رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

واعظ القصر الرسولى بالفاتيكان يلقى التأمل الأول لزمن الصوم

بابا الفاتيكان
بابا الفاتيكان

ألقى واعظ القصر الرَّسوليّ  بالفاتيكان الكاردينال رانييرو كانتالاميسا، صباح الجمعة، تأمّله الأوّل لزمن الصوم في قاعة بولس السادس بالفاتيكان، تحت عنوان "تجديد الحداثة". 

واستهل الكاردينال كانتالاميسا تأمّله بالقول لقد ترك لنا تاريخ الكنيسة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين درساً مريراً يجب ألا ننساه لكي لا نكرر الخطأ الذي سببه، أتحدث عن التأخير لا بل عن الرفض للتصرّف إزاء التغيرات التي حدثت في المجتمع، وإزاء أزمة الحداثة التي كانت نتيجة لذلك، كل من درس تلك الفترة، حتى ولو بشكل سطحي، يعرف الضرر الذي لحق بهذا الجانب والآخر، أي بالكنيسة والذين يُعرفون "بالحداثيين".

تابع واعظ القصر الرَّسوليّ، إنَّ تاريخ الكنيسة وحياتها لم يتوقفا عند المجمع الفاتيكاني الثاني. "لا نظُنّن أبدًا - كتب أوريجانوس في القرن الثالث، أنه يكفي أن نتجدّد مرة واحدة وحسب؛ وإنما أن نجدد الحداثة أيضًا. وقبله، كتب ملفان الكنيسة القديس إيريناوس: إنَّ الحقيقة التي ظهرت هي "مثل مشروب ثمين موجود في إناء ثمين. ومن خلال عمل الروح القدس، يتجدد باستمرار ويجدّد الوعاء الذي يحتويه". لذلك لم يقتصر الأمر على أن المجتمع لم يتوقف عند المجمع الفاتيكاني الثاني، لا بل خضع لتسارع شديد. وهذه الحاجة للتجديد المستمر ليست سوى الحاجة إلى ارتداد مستمر، يمتد من المؤمن إلى الكنيسة بأكملها في مكوناتها البشرية والتاريخية.

- لدينا وسيلة معصومة لكي نسير في كل مرة في درب الحياة والنور

وتابع وبالتالي فالمشكلة الحقيقية لا تكمن في الحداثة وإنما في طريقة التعامل معها، نحن الآن لدينا وسيلة معصومة لكي نسير في كل مرة في درب الحياة والنور، وهي الروح القدس. إنه اليقين الذي أعطاه يسوع للرسل قبل أن يتركهم: "وأنا سأسأل الآب فيهب لكم مؤيدا آخر يكون معكم للأبد". وكذلك: "فمتى جاء روح الحق، أرشدكم إلى الحق كله". لن يقوم بذلك في مرة واحدة وحسب، وإنما شيئًا فشيئًا مع ظهور المواقف. وقبل أن يتركهم بشكل نهائي، عند الصعود، طمأن القائم من بين الأموات تلاميذه حول مساعدة البارقليط قائلاً: "ولكن الروح القدس ينزل عليكم فتنالون قدرة وتكونون لي شهودا في أورشليم وكل اليهودية والسامرة، حتى أقاصي الأرض".

وأضاف الكاردينال رانييرو كانتالاميسا يقول إنَّ هدف عظات الصوم الخمس التي نبدأها اليوم، بكل بساطة، هو تشجيعنا لكي نضع الروح القدس في محور حياة الكنيسة بأسرها، ولاسيما، في هذه المرحلة، في قلب أعمال السينودس، ولكي نقبل بعبارة أخرى الدعوة الملحة التي يوجهها القائم من بين الأموات، في سفر الرؤيا، إلى كل من الكنائس السبع في آسيا الصغرى "من كان له أذنان، فليسمع ما يقول الروح للكنائس".

وتابع: في هذا التأمُّل الأول، سأقتصر على جمع الدرس الذي يأتينا من الكنيسة الناشئة. بعبارة أخرى، أود أن أوضح كيف قاد الروح القدس الرسل والجماعة المسيحية لكي يقوموا بخطواتهم الأولى في التاريخ. يُظهر لنا كتاب أعمال الرسل كنيسة "يقودها الروح القدس"، خطوة بخطوة. والتي تمارس قيادتها ليس في القرارات الكبيرة وحسب، وإنما في الأشياء الصغيرة أيضًا. أراد بولس وتيموثاوس أن يعلنا الإنجيل في إقليم آسيا، لكن "الروح القدس منعهما"؛ ولما حاولا دخول بتينية، لم يأذن لهما بذلك روح يسوع". مما يلي، نفهم أن الروح القدس دفع الكنيسة الناشئة على مغادرة آسيا ومواجهة قارة جديدة، أوروبا؛ الأمر الذي جعل بولس يصف نفسه، في خياراته، على أنه "أسير الروح".