رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسائل مصر للعالم.. آن أوان التنفيذ

كان يوم الأمس حافلًا بالرسائل التى أرسلتها مصر للعالم من شرم الشيخ..

فالافتتاح المشرف لمؤتمر المناخ والذى ساهم فيه مئات الشباب المصرى المهنى والمؤهل كان رسالة رمزية على قدرة مصر فى التنظيم والتعبير الفنى الدقيق عن أهداف المؤتمر، والتحولات التى جرت فى شرم الشيخ خلال العام الماضى بهدف تحويلها إلى مدينة صديقة للبيئة، كانت رسالة أخرى على قدرة مصر على تحويل الأهداف إلى حقائق ماثلة على الأرض، أما أهم رسائل مصر إلى العالم فقد عبر عنها الرئيس السيسى فى كلمته، والتى لم يمنعه فيها الوفاء بحق ضيوف مصر فى الترحيب بهم على أرضها، من الصراحة معهم، وهى صراحة اتسمت بغلالة رقيقة من التهذيب طالما لازمت الرئيس السيسى، هذا التهذيب لم يمنع الرئيس من أن يسأل قادة العالم عن ما إذا كانت أهداف القمة الماضية قد تم تحقيقها خلال العام الماضى أم لا؟ وأظن أن سؤال الرئيس هنا كان بهدف التقرير لا بهدف الاستفهام، وكأن لسان حاله يقول إن أهداف القمة الماضية لم يتم تحقيق الكثير منها، ولعل هذا ما دفع الرئيس لأن يصف الأسئلة التى يطرحها على العالم بالأسئلة الصعبة، فما تعهد به قادة العالم ولم ينفذوه هو فى نطاق الممكن كما يقول الرئيس، لكنه لم يتحقق ولن يتحقق إلا إذا «توافرت الإرادة الحقيقية والنية الصادقة لتعزيز العمل المناخى المشترك».. إن إحدى رسائل مصر فى خطاب الرئيس أننا لا نجتمع لمجرد أن نجتمع، ولكن للرد على شواغل الملايين من البشر الذين يعانون الآن.. أكثر من أى وقت مضى.. أما ما يعانون منه فهو الكوارث المناخية التى يعلمها الجميع، أما ما يحتاجه العالم ويذكر الرئيس به الجميع والقادة فهو يتجاوز مجرد الشعارات والكلمات، فما تنتظره الشعوب اليوم هو التنفيذ السريع والفعال والعادل، من خلال خطوات ملموسة نحو خفض الانبعاثات، وبناء القدرة على التكيف مع تبعات تغير المناخ، وتوفير التمويل اللازم للدول النامية التى تعانى أكثر من غيرها من أزمة المناخ.

أما أهم رسائل الرئيس فهى رسالته التى تقول إن هذه القمة هى قمة «التنفيذ» وهى رسالة مهذبة تعنى أن القمم السابقة كانت مساحات الكلام فيها أكثر من مساحة التنفيذ، وكانت مساحة الوعود فيها أكثر من مساحة الوفاء بالتعهدات، ورغم أن الرئيس وضع فى اعتباره تحديات الواقع التى منعت تنفيذ وعود «اتفاق باريس» مما أدى لأن تزيد درجة حرارة الأرض من درجتين ونصف الدرجة إلى ثلاث درجات مئوية، مما يشكل خطورة حقيقية على كوكب الأرض، إلا أن هناك شواهد أخرى تدعونا للتمسك بالأمل منها أن الشعوب صارت أكثر وعيًا بالقضية، ومنها أن الحكومات أصبحت تدرك أكثر ما عليها فعله، أما رسالة مصر العملية للعالم والتى كانت نتيجة فترة عمل وتجهيز سابقة للمؤتمر فهى حزمة مشاريع وتشريعات وتغييرات على الأرض من خلال المنصة الوطنية «نوفى» والتى هى برنامج وطنى للاستثمار فى مشروعات المياه، والطاقة والغذاء، لتحول الأفكار إلى حقائق، وتنهى عام الكلام لتبدأ عام التنفيذ.

أما رسالة الرئيس التالية للمجتمع الدولى بعد رسالة «التنفيذ» فكانت رسالة «الصراحة»، فلا عمل مشترك دون بناء الثقة، ولا ثقة دون وضع احتياجات الدول النامية والإفريقية فى الاعتبار، والتجاوب مع هذه الدول، وتمويلها وفق مبدأ المسئولية المشتركة متباينة الأعباء، ولا شك أن هذا يقتضى قيام الدول المتقدمة بخطوات للوفاء بتعهداتها التى أخذتها على نفسها فى تمويل المناخ ودعم جهود التكيف، وإلى جانب ضرورة «التنفيذ» و«الثقة»، كانت رسالة الرئيس الثالثة هى ضرورة اتخاذ خطوات محددة لتحويل الوعود إلى واقع، مع توجيه المفاوضين بالمرونة والعمل على بناء الثقة، أما رسالة الرئيس الخامسة فكانت أن الوقت لا يرحم، وأننا فى حاجة لحسم المعركة خلال الأعوام القليلة القادمة دون تراجع أو تذرع بأعذار.. ذلك أن هذا هو أوان «التنفيذ» ولا شىء غير التنفيذ.