رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مستشار «الإحصاء»: معدلات الإنجاب الحالية تنذر بارتفاع السكان إلى 120 مليون نسمة فى 2030 (حوار)

الدكتور حسين عبدالعزيز
الدكتور حسين عبدالعزيز

كشف الدكتور حسين عبدالعزيز، مستشار رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، المشرف العام على التعدادات، عن أن تعداد السكان فى مصر ارتفع من ١٠٣ ملايين نسمة إلى ١٠٤ ملايين، خلال ٢٢٠ يومًا، وتحديدًا فى أول أكتوبر ٢٠٢٢، ما يعنى أنه خلال ٥ سنوات وبضعة أشهر زاد عدد السكان ٩ ملايين نسمة مقارنة بآخر تعداد عام للسكان تم إجراؤه فى عام ٢٠١٧.

وأضاف مستشار «الإحصاء»، فى حوار، لـ«الدستور»، أن معدلات الإنجاب تراجعت من ٣.٥ مولود/ سيدة لـ٢.٨٥ مولود/ سيدة على مستوى الجمهورية ككل، لكن الوضع يختلف حسب الأقاليم والمحافظات، إذ ينخفض مستوى الإنجاب فى المحافظات الحضرية إلى ٢.٢ مولود/سيدة، أى أنه قريب من معدل الإحلال الذى تستهدفه الدولة، بينما فى محافظات الوجه القبلى لا يزال مرتفعًا، إذ يبلغ متوسط الإنجاب لكل سيدة فى ريف الوجه القبلى ٣.٦ مولود، ولهذا تسهم محافظات الصعيد بقدر أكبر من المواليد على مستوى الجمهورية. وأشار إلى أن الجهاز بصدد الإعداد لإجراء التعداد العام للسكان لعام ٢٠٢٧ بنظام جديد يمزج بين جمع البيانات ميدانيًا واستخدام السجلات الإدارية اعتمادًا على قاعدة بيانات المواليد والوفيات وقاعدة بيانات الرقم القومى، وغيرها من القواعد التى تتضمن بيانات عن السكان، وهو ما يسهم فى تقليل تكلفة إجراء التعداد والفترة الزمنية المطلوبة لإعلان نتائجه والاستفادة من السجلات الموجودة؛ بما يحقق عائدًا كبيرًا على النظام الإحصائى الوطنى، إضافة إلى ذلك نسعى فى التعداد المقبل لتوفير بيانات أكثر دقة عن أعداد الأجانب فى مصر من خلال الاعتماد على بطاقة الرقم القومى لتكون نقطة أساسية فى جمع بيانات تعداد ٢٠٢٧.

 

■ بداية.. زاد عدد السكان ربع مليون نسمة خلال شهرين.. هل يمكن اعتبار هذا الرقم معدلًا؟

- بالفعل ارتفع عدد السكان داخل مصر إلى ١٠٤ ملايين و٢٦٠ ألف نسمة، بزيادة ربع مليون نسمة خلال نحو شهرين، لكن هذا الارتفاع لا يمكن القياس عليه فى رصد مدى التطور فى مؤشرات النمو السكانى، خاصة أنه يعبر عن فترة محدودة من العام لا تتعدى شهرين.

ولفهم الأمر لا بد من إدراك أن هناك مواسم للمواليد، ففى الفترة من يوليو حتى أكتوبر، من كل عام، يزيد عدد المواليد الجدد، وبالتالى تعميمها والقياس عليها قد لا يعكس الواقع الفعلى.

■ كيف يجرى رصد النمو السكانى بشكل صحيح؟

- إذا نظرنا لآخر مليون نسمة أضيفت إلى تعداد السكان فى مصر، سنرى أن الارتفاع من ١٠٣ ملايين نسمة إلى ١٠٤ ملايين نسمة، حدث خلال فترة بلغت ٢٢٠ يومًا، وتحديدًا فى أول أكتوبر ٢٠٢٢، ما يعنى أنه خلال ٥ سنوات وبضعة أشهر زاد عدد السكان ٩ ملايين نسمة مقارنة بآخر تعداد عام للسكان تم إجراؤه فى عام ٢٠١٧.

وإذا استمرت الزيادة بهذا الشكل، فإن حجم الزيادة فى عدد السكان بين التعدادين فى عامىّ ٢٠١٧ و٢٠٢٧ سيقدر بنحو ١٧.٥ مليون نسمة، مقارنة بنحو ٢٢ مليون نسمة خلال الفترة بين تعدادى ٢٠٠٦ و٢٠١٧، صحيح أن المعدل انخفض لكنه لا يزال كبيرًا مقارنة بالموارد المتاحة للدولة بشكل عام، بما يمكنها من مواصلة جهود التنمية والارتقاء بمستويات المعيشة للأفراد.

■ ما مدى التباين فى توزيع عدد المواليد ومعدلات الإنجاب بين المحافظات؟

- أجرينا مؤخرًا مسحًا صحيًا للأسرة المصرية، أظهرت نتائجه تحسن معدلات الإنجاب سواء على المستوى الكلى أو على مستوى المحافظات، إذ انخفض المعدل من ٣.٥ مولود/سيدة لـ٢.٨٥ مولود/سيدة، لكن الوضع يختلف حسب الأقاليم والمحافظات.

انخفض مستوى الإنجاب فى المحافظات الحضرية إلى ٢.٢ مولود/سيدة، أى أنه قريب من معدل الإحلال الذى تستهدفه الدولة، بينما فى محافظات الوجه القبلى لا يزال مرتفعًا، إذ يبلغ متوسط الإنجاب لكل سيدة فى ريف الوجه القبلى ٣.٦ مولود، ولهذا تسهم محافظات الصعيد بقدر أكبر من المواليد على مستوى الجمهورية.

■ ما توقعاتك بشأن عدد السكان مستقبلًا؟

- استمرار مستويات الإنجاب على ما هى عليه حاليًا ينذر بارتفاع عدد السكان داخل الجمهورية إلى ١٢٠ مليون نسمة بحلول عام ٢٠٣٠، وهو ما يعادل عدد سكان ١٥ دولة أوروبية ذات كثافة سكانية متوسطة، و١٤ دولة عربية كالسعودية والأردن وتونس ولبنان والكويت.

■ فى ضوء تلك التطورات المتسارعة

هل تغيرت التركيبة السكانية فى مصر؟

- أولًا من حيث عدد السكان وتوزيعهم على المحافظات، لا تزال محافظة القاهرة تسهم بالعدد الأكبر من السكان على مستوى الجمهورية على مدار العشر سنوات الأخيرة، وتسجل حديثًا ١٠.١ مليون نسمة، تليها محافظة الجيزة ٩.٤ مليون نسمة، ثم محافظة الشرقية ٧.٨ مليون نسمة.

لكن من المؤكد أن مستويات النمو ستختلف حسب المحافظة، فعلى سبيل المثال محافظة القاهرة منغلقة على سكانها، وبالتالى فهى تعتمد على النمو الداخلى فقط، بينما محافظة الجيزة مفتوحة أمام الهجرة الداخلية من المناطق الأخرى، ما يسهم بشكل كبير فى تسارع النمو السكانى بشكل أكبر مدفوعًا بالنمو الداخلى لسكانها والهجرة إليها.

أما عن الخريطة الديموجرافية من حيث النوع، فلم يحدث فى تركيبة المجتمع من الذكور والإناث أى تغير على الإطلاق، إذ استمرت نسبة الذكور هى الأعلى مقارنة بالإناث بأكثر من ١٠٠٪ فى جميع المحافظات، وهناك تصور مغلوط عند البعض بأن عدد الإناث فى مصر يفوق الذكور وهو أمر لم يحدث فى تاريخها على الإطلاق باستثناء تعداد واحد فقط فى أربعينيات القرن الماضى، تفوق خلاله عدد الإناث على الذكور، لكن فى سائر التعدادات الأخرى ظل عدد الذكور أعلى من الإناث بمعدل يتراوح بين ١٠٤ و١٠٦ ذكور لكل ١٠٠ أنثى.

■ هل تتفق مع تطبيق إجراءات عقابية على غرار تجربة الصين أو إيران لضبط الزيادة السكانية؟

- الصين طبقت بالفعل سياسة الطفل الواحد لعدة سنوات، لكنها تراجعت عنها بعد ذلك، وإيران شجعت على تنظيم الأسرة واستفادت من فتوى بجواز تعقيم النساء فى سن الإنجاب، لكن فى مصر لا أعتقد أن تطبيق أى حوافز سلبية سينجح، ولدينا مشروع تنمية الأسرة المصرية الذى يعد أحد مكوناته الرئيسية تدشين صندوق دعم الأسر الملتزمة بضوابط تنظيم النسل، يتيح للمرأة فى نهاية عمرها الإنجابى الحصول على مبلغ مالى حال التزامها بمحددات تنظيم الأسرة، ربط مشروع تنمية الأسرة بمبادرة «حياة كريمة».

■ كيف أثرت المبادرات الصحية واهتمام الدولة بتوسيع مظلة التأمين الصحى على متوسط عمر المصريين وكبار السن؟

- رصدنا بالفعل تحسنًا كبيرًا فى العديد من المؤشرات المتعلقة بجودة الحياة التى تأثرت بنتائج المبادرات الصحية الأخيرة، ومن بينها معدل البقاء على قيد الحياة، إذ ارتفع لـ٦٩ سنة للذكور و٧٣ سنة للإناث خلال عام ٢٠٢١، مقارنة بـ٥٠ سنة متوسط المعدل للذكور والإناث فى أوائل ستينيات القرن الماضى، ومعنى ذلك أن الإنسان المصرى كسب نحو ٢٠ سنة إضافية، ما يعكس تقدمًا كبيرًا فى جودة الرعاية الصحية التى تقدمها الدولة من مبادرات صحية وانتشار نظام التأمين الصحى على المحافظات كلها، وبالتالى احتمال البقاء على قيد الحياة يزيد.

■ ما انعكاس ذلك على الهرم السكانى سواء من حيث عدد المعمرين أو الشباب؟

- لدينا نحو ٢١٪ من تعداد السكان فى الفئة العمرية من ١٨- ٢٩ سنة، ويأتى الأطفال أقل من ١٥ سنة كأعلى شريحة سكانية بنسبة ٣٤.٢٪، بينما تبلغ نسبة فئة المعمرين فوق ٧٥ سنة ١٪.

■ هل جرى رصد تغيير فى معدل وفيات المصريين بعد انكسار ذروة جائحة كورونا؟

- بالتأكيد هناك تراجع كبير فى وفيات المصريين خلال عام ٢٠٢٢ مقارنة بالعامين الماضيين، حيث ارتفعت المعدلات بشكل ملحوظ بين عامى ٢٠٢٠ و٢٠٢١ بسبب انتشار جائحة كورونا، لكن نلاحظ العام الحالى انخفاضًا كبيرًا جدًا فى الوفيات لتعود المعدلات لمستوياتها الطبيعية قبل الجائحة، حيث تظهر المؤشرات الأولية أن عدد الوفيات بلغ ٥٠٧ آلاف حالة خلال أول ١٠ أشهر من العام الحالى ٢٠٢٢، مقابل ٦٢٠ ألف حالة وفاة خلال الفترة المناظرة من عام ٢٠٢١ بنسبة انخفاض ١٨.٣٪ أى بفارق ١١٣ ألف حالة وفاة.

■ كيف انعكست الأزمة الاقتصادية على معدلات الزواج والطلاق بين المصريين؟

- لم نرصد تغيرًا ملحوظًا فى نسب الزواج بين عامىّ ٢٠٢٠ و٢٠٢١، فقد زادت فقط بنحو ٤ آلاف حالة زواج، لكن الزيادة كانت واضحة فى معدل الطلاق الذى زاد بنحو من ٢٢٠ ألفًا لـ٢٥٥ ألف حالة طلاق، بفارق ٣٥ ألف حالة خلال عام فقط.

■ كم عدد حالات الزواج تحت السن القانونية؟

- الجهاز يحصل على بياناته من واقع السجلات الإدارية الرسمية، ومن المسوح والبحوث المتخصصة التى يجريها من خلال باحثيه، ونظرًا لأن حالات الزواج تحت السن لا يتم تسجيلها رسميًا فى السجلات الإدارية، فإن المصدر الوحيد لتلك البيانات هو التعداد العام للسكان الذى أظهر فى أحدث دوراته عام ٢٠١٧ أن العدد يصل إلى ١٥٠ ألف حالة زواج قاصرات، منهن مطلقات وأرامل أقل من ١٨ سنة.

■ ما آخر استعدادات إجراء التعداد العام للسكان والإسكان والمنشآت لعام ٢٠٢٧؟

- بدأنا الإعداد للتعداد المقبل منذ فترة طويلة، بداية من دراسة تجارب التعدادات السابقة خصوصًا التعداد الأخير لعام ٢٠١٧ والدروس المستفادة منه والتحديات التى واجهتنا خلال إجرائه، وكذلك دراسة المنهجيات الجديدة فى التعدادات على مستوى العالم.

كثير من البلدان بدأ يتحرك نحو استخدام السجلات الإدارية فى إجراء التعدادات بدلًا من جمع البيانات ميدانيًا بواسطة باحثين، ونستطيع التحرك فى هذا الاتجاه من خلال تقليل البيانات التى يتم جمعها ميدانيًا عن طريق استخدام السجلات كمصدر للبيانات أيضًا.

والجهاز يدرس المزج بين جمع البيانات ميدانيًا واستخدام السجلات الإدارية اعتمادًا على قاعدة بيانات المواليد والوفيات وقاعدة بيانات الرقم القومى، وغيرها من القواعد التى تتضمن بيانات عن السكان يمكن الاستفادة منها فى إجراء التعداد، وهو ما يسهم فى تقليل تكلفة إجراء التعداد والفترة الزمنية المطلوبة لإعلان نتائجه والاستفادة من السجلات الموجودة بما يحقق عائدًا كبيرًا على النظام الإحصائى الوطنى.

ففى تعداد ٢٠١٧ استفدنا من فكرة استخدام أجهزة التابلت والنظام الإلكترونى فى تخفيض الوقت بين جمع البيانات وإعلان النتائج لتستغرق ٦٠ يومًا فقط بدلًا من سنتين فى تعداد عام ٢٠٠٦، وأعتقد أن تعداد ٢٠٢٧ سيستهدف نفس الآلية، إلى جانب ذلك ندرس كيف يمكن الاستفادة من السجلات فى دعم التعداد.

■ أعلنت منظمة دولية عن أن عدد الأجانب فى مصر يصل إلى ٩ ملايين شخص.. ما مدى صحة ذلك؟

- هناك أعداد كثيرة غير رسمية متضاربة حول أعداد الأجانب فى مصر، فالبعض يتحدث عن وجود ٥ ملايين أو ٦ ملايين، ومؤخرًا أعلنت منظمة الهجرة الدولية عن أن العدد يصل إلى ٩ ملايين شخص، والحقيقة أن التعداد العام يعد المصدر الأساسى لحصر كل المقيمين داخل حدود الدولة، لكن ما تم رصده فى تعداد ٢٠١٧ كان أقل من ذلك بكثير، ونسعى فى التعداد القادم لتوفير بيانات أكثر دقة عن أعداد الأجانب فى مصر من خلال الاعتماد على بطاقة الهوية الشخصية لتكون نقطة أساسية فى جمع بيانات تعداد ٢٠٢٧.

■ ما مستجدات مسح الإعاقة ومتى تعلن نتائجه؟

- مسح الإعاقة سيتيح قاعدة بيانات دقيقة وشاملة عن أعداد ذوى الاحتياجات الخاصة على مستوى الجمهورية وتوزيعهم بكل المحافظات من حيث العدد ونوع الإعاقة، وجارٍ الإعداد لإعلان النتائج بنهاية العام الحالى ٢٠٢٢.