رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كأس العالم فى قطر

لا يهم أن تهتز الضمائر.. المهم أن تهتز الشِباك
أولًا:
220 مليار دولار تكلفة كأس العالم التى أنفقتها قطر 2022، مبالغ طائلة تكفى لانتشال الـ800 مليون شخص حول العالم من الحياة تحت خط الفقر.
ماذا نقول؟ عالم مختل ومقلوب المقاييس والمعايير والإنفاق، لمصلحة منْ "بيزنس" كورة الرِجل - كرة القدم -؟ إن البلاد العربية الإسلامية فى ذيل الأمم التى تنهض أو قطعت مشوارًا كبيرًا للنهضة بالفعل وهذه البلاد عندما تقع فى أيديها الأموال فإنها لا توجهها لمناحى التحضر الحقيقية ومجالات تغير العقلية الموروثة منذ أزمنة سحيقة.
هذا شىء محزن للغاية، لا فائدة ولا أمل.. لست ضد الترفيه أو ضد الرياضة لكننى لا أرى إلا تجارة عابرة للحدود لترويج عولمة الرأسمالية المهترئة الاستغلالية ودعاية وإعلانات عن الاستهلاكات وفتح أسواق لاحتراف اللاعبين والمدربين والحكام وامتصاص الإحباط والهزيمة والضآلة عن الناس فى كل العالم، أكيد الحياة تتفرج على البشر وهى ساخرة تتألم من الفوارق البشعة بين الأفراد وبين الدول.
ناس يأكلون من القمامة ومشردون ومطردون وعاطلون عن العمل ومرضى وعجزة ومهاجرون من بلادهم وربما يشتغلون كالعبيد فى أماكن غير أوطانهم، وناس لديهم من فائض الأموال فيهدرونها فى مونديال كرة القدم وأشياء أخرى، لا تقيم بعضًا من العدالة ولا تبنى حضارة ولا تغير ثقافة ولا تحسن الأخلاق.
ماذا نقول؟ مش مهم تهتز الضمائر طالما أن الشِباك تهتز.
وهى أموال لم تأت بسبب الصناعات الثقيلة المهمة أو التصدير الزراعى الضرورى للطعام والحياة أو امتلاك اختراعات عالمية واكتشافات طبية أو صناعة سينما راقية أو بناء صرح تكتولوجى منبثق من العقول، ولكنها بسبب بترول وجدوه فى باطن الأرض والعالم يحتاجه ويشتريه.
ثانيًا:
ما هذه الأسلمة للمونديال على أرض قطر؟ نعلم جيدًا أن قطر بلد عربى إسلامى وبالطبع الإسلام كما هو معروف موروث من الأهل، يعنى لا أهمية له، كل شىء بالوراثة لا يساوى شيئًا.
إذن ما هذه الدعاية منذ الافتتاح لتأكيد هوية الإسلام؟ لقد دهشت أن مراسم الاحتفال كلها ذكور يلبسون الملابس البدوية ويمسكون بالسيوف! هل السيف هوية الإسلام؟ ولماذا كانوا يتحركون بالسيوف وكأنهم مستعدون للقتال فى طريقهم إلى "غزوة" أو "سرية"؟ ثم ما معنى الافتتاح بآيات من القرآن؟ وإيقاف الأحداث إذا جاء وقت الآذان والصلاة؟ هل الإسلام يحتاج إلى دعاية وإعلان وحماية وتبشير، وفى حدث عالمى تتنوع فيه الديانات والثقافات والتقاليد؟
لماذا كل هذه المظاهر لأسلمة المونديال؟ وهل مثلًا كان فيه مونديالات منذ 14 قرنً فى الجزيرة العربية؟ أليست كل هذه المستحدثات للرياضة والترفيه - مع أنها ليست كذلك بالضبط - والاختلاط غير إسلامية كافرة من بلاد غير المسلمين الكفرة؟
ما هذا التباهى الدعائى الذى يطل علينا كل يوم أن مئات من الأشخاص قد أسلموا منذ ليلة افتتاح المونديال؟ وهل إذا فازت إيران الشيعية مثلًا، هل تفرح قطر التى لا يتجاوز فيها الشيعة نسبة 10%؟ تساؤلات عديدة تتملك أى إنسان يستخدم عقله فى التفكير وربط الأحداث ببعضها البعض.
ثم أتساءل عن رفض قطر لبس أى ملابس أو رموز فيها علم المثليين، مرة أخرى أليس هذا حدثًا عالميًا لكل الناس بكل توجهاتهم وعقائدهم وأطيافهم وعاداتهم وأسلوبهم؟ إنه المنطق نفسه من فرض الوصاية وفرض العادات والتقاليد وفرض الزى والذى فى النهاية لا يؤكد إلا الحقيقة التى لا تتخفى، إن مفتاح السر للتقدم والنهضة والتفوق الحقيقى هو "الحرية" و"عدالة المقاييس" و"الجوهر الحضارى" وليس الشكل والمظاهر.
نعيش فى القرن الواحد والعشرين عام 2022، ونفكر ونتصرف ونمارس الوصايا والازدواجية وكأننا نعيش قبل العصور الوسطى، حقًا إن مونديال هذا العام على أرض قطر المسلمة يكشف أهل الإسلام وعلاقتهم الحقيقية بالحياة وطريقة التفكير.
ثالثًا:
تريدون إعطاء صورة مبهرة عن المسلمين والمسلمات، هذا لا يتحقق إلا بكيف هى الأحوال فى بلاد المسلمين والمسلمات، سنتغاضى مؤقتًا أننا جميعًا نرث الأديان، إعطاء صورة جميلة عن البلاد التى تدين بالإسلام، لن تحدث إلا بتحسن وتحضر ورقى وحقوق الإنسان ومكانة النساء ومنزلة السينما والفنون فى هذه البلاد.
إعطاء صورة كويسة عن بلاد المسلمين، تكون بعدم الحكم على شرف البنت والمرأة، - وبالتالى شرف الذكور- بغشاء البكارة الحاكم بأمره فى هذه البلاد، وبسببه تقتل وتذبح البنات والنساء علنًا فى فخر وتباه وزغاريد.
تريدون احترام العالم إذن فعّلوا قيم المواطنة على الجميع دون استثناء، وشرعوا قوانين تحقق العدالة بين كل الناس، ولا تستخدموا الميكرفونات والصخب ولى حقائق التاريخ لكى تقنعونا بالتفوق رغم أنف التاريخ ولا تمارسوا الإرهاب الدينى والثقافى ولا تتحالفوا مع أنصار الدول الدينية وتمولوهم وتدعموهم. 
 
الفن والمرأة.. آخر معاقل تيارات الإسلام الجهادى الإخوانى والسلفى المسلح وغير المسلح.. تأسلم إخوانى وهابى سلفى للتواصل الاجتماعى
الهجوم الشرس على الفن والسينما والمسلسلات والتعليقات معدومة الأدب على تصريحات للممثلات والممثلين، هو ظاهرة فى كل وسائل التواصل الاجتماعى، وليس فقط من أعضاء وعضوات معروفين بانتمائهم إلى هذه التيارات ويتلقون مكافآت هائلة بالدولار لكى ينشروا كراهية الفن والسينما والمسلسلات، وأن الفن قلة أدب وقلة دين وضد الإسلام وضد القرآن وضد السنة النبوية، وضد إجماع الفقهاء، وضد عادات وتقاليد البلاد العربية التى أعزها الله بالإسلام.
ولا أعرف كيف أعزها الله بالإسلام وكل الناس ورثوا الدين من أهاليهم، وهناك مجموعة من الشباب سواء كانوا يتلقون دولارات أيضًا أو لا، كل واحد فيهم طالع علينا بالوصايا الأخلاقية والدينية ومتخصص فى التحريض ضد الفن والسينما بشكل حصرى.
وقبل البدء يقول لنا وكأنه يأمرنا: فى الأول نصلى على رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم" كلهم يبدأون بهذه الجملة الآمرة وبابتسامة تفضح الكذب، أهذه مصادفة؟ ابتسامة لزجة ولغة جسد متدنية متفقين عليها كلهم، وكل واحد شكله لم يستحم منذ شهور، ولا شغلانة له إلا شتيمة الفن والسينما، لتعويض ضياعه والتنفيس عن عقده من البطالة والحقد على النساء وكراهيتهن، ووجد فى أن يتم استئجاره بخمسين دولارًا شهريًا مكسبًا ضخمًا لا يكلفه إلا شوية بذاءات، ولا يجد غضاضة لأنه "يدافع عن دينه" و"يدافع عن رسوله" و"يدافع عن أوامر ربنا" و"يدافع عن تقاليد الإسلام" و"يدافع عن الدولة الدينية والخلافة الإسلامية".
كل واحد يستلقط أى موضوع أو حدث أو مناسبة أو جريمة أو أغنية أو مهرجان أو برنامج إعلامى أو ماتشات كورة أو اكتشاف طبى، أى حاجة، لكى يستخدمها لبث "الأسلمة الإخوانية السلفية كارهة الفن والنساء والعلم والحرية والعدالة".
شباب متأسلم إسلامجى إخوانى وهابى سلفى، عقولهم فاضية وجيوبهم مليانة وقلوبهم ممتلئة بالحقد والغل.
فى عالمنا الآن لم يبق لهؤلاء كآخر المعاقل التى يدافعون عنها بشراسة، هى الفن والمرأة لكن الفن لم يتوقف حتى وهم فى عز قوتهم، والنساء أصبحن أكثر وعيًا حتى بعض الرجال أصبحوا أكثر وعيًا واستنارة، إنها حركة الحياة التى نثق بها والتى اندفعت إلى الأمام ولن تتعثر.  
 
لماذا  يكشف فستان المرأة عن جسمها؟
لماذا تجعل المرأة نفسها مثل الدمية المتزوقة المعروضة للإعجاب والبيع أو الزواج أو أى شىء آخر؟ ولماذا تكشف عن مقاطع لا تظهر إلا عندما تدخل لتنام فى السرير؟ هل عشان نقول إنها أنثى صارخة الأنوثة؟ ومنْ يهمه أن يعرف ذلك؟ عشان نقول معاها فلوس وبتعرف تستخدم أغلى مصمم أزياء وعطور وشنط وجزم ومجوهرات وباروكات وماكياج؟ ما هذه المناظر التى تظهر بها النساء فى الحفلات والمهرجانات والمناسبات والأعياد والأمسيات وغيرها؟ وهل هذه العقليات يمكن أن تتحرر أو تقدم علمًا أو فنًا عليه القيمة؟
أشاهد نساء مرموقات فى بلاد مختلفة من العالم وفى كل مجال، فى منتهى البساطة نساء عاديات ولسن دميات أو مملوكات أو جوارى النسخة الخاصة للقرن الواحد والعشرين. 
 
جورج برنارد شو 26 يوليو 1856 - 2 نوفمبر 1950.. "أكتب لمنْ يقرأنى لا لأحصل على جائزة".. كلمة قالها عندما فاز بجائزة نوبل 1925 
كاتب مسرحى من أيرلندا، جمع بين الإبداع فى الكتابة والإبداع فى الفلسفة والمقالات الصحفية الصادمة والنقد الساخر، يؤمن بالاشتراكية الفابية المؤسسة 1884 وكان أبرز أعضاء الجمعية الفابية/ لندن وأبرز أعضاء حزب العمال البريطانى الذى أسسته الجمعية 1900، كتب عددًا كبيرًا متنوعًا من المسرحيات أشهرها "بيجماليون" التى تحولت لفيلم سينمائى أكثر من مرة، وألهمت العديد من الأعمال الدرامية فى العالم كله، حتى فى مصر تحولت لمسرحية "سيدتى الجميلة" My Fair Lady.
كان شو غزير الإنتاج ترك 50 مسرحية مثل "الإنسان والإنسان الأعلى، بيوت الأرامل" وغيرها.
وعندما حدثت مجزرة دنشواى فى مصر فى 13 يونيو 1906، كتب شو ضد الأحكام الصادرة فى حق فلاحى القرية، والمعاملة البشعة التى تلقاها المتهمون الأبرياء دون محاكمة عادلة، من أجل ضابط إنجليزي مات من ضربة شمس، واتهم اللورد كرومر ومنْ معه بالتآمر الخسيس لصالح سلطات الاحتلال البريطانى، بل إنه حرض المصريين بعد هذه الواقعة للتمرد على الاحتلال البريطانى لمصر، رغم أنه مواطن بريطانى.
فاز شو بجائزة نوبل عام 1925، ورفض استلامها فى أول واقعة من نوعها، وقال حينئذ: جائزة نوبل تشبه طوق النجاة يلقى لسباح وصل إلى الشاطئ.. أغفر لألفريد نوبل اختراعه الديناميت، لكننى لا أغفر له إنشاء جائزة نوبل.. أكتب لمنْ يقرأنى وليس لأفوز بجائزة.
من أقواله الساخرة:
- من الأفضل ألا تأتى عن أن تأتى متأخرًا.
- تعلمت منذ زمن طويل ألا أتصارع مع خنزير أبدًا لأننى سأتسخ أولًا وسيسعد هو بذلك ثانيًا.
- أكثر الناس قلقًا فى السجن هو السجان.
- الإنسان العاقل يكيف نفسه مع العالم، الإنسان غير العاقل يكيف العالم مع نفسه، ولهذا فإن كل تقدم فى الحياة يعتمد على الإنسان غير العاقل.
- ليست الفضيلة ألا نرتكب الرذيلة ولكن ألا نشتهيها.
- إذا قتل الإنسان نمرًا يسمونه رياضة وإذا قتل النمر إنسانًا يسمونها شراسة.
- هو لا يعرف شيئًا ويظن أنه يعرف كل شىء.. هو إذن يشتغل بالسياسة.
- لست أقاوم أى إغراء لأن الأمور السيئة لا تغرينى.
- المتفائل والمتشائم كلاهما مفيد للمجتمع، الأول اخترع الطائرة والثانى مظلة الإنقاذ.
- الأزياء الفاخرة تدل على ضعف العقول.
- لا تكن كالشمعة تضىء للآخرين وتحرق نفسها.
- لن يعم السلام فى العالم حتى تختفى الوطنية وحب الوطن.
- الوطنية هى أن تشعر أن بلدك أفضل بلد فى العالم لمجرد أنك ولدت فيه.
- الحيوانات أصدقائى وأنا لا آكل أصدقائى.


قول الحقيقة كاف لأن يكرهنا الجميع
أن يكرهنا الناس أسوأ أنواع الكراهية والتى ليس لها علاج، ممتدة إلى الأبد، معناه الحقيقى والأعظم أننا فقط لا نقول إلا الحقيقة، دون ترقيع ومواربة وتحايل ومراوغة، تريدين أن تحصلى على كراهية الناس من جميع الأطياف، فقط قولى الحقيقة دون أن تجعليها ترتدى حجابًا أو نقابًا.
تريد أن يلعنك الناس على اختلافهم ليل نهار إلى الآبد، فقط "قل للأعور أنت أعور فى عينه". أن يكون معنا المال والحسب والنسب ليس كافيًا وليس معناه بالضرورة أن يمقتك ويلعنك الناس، لكن أن تتشبث بالحقيقة فهذا يفتح عليك نار الكراهية من كل اتجاه. 
 
من بستان قصائدى 
أرجع من الموت
قبل أن يولد العام الجديد 
فالقطيعة المسافرة بينك وبيني 
توقف حركة الأزمنة 
وتجمد دمي على امتداد الوريد 
أرجع من الموت
قبل أن يولد العام الجديد 
لست أحتمل فراقنا 
ورائحة "ديسمبر" تملأ الأجواء 
لا أملك شيئًا من أمري
ولست أحتمل غيابك في الشتاء 
كل شىء يسألني عنك 
والمطر يرفض أن يغسل وجه المدينة 
وأنت عني بعيد 
شىء ما في هذا الشهر الأخير 
يحتج على الرحيل 
يصرخ من برودة المصير 
يحرض الذكريات على القيامة 
ويستبقيك على قلبي الأمير 
ارجع من الموت 
قبل أن يولد العام الجديد
بعدك ليست تهمني البدايات 
بعدك لا تحركني النهايات 
أية بداية لا تقترن بك، تقتلني 
أية نهاية لا تؤدي إليك، تفزعني 
الشتاء يحجب أشجانه الجميلة 
حتى تعود قصتنا المستحيلة 
أرجع من الموت
قبل أن يولد العام الجديد 
فالزمان ليس إلا كتاب العشق 
على صفحاته 
نشدو نشتاق ننزف ونموت