رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ياسر صادق رئيس «القومى للمسرح»: نوثق التاريخ الفنى ونرصد الواقع فى وقت واحد

الفنان القدير ياسر
الفنان القدير ياسر صادق

نجح المركز القومى للمسرح، فى ظل إدارة الفنان القدير ياسر صادق، فى تطوير أدواته، وتقوية العلاقة بينه وبين الفنانين والحركة المسرحية بشكل عام. وحسب قرار إنشائه، يعد المركز القومى للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، مركزًا بحثيًا توثيقيًا فى المقام الأول، ومن بين مهامه وضع استراتيجيات لقطاع المسرح وإقامة المؤتمرات والمهرجانات وتوثيق الحركة المسرحية. وخلال حواره مع «الدستور»، قال رئيس المركز إن جهود التطوير تضمنت إحياء فكرة الندوات التطبيقية للعروض المسرحية المتميزة، والتعاون مع المجتمع المدنى، وعدم التقيد بالبيروقراطية فى إجراءات تصوير العروض، وكان التطور الأهم إنشاء متحف لائق للفنون، والتوسع فى إقامة أجنحة متحفية وفروع للمركز القومى للمسرح فى كل مسارح الدولة وفى قصور الثقافة بالمحافظات. 

وأضاف «صادق»: «ما زال لدينا نحن المسرحيين طموح تجاه تطوير دور المركز القومى للمسرح، خاصة الدور المتصل بالبحث فى المسرح المعاصر واستخدام آليات أحدث فى التوثيق، وسيطلق المركز منصة تشاركية لفنانى المسرح، تتيح لهم عرض تاريخهم ومنتجهم المسرحى، وفقًا لضوابط ومعايير معلنة».

■ كيف بدأت فكرة إقامة متحف لرواد الفنون؟

- وفقًا لقرار إنشاء المركز، فهو يتكون هيكليًا من إدارتين عامتين، الأولى إدارة عامة للبحوث المسرحية، والثانية إدارة عامة للمتحف، ويندرج تحتهما باقى الإدارات الفنية.

وخلال السنوات الماضية، جلب الرؤساء السابقون بعض المقتنيات وخزّنوها فى غرفة منفصلة لتكون نواة لمتحف، وحين تولى الفنان محمود الحدينى المسئولية، كان لديه تصور، لم يجد وقتًا لتنفيذه، وهو بناء مبنى فى حديقة القصر ينتقل له الموظفون، بحيث يُخصص القصر كاملًا للمتحف.

ظل الحلم ينتقل من رئيس للمركز لآخر، فمثلًا الدكتور أبوالحسن سلام، كلف طلاب فنون جميلة بالإسكندرية بتصميم عدد من التماثيل لرواد المسرح، بإشراف زوسر مرزوق، وحينما جاء الدكتور انتصار عبدالفتاح عمل على إحياء فكرة المتحف، والاهتمام بفكرة عرض مقتنيات المركز كمرحلة أولى، لكنها لم تكتمل لضيق الوقت.

وحين توليت المسئولية، أوليت اهتمامًا كبيرًا للأمر، وكان شغلى الشاغل تعظيم دور المتحف وجلب مقتنيات، لأن الموجود لم يكن كافيًا على الإطلاق، وبدأت تنفيذ مشروع لجمع المقتنيات بالتعاون مع جمعية أبناء الفنانين، وكانوا خير سند فى هذا الأمر، وكان لهم موقف وطنى مشرف، إذ سارعوا بالتبرع بمقتنيات آبائهم وأجدادهم، ورفضوا بيعها لبعض الدول العربية والأجنبية، التى قدمت عروضًا مغرية.

كما عملنا على تهيئة حديقة المتحف، وجرى تزيينها بصور كبار الرواد، لتكون مساحة مناسبة لإقامة الأنشطة، مثل الندوات والعروض والأفلام التسجيلية.

■ ما الخطوات التى أعقبت الإنشاء؟

- أنشأنا أجنحة متحفية فى كل مسارح الدولة، ثم توسعنا أكثر بإنشاء أجنحة متحفية فى بعض قصور الثقافة، وبالفعل أنشأنا ٥ أجنحة فى خمسة قصور، لتكون فروعًا للمركز القومى للمسرح، وهى من ناحية منفذ لعرض تاريخ حركة المسرح ورموزها بالمحافظات، ومن ناحية أخرى هى أداة لمتابعة وتوثيق الحركة المسرحية.

تحتوى تلك الأجنحة على شاشات لعرض تاريخ القصر، وأهم من تولوا إدارته، وأهم الفعاليات والعروض المسرحية التى قُدمت عليه، متضمنة صورًا وفيديوهات من تلك العروض والفعاليات.

ويضم كل جناح «لاب توب» يستطيع الباحثون عبره الاتصال بمكتبة المركز القومى للمسرح، والاطلاع على المصادر التى يبحثون عنها، كما تعد الأجنحة منافذ لبيع وتسويق كتب وإصدارات وبيانات المركز القومى للمسرح.

ونخطط لأن تشارك تلك الفروع فى توزيع وتعبئة استبيان مصمم خصيصًا لإصدار بيان رقمى وتقرير حالة سنوى للمسرح المصرى، يشمل كل محافظات مصر، لتقديمه لصناع القرار. 

■ كيف يعمل المركز على توثيق التراث المسرحى؟

- لدينا إدارة مهمتها تحقيق وتوثيق التراث المسرحى، عبر جمع الأدلة من دار الكتب والوثائق ومركز الأهرام، كما تهتم تلك الإدارة بحفظ صور فوتوغرافية للمقتنيات.

■ كيف نشرح أهمية هذا التاريخ للأجيال الجديدة؟

- التراث المسرحى له أهمية كبرى، فلا حاضر بلا ماضٍ، ولا مستقبل بلا حاضر وماضٍ، فالمنظومة متصلة لا بد من بناء طوبة فوق طوبة لنرى بنيانًا متماسكًا.

التراث والهوية المصرية هما الأساس والعمق، ولا يمكننا أن نصدّر مسرحنا الحالى للعالم دون أن نكون مدركين تاريخنا، خاصة أن لدينا تاريخًا عريضًا فى المسرح يستحق أن نسجله ونفخر به.

■ أُثير جدل واسع مؤخرًا حول تاريخ المسرح المصرى، فيما يتعلق بوجود يعقوب صنوع.. هل كان للمركز دور فى حسم الأمر؟

- أعلنا عن تنظيم مؤتمر للتحدث فى هذا الأمر، لكن المؤتمر لم ينعقد لأسباب تنظيمية، لكننا ناقشنا الأمر عبر مجلة المسرح فى حلقات منفصلة، وعرضنا وجهات نظر متعددة، والرأى الذى يقره المركز للقومى للمسرح، وفقًا للبحث، هو وجود يعقوب صنوع، وأن بدايات المسرح المصرى الحديث كانت عام ١٨٧٠، لذا أقمنا احتفالًا بمرور ١٥٠ سنة على المسرح المصرى، فى أثناء المهرجان القومى للمسرح.

وأود أن أوضح أن مهمة التوثيق تتضمن كتابة التاريخ ورصد الواقع، أى الحركة المسرحية الآنية.

نحاول قدر الإمكان توثيق أكبر عدد من العروض، وبالنسبة للأقاليم نوثق المهرجانات التى تضم أهم عروضها، ونقيم دراسة نقدية «ندوة للنقد التطبيقى» للعروض اللافتة، التى تحدث جدلًا، ويجب أن تكون عروضًا جيدة، فما دون العرض دون النقد، كما قالت أستاذتنا سناء فتح الله، لكن فى التوثيق المكتوب لا نزكى عروضًا وفقًا لتقييمها، بل نوثق كل العروض. 

أما على مستوى التوثيق المرئى، فقد عملنا على تطويره قدر الإمكان، فبعد أن كانت لدينا كاميرا وحيدة لا تحقق الغرض، استطعنا تجهيز وحدة تصوير مكونة من ٨ كاميرات ووحدة صوت ومونتاج، وهو ما استفدنا منه فى توثيق حركة المسرح على نحو احترافى.

■ هل البحث المسرحى يركز على التراث بشكل أكبر من الواقع؟

- الحقيقة أن لدينا ندرة فى باحثى المسرح، لكننا نحاول تدارك ذلك عبر تقرير الحالة الرقمى الذى نخطط لإصداره، والذى نستعين فيه بأطراف متعددة كنقاط اتصال، مثل «قصور الثقافة والمهرجانات التى تجمع عروض المستقلين وبعض الأشخاص المتابعين الموثوق فيهم».

وفيما يخص البحث المسرحى، أطلقنا مسابقة عن المسرح ومكافحة الفساد، ونعمل حاليًا على إطلاق مسابقة أخرى فى مجال مسرح المرأة، فى الدراسات والأبحاث والنصوص المسرحية.

■ تعمل وزارة الثقافة حاليًا على تعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة.. ما خطط المركز فى هذا الصدد؟

- نعمل على تعظيم موارد المركز عبر الكافتيريا التى سيجرى إنشاؤها فى حديقة المتحف، وستكون مكانًا مناسبًا لعقد فعاليات. 

كما نعمل على تفعيل الموقع الإلكترونى للمركز القومى للمسرح، الذى سبق إنشاؤه، لكن تعطل السيرفر، ونحاول إصلاحه حاليًا وإطلاق الموقع، وسنطلق- كذلك- قناة على «يوتيوب»، ولدينا مادة ثرية وغنية وجذابة لتلك القناة، وكل هذه الأفكار ستعظم الموارد.

ونخطط لإطلاق برنامج «مع الرواد»، وبرنامج عن تاريخ المسرح يقدمه عمرو دوارة، وسجلنا بالفعل عددًا من الحلقات، ويمكننا عرض عدد من الأفلام التى أنتجها المركز القومى للمسرح عن روادنا وفنانينا وفرقنا المسرحية الرائدة.

وهناك «المكتبة السمعية الرقمية»، وهى أحد أهم المشاريع التى من شأنها تطوير المركز القومى للمسرح وتعظيم دوره الثقافى والبحثى، لأنه يتيح كل بيانات المركز. 

وتقديرًا لدور مصر الريادى فى نشر الثقافة فى القارة الإفريقية، أطلقنا برنامج «اعرف أهلك»، للتعريف بالفنون الشعبية وتبادل الخبرات مع عدد من الدول الإفريقية، مثل إريتريا وإثيوبيا.