القبطية إن الدير تَعَرَّض لهجوم عِربان الصعيد مع دير الأنبا أنطونيوس عام 1484 م، حيث قاموا بقتل معظم رهبانه، وأحرقوا مكتبة الدير القيِّمة التي كان بها الكثير من الكتب والمخطوطات التي لا تُقَدَّر بثمن، كما قاموا بنهب الأواني والذخائر المقدسة للدير.

وظل الدير مهجورًا حتى قام بتعميره البابا غبريال الثاني بواسطة عشرة رهبان من دير السريان العامر مع بعض الأواني والكتب. وتعرض الدير مرة أخرى لهجوم عنيف من العِربان، ولم ينعم بالاستقرار طويلًا. فعاد عليه الهجوم للمرة الثالثة بعد مدة قليلة، وظل مهدورًا حتى زمان البابا يؤانس السادس عشر البطريرك الـ103، حيث رُمَّمَت أسوار الدير وكنائسه، وأقام به خمسة من رهبان دير الأنبا أنطونيوس لأجل تعميره مرة أخرى.
 

قام رئيس الدير الأنبا أرسانيوس الأول بشراء أراضي زراعية للدير بعِزبة بوش  بمحافظة بني سويف، وبنى بيتًا كبيرًا لإدارة هذه الأرض، وبني أيضًا مدرسة، في الفترة بين سنتيّ 1897-1924. 
 

وزار قداسة البابا شنوده الثالث دير الأنبا بولا في ديسمبر عام 1972، وعندما تسلَّم الدير كان لا يوجد سوى ثلاثة رهبان في الجبل، وأربعة في عزبة الدير في بوش في سن الكهولة والعجز، توفِّي منهم اثنان خلال سنوات قليلة بعدها.  وكان الدير من الناحية المالية في مُنتهى الضعف، رحل رئيسه السابق الأنبا أرسانيوس فجأة، وسُرِقَت خزينة الدير قبل التبليغ عن الوفاة، وتُرِكَ الدير مديونًا،  وكان غالبية الرهبان مُبْعَدين عن الدير، ولم يكن الرئيس السابق يقدِّم حسابات على الإطلاق لهيئة الأوقاف. وبدأ تنظيم الوضع المالي للدير ولأول مرة في تاريخه الحديث تصبح له حسابات منتظمة تشرف عليها هيئة الأوقاف القبطية، وأصبح يقدم فائضًا يساهم في عمل الإصلاح.

في عام 1973 أرسل قداسة البابا شنودة الثالث الأنبا باخوميوس أسقف البحيرة حينها  للإشراف على الدير. واستمر به فترة ثم أرسل الأنبا أغاثون الأسقف العام في ذلك الوقت، وعهد إليه رئاسة الدير عام  1974. وعمل نيافته على تعمير الدير روحيًا وعمرانيًا ورهبانيًا، وازداد عدد الرهبان، وأنشأ بيت الخلوة واستراحة كبيرة للزائرين خارج الدير. وكان الدير به 4 رهبان فقط عام 1974 ، حتى أصبح به 80 راهبًا حتى منتصف عام 1989.