رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أطفالنا فى «حضن الوطن» فى اليوم العالمى للطفل

فى عالمنا الحالى ومستجداته، حيث سقطت الحواجز بين الدول وتنتقل الأخبار والأفكار فى أى مكان فى العالم إلى مكان آخر فى نفس اللحظة مع تقدم التكنولوجيا، حتى أصبح العالم مفتوحًا والدول مفتوح بعضها على البعض، واستطاعت وسائل التواصل العديدة التى لا حصر لها ووسائل الاتصال الحديثة أن تجعل كل الأفكار والأخبار والصور فى متناول الجميع.

ويمكن نشر الشائعات والأكاذيب إلى أى مكان فى نفس اللحظة، وأصبح يتم بث مفاهيم غريبة عن مبادئنا وقيمنا التى تشكل الهوية المصرية فيما يمكن أن يشكل خطورة على الأجيال الجديدة من النشء والأطفال الذين يستخدمون هذه الوسائل بكل سهولة ويسر، وفى نفس الوقت يتم أيضًا بث أفكار التطرف والكراهية والتشدد بأهداف مغرضة، مما قد تكون له تأثيرات سلبية وهدامة على شخصية النشء والأطفال والفتيات فى مرحلة التكوين.

ولهذا فإننى أرى أنه من الضرورى أن يدرك أصحاب الفكر المستنير فى مجتمعنا فى البيوت وفى الإعلام والمدارس وفى مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى، والكتّاب والمثقفون والمبدعون والمسئولون فى الدولة أن بناء العقل المصرى منذ سنوات الطفولة هو هدف لا بد أن نتكاتف جميعًا ليكون من أولويات بناء وطننا.

ولا بد أن أذكر هنا أن هناك بالفعل خطوات مهمة تمت فى هذا المجال، وأنه قد تم وضع رؤية مصر ٢٠٣٠ فى إطار اهتمام القيادة السياسية بحقوق الإنسان بوجه عام، وحقوق الطفل بوجه خاص، ولهذا فإننى أرى أن فى الاهتمام بالطفل المصرى والعمل على غرس الانتماء والولاء للوطن منذ الصغر وغرس المبادئ والقيم والأفكار التى ترسخ هويته الثقافية باعتبارها أساسًا هامًا فى تشكيل هويته الوطنية والاعتزاز بانتمائه لوطنه وإخلاصه فى الولاء- ضرورة قصوى فى مرحله بناء مصر الحديثة، بحيث يصبح التأثير على الطفل بأى أفكار مغلوطة أو معتقدات متطرفة أو سلوكيات منحرفة أمرًا صعبًا أو مستحيلًا، وبحيث تصبح شخصيته التى بنيت على أساس متين وقوى وقيم ومبادئ راسخة منذ الصغر هى حائط الصد أمام أى محاولات للتأثير عليه بتأثيرات سلبية.

ومؤخرًا تم الاحتفال بمتحف القوات الجوية، ما يعكس الاهتمام بغرس الانتماء لدى الطفل المصرى، حيث أقيم احتفال باليوم العالمى للطفل بشكل مبتكر ومختلف ومبهج وغير مباشر، وفى تقديرى أنه استطاع أن يرسخ فى وجدان الأطفال الذين حضروا، وعددهم ٥٠٠ طفل، قيم الولاء والاعتزاز والفخر بالوطن، وفى تقديرى وبعد أن تسنى لى حضور عدة فعاليات فيه أن أقول إن مدير متحف القوات الجوية اللواء المحترم د. مجدى دويدار قد استطاع وبحق مع فريق العمل أن يحوله إلى مركز إشعاع وطنى وثقافى ومجتمعى يحمل سمات بطولات لجيشنا الباسل.

وهو يضم جزءًا مفتوحًا لنماذج الطائرات الحربية، وجزءًا لقاعات متعددة، منها قاعات عرض لتاريخ عزيز علينا، وهو تاريخ نشأة القوات الجوية، وتطورها، مع صور حية لكل حقبة، ثم دوره المجتمعى مؤخرًا ليتم بداخله تنظيم فعاليات مهمة ومتنوعة على خلفية وطنية تجمع بين القوة الناعمة والقوة الصلبة، وبما يمكن أن يجعله مركزًا فريدًا لغرس قيم الولاء والانتماء للأجيال الجديدة وللشباب وأيضًا للكبار الذين فاتهم أن يعرفوا جانبًا من تاريخ بطولات رجال الجيش المصرى.

فلقد حضرت فيه من قبل فعاليات مهمة عن ذكرى انتصارات حرب أكتوبر ٧٣ المجيدة، وتسنى لى أن أستمع لتفاصيل بطولات من أبطال وطيارى الحرب الذين رووا لنا تفاصيل ما قدموه من بطولات عظيمة وتضحيات مبهرة فى هذه الحروب، وأيضًا حضرت فى متحف القوات الجوية الاحتفال بثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ الشعبية الهادرة، التى شاركنا فيها كمصريين مخلصين للوطن، ودور الشعب ودعم الجيش والشرطة فى حماية ودعم إرادة ثورة الشعب المصرى للخلاص من الظلاميين.

ومنذ يومين، تحديدًا السبت الماضى، أقام متحف القوات الجوية احتفالية مبهجة وناجحة احتفالًا باليوم العالمى للطفل، جمعت بين ترسيخ الوطنية وبناء الوعى الثقافى لدى الأطفال تحت شعار «فى حضن الوطن»، وشاركت فيها وزارات الثقافة والتضامن والتربية والتعليم والشباب والرياضة، وبحضور المسئولين من الوزارات الـ٤ المشاركة فى الاحتفالية نيابة عن الوزراء، وبعض الرموز الوطنية من مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى والمحاربين القدماء، وبعض المثقفين والأدباء وبعض نجوم الإعلام ورجال وسيدات الأعمال، كما بلغ عدد الأطفال والنشء الذين شاركوا فى الاحتفال ٥٠٠ طفل وطفلة.

واللافت للنظر أن الأطفال أقبلوا على المشاركة فى الأنشطة بروح حماسية جميلة، والتى بلغ عددها ٦٠ نشاطًا فنيًا من الأنشطة الرياضية والفنية والثقافية والورش التطبيقية المختلفة، والفنون الاستعراضية وابتكارات المخترعين الصغار وورش حكى والمذيع الصغير، لعرضها على منصة وطنية فى متحف القوات الجوية بين الطائرات الحربية ومقتنيات المتحف العسكرية، كما أكد لى اللواء مجدى دويدار مدير المتحف: «إن الاحتفالية أقيمت بهذا الشكل بهدف الدمج بين القوة الصلبة والقوة الناعمة تقديرًا لأطفالنا وتكريمًا لهم ليتمتعوا بدفء الانتماء لمصرنا الحبيبة وليشعروا بالفخر بأنهم فى حضن الوطن، يمتلكون قوته وحمايته ويتعرفون على تاريخ مشرف لقواتهم المسلحة».

أما الحفل فقد بدأ بمرور الزائرين على الورش الفنية والمشغولات اليدوية ومشاهدة استعراضات فنية قدمها الأطفال على خلفية الطائرات الحربية المعروضة، فكان مشهدًا فريدًا يجمع الأطفال بنماذج الطائرات الحربية، ما جعلهم يشعرون بأهميتهم وبالاهتمام بهم وتشجيعهم فى ممارسة هواياتهم الفنية، ثم أقيمت ندوة فى قاعة «المجد» بعنوان «حقوق الطفل ورؤية ٢٠٣٠»، ثم كلمة الترحيب بالضيوف للواء مجدى دويدار، والتى أكد فيها أن الاحتفالية هدفها الاهتمام بالطفل وتنفيذ سياسة الدمج بين القوة الناعمة والقوة الصلبة لتفعيل دور المتحف المجتمعى ونشر الوعى بحقوق الطفل فى إطار اهتمام القيادة السياسية بحقوق الإنسان عامة وحقوق الطفل بوجه خاص، ووضعها على رأس أولويات الدولة فى الجمهورية الجديدة.

ثم ألقيت محاضرة بعنوان «روح أكتوبر وأهمية وعى الأطفال والشباب بها»، للواء طيار د. حسن محمد حسن، من المحاربين القدماء، والحاصل على أعلى وسام عسكرى «نجمة سيناء» فى حرب أكتوبر المجيدة، ثم ألقيت محاضرة «حروب الجيل الرابع وحماية الأطفال والشباب منها»، ثم تم عرض عدد من الفقرات الفنية والغنائية والاستعراضية وفقرة المخترع الصغير، ثم عرض غنائى موسيقى لكورال السلام التابع للمركز القومى لثقافة الطفل بوزارة الثقافة، حيث قدموا عددًا من الأغانى الوطنية والعربية والفلكلورية، ثم فى الختام تم تكريم عدد من الشخصيات المشاركة فى الحفل بالتنظيم والرعاية، ومنهم د. آمال زكى، مستشارة وزيرة التضامن الاجتماعى. ود. محمد عبدالحافظ، رئيس الإدارة المركزية لثقافة الطفل بوزارة الثقافة، ود. رندة الشريف، رئيس الإدارة المركزية للتعليم العام بوزارة التربية والتعليم، واللواء إسماعيل الفار، نائب وزير الشباب، واللواء د. هشام الحلبى، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، واللواء طيار حسن محمد حسن، والأستاذ نادر يونان، رئيس مجلس إدارة مدارس سانت فاطيما، والمهندسة رباب عبدالعاطى، رئيسة مجلس إدارة شركة روزا لتنظيم الحفلات والمؤتمرات، وزينب بشير، رئيسة مؤسسة بنحبك يا مصر، ومنيرة أسامة، مدير عام بوزارة التربية والتعليم، ومنى الوكيل، العضوة بالمجلس القومى للمرأة.

وأتمنى بعد هذه الاحتفالية الناجحة أن يتمكن آلاف من أطفال المدارس من أن تنظم لهم زيارات هنا على مدار العام؛ ليروا متحف القوات الجوية الذى تحول مؤخرًا إلى مركز إشعاع مجتمعى وتثقيفى، وليتزودوا بروح الاعتزاز بجيشنا الباسل وبطولاته، وليترسخ لديهم الشعور بالولاء والانتماء والفخر بوطننا الحبيب، وهو مركز إشعاع وطنى أحب أنا شخصيًا زيارته مرارًا وتكرارًا لأتزود بحكايات حية يرويها فى كل مرة بعض أبطال من جيشنا الباسل ولأستمع بفخر فى كل مناسبة تُقام وفعالية تُنظم لجزء من هذه البطولات وحكايات عن أبطالها فى كل الفروع، وأتمنى أن تتضاعف فعالياته، وأن ينقل إعلامنا هذه الفعاليات المهمة التى ترسخ قيم الوطنية والفخر بجيشنا وبوطننا الحبيب.