رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الانتعاش الاقتصادى الصينى يضخ زخمًا إيجابيًا للعالم

منذ مارس من هذا العام، أدى الوضع الدولى المعقد والمتغير وكذلك وضع الوباء المتقلب، إلى فرض عوامل جديدة تجاوزت التوقعات، مما أحدث تأثيرًا كبيرًا على الاقتصاد العالمى. وكلما زادت صعوبة الأمور كان لزامًا علينا تعزيز ثقتنا والعمل الجاد.. تحت القيادة القوية للجنة المركزية للحزب، وفى قلبها الرفيق شى جينبينغ، تلتزم جميع المناطق والإدارات فى الصين بالنغمة العامة للعمل المتمثل فى السعى لتحقيق التقدم مع الحفاظ على الاستقرار، والتنسيق الفعال للوقاية من الأوبئة ومكافحتها مع الالتزام بتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والعمل معًا للتغلب على اختبارات المخاطر المتزايدة، وتنفيذ متطلبات الوقاية من الوباء، واستقرار الاقتصاد، وضمان التنمية الآمنة، مع تعزيز الانتعاش والتنمية المستمرة للاقتصاد الصينى.

وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن المكتب الوطنى للإحصاء الصينى، ارتفع الناتج المحلى الإجمالى للصين بنسبة ٣٪ على أساس سنوى فى الأرباع الثلاثة الأولى من هذا العام، أى أعلى بنسبة ٠.٥ نقطة مئوية مقارنة بالنصف الأول من العام.. وارتفع الناتج المحلى الإجمالى فى الربع الثالث بنسبة ٣.٩٪ على أساس سنوى، و٣.٥ نقطة مئوية أعلى مما كان عليه فى الربع الثانى، وهى نسبة معقولة بشكل عام؛ حيث إنه بينما يُستأنف الإنتاج، يتم تسليط الضوء على الدور الرائد للطاقة الحركية الجديدة، ويستمر تحسين الهيكل الصناعى، ويستمر تعافى المطالب الرئيسية الثلاثة المتمثلة فى الاستهلاك والاستثمار والتصدير. 

أولًا: انتعاش الإنتاج الصناعى بشكل ملحوظ، وتعافى اقتصاد صناعة الخدمات تدريجيًا.

فى خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام، زادت القيمة المضافة للمؤسسات الصناعية فوق الحجم المحدد على الصعيد الوطنى بنسبة ٣.٩٪ على أساس سنوى، أى أسرع بمقدار ٠.٥ نقطة مئوية عن النصف الأول من العام. وفى الربع الثالث، ارتفعت بنسبة ٤.٨٪ على أساس سنوى، بزيادة ٤.١ نقطة مئوية عن الربع الثانى.

حقق التخطيط الشامل للوقاية من الأوبئة ومكافحتها والتنمية الاقتصادية الصناعية فى مختلف المناطق نتائج ملحوظة، وانتعشت أكثر من ٧٠٪ من المناطق.

كما استمرت العملية الاقتصادية لصناعة الخدمات السير فى اتجاه الانتعاش، وتحسنت المؤشرات الاقتصادية الرئيسية. 

وفى الأرباع الثلاثة الأولى من العام، زادت القيمة المضافة لصناعة الخدمات بنسبة ٢.٣٪ على أساس سنوى، وسجلت نسبة ٠.٥ نقطة مئوية أسرع من النصف الأول من العام؛ وفى نفس الوقت ارتفع مؤشر إنتاج صناعة الخدمات بنسبة ٠.١٪ على أساس سنوى، حيث ارتفع فى الربع الثالث من العام بنسبة ١.٢٪ على أساس سنوى، بزيادة قدرها ٤.٥ نقطة مئوية عن الربع الثانى من العام نفسه.

ثانيًا: استمرار تعافى المطالب الرئيسية الثلاثة، مما يعزز القوة الكامنة للانتعاش الاقتصادى وتنميته.

أصبحت مرونة السوق الاستهلاكية واضحة، ولا تزال أسعار المستهلك فى نطاق ارتفاع معتدل؛ فقد حققت السوق نتائج ملحوظة فى ضمان العرض واستقرار الأسعار، حيث ارتفع سعر المستهلك الوطنى «CPI» فى الربع الثالث بنسبة ٢.٦٪ على أساس سنوى، وارتفع مؤشر أسعار المستهلكين بنسبة ٢٪ فى الأرباع الثلاثة الأولى، وهو ما يتناقض بشكل واضح وصريح مع المستوى المرتفع للتضخم فى الولايات المتحدة وأوروبا.

ونما الاستثمار بشكل مطرد، مع انخفاض التطوير العقارى بنسبة ٨٪، واستمر ارتفاع الاستثمار فى الأصول الثابتة بنسبة ٥.٩٪ على أساس سنوى، حيث زاد الاستثمار فى البنية التحتية والتصنيع بنسبة ٨.٦٪ و١٠.١٪ على التوالى.

تم تعزيز وتحسين السياسات والتدابير الرامية إلى تحقيق استقرار التجارة الخارجية والاستثمار الأجنبى، وأظهرت التجارة الخارجية مرونة قوية.

وفى الأرباع الثلاثة الأولى، ارتفعت القيمة الإجمالية لتجارة واردات البلاد وصادراتها من السلع بنسبة ٩.٩٪ على أساس سنوى، حيث بلغ حجم الواردات والصادرات من التجارة العامة ١٩.٩٢ تريليون يوان، بزيادة ١٣.٧٪، وهو ما يمثل ٦٤٪ من إجمالى قيمة التجارة الخارجية، بزيادة قدرها ٢.١ نقطة مئوية عن نفس الفترة من العام الماضى.

ثالثًا: استقرار وضع العمالة بشكل عام، وحصاد وإنتاج الحبوب السنوى مستقر ووفير.

خلال الربع الثالث، بلغ متوسط معدل البطالة الوطنية الحضرية التى شملها المسح ٥.٦٪، بانخفاض ٠.٤ نقطة مئوية عن الربع الثانى.

ومن يناير إلى أغسطس، زاد الاستثمار فى القطاع الاجتماعى بنسبة ١٤.١٪ على أساس سنوى.

وارتفع الناتج الإجمالى للحبوب الصيفية والأرز بمقدار ٣.٠٨ مليار «جين صينى وهو ما يعادل ٠.٥ كيلو جرام» مقارنة بالعام السابق، كما يسير حصاد حبوب فصل الخريف بسلاسة، ومن المتوقع أن يحافظ مستوى الناتج السنوى للحبوب على أعلى من ١.٣ تريليون «جين صينى».

لقد استقرت اوضاع الإنتاج وحققت انتعاشًا فى الصناعة والخدمات، واستمر تعزيز سياسات استقرار التوظيف المختلفة، كما استمرت الوظائف الجديدة والمهن الجديدة فى الظهور، كما أن الظروف جيدة للحفاظ على استقرار العمالة.

رابعًا: تتطور صناعة التقنيات المتطورة بشكل جيد، كما تم تحسين جودة التنمية الاقتصادية.

فى الأرباع الثلاثة الأولى، زادت القيمة المضافة لصناعة التكنولوجيا الفائقة فوق الحجم المحدد بنسبة ٨.٥٪ على أساس سنوى، وكان معدل النمو أعلى بـ٤.٦ نقطة مئوية من القيمة المضافة لجميع المؤسسات الصناعية فوق الحجم المحدد.

زاد الاستثمار فى صناعات التكنولوجيا الفائقة بنسبة ٢٠.٢٪ على أساس سنوى، بزيادة ١٤.٣ نقطة مئوية عن معدل نمو الاستثمار الوطنى فى الأصول الثابتة، مما أسهم فى تعزيز التحول الاقتصادى للبلاد والارتقاء به.

فى الفترة من يناير إلى أغسطس، حافظ الدخل التشغيلى لشركات الخدمات فى المجالات الرئيسية على النمو، كما كان معدل النمو السنوى للدخل التشغيلى للمؤسسات فى صناعة خدمات التكنولوجيا الفائقة، وصناعة خدمات التكنولوجيا، وصناعة الخدمات الاستراتيجية الناشئة فوق الحجم المعين أعلى بنسبة ٢.٨، و٢، و٠.٧ نقطة مئوية على التوالى من جميع شركات صناعة الخدمات فوق الحجم المحدد.

يشهد العالم اليوم تغيرات كبيرة لم نشهدها منذ قرن من الزمان.. ومع حالة عدم الاستقرار فى وضع وباء القرن، وازدياد الضغط على الاقتصاد العالمى وارتفاع خطر الركود، ظهرت أزمات متعددة فى الغذاء والطاقة والديون فى آنٍ واحد؛ تواجه العديد من البلدان صعوبات كبيرة فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وازدادت حالات عدم الاستقرار وعدم اليقين المختلفة، مما جعل التنمية البشرية تواجه تحديات كبيرة غير مسبوقة. 

وكما أشار الرئيس شى جينبينغ فى قمة مجموعة العشرين السابعة عشرة: على جميع الدول فى مواجهة التحديات، تبنى رؤية بناء مجتمع مصير مشترك، وتأييد السلام والتنمية والتعاون المربح للجميع، كما يتعين على جميع الدول أن تحل الوحدة محل الانقسام، والتعاون محل المواجهة، والتسامح محل الاستبعاد. دعونا نعمل معًا لحل موضوع العصر «ماذا حدث للعالم وماذا يجب أن نفعل؟»، والتغلب على الصعوبات وخلق مستقبل أفضل معًا.

عقد الحزب الشيوعى الصينى مؤخرًا مؤتمره الوطنى العشرين، حيث وضع أهدافًا ومهامَّ وسياسات رئيسية لتطوير الحزب والدولة فى السنوات الخمس المقبلة أو حتى لفترة أطول. حيث ستتخذ الصين التنمية عالية الجودة كمهمة أساسية لبناء دولة اشتراكية حديثة بشكل شامل، حيث التمسك بتعزيز التنمية عالية الجودة، والتمسك باتخاذ الإصلاح الهيكلى لجانب العرض خطًا رئيسيًا، تعزيز القوة الذاتية وموثوقيتها، تحسين جودة ومستوى العلاقات الدولية، تسريع بناء نظام اقتصادى حديث، والتركيز على تحسين الإنتاجية الإجمالية لعوامل الإنتاج، والتركيز على تحسين مرونة وأمن السلاسل الصناعية وسلاسل التوريد، والتركيز على تعزيز التكامل الحضرى والريفى والتنمية الإقليمية المنسقة، وتعزيز التحسين الفعال لجودة النمو الاقتصادى.

رسم المؤتمر الوطنى العشرون للحزب الشيوعى الصينى مخططًا كبيرًا للتنمية المستقبلية للصين، وستكون عملية تحديث عدد سكان الصين الذين يزيد عددهم عن ١.٤ مليار نسمة حدثًا غير مسبوق فى تاريخ التنمية البشرية.

ستلتزم الصين بالنهج الذى يركز على أن الشعب هو الجوهر، بحيث يتجاوز عدد الفئات- ذات الدخل المتوسط- ٨٠٠ مليون فى الخمسة عشر عامًا القادمة، مع تعزيز التنمية المستمرة للسوق واسعة النطاق.

وبينما تستمر الصين فى تعزيز الرخاء المشترك لجميع الشعوب، فإنها ستزيد من استثماراتها فى التعاون الإنمائى العالمى، وتعزيز تنفيذ مبادرات التنمية العالمية، وتبنى مجتمع التنمية العالمى، لضخ المزيد من الطاقة الإيجابية فى الاقتصاد العالمى.

لنأخذ مصر كمثال، خلال فترة الوباء، سارت كل من أعمال مشروع الحى التجارى المركزى للعاصمة الإدارية الجديدة الذى تنفذه الشركة الصينية للإنشاءات الهندسية بمصر، ومشروع القطار الخفيف الكهربائى بمدينة العاشر فى رمضان الذى تنفذه وتشرف عليه الشركة الصينية «أفيك»، وكذلك أعمال شركة سينوماك الدولية لإنشاء جسر سكة حديد متأرجح مزدوج فى قناة السويس الجديدة، وغيرها من المشروعات بشكل مطرد؛ مما ساعد مصر على تحقيق التعافى الاقتصادى، وأبرز التعاون العملى بين الصين ومصر، وأسهم فى تحسين رفاهية الشعبين.

الطريق صعب وطويل، لكن إذا مشيت ستصل إلى وجهتك، وإذا ثابرت سيكون لديك مستقبل مشرق يستحق التطلع إليه.. إن الصين التى تتجه باستمرار نحو التحديث ستحقق بالتأكيد المزيد من الفرص للعالم.

بصفتها صانع سلام عالميًا، ومساهمًا فى التنمية العالمية، ومدافعًا عن النظام الدولى، ستواصل الصين المساهمة فى ضخ اليقين فى الاقتصاد العالمى غير المؤكد، وضخ قوة دفع أقوى فى التعاون الدولى وتقديم مساهمات أكبر لتقدم البشرية جمعاء.