رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فتحى رضوان.. نصف قرن بين السياسة والأدب

فتحي رضوان
فتحي رضوان

فتحي رضوان، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من العام 1988، يعد واحدا من القامات الفكرية والثقافية السياسية في مصر خلال النصف الأول من القرن العشرين وحتي سبعينياته. فقد كان عضو مؤسس لحزب مصر الفتاة، وشغل منصب وزير الإرشاد القومي في بدايات ثورة يوليو 1952.

 

أما في المجال الفكري والإبداعي، فقد كتب فتحي رضوان وألف عشرات من الكتب، نذكر من بينها: 72 شهرا مع عبد الناصر، مصطفي كامل، أخي المواطن، في المعركة، دور العمائم في تاريخ مصر الحديث، دموع إبليس .. مسرحية من أربعة فصول، نصف قرن بين السياسة والأدب، طلعت حرب .. بحث في العظمة، أفكار الكبار، الإسلام ومشكلات الفكرو عصر ورجال، محمد الثائر الأعظم، المهاتما غاندي، مشهورون ومنسيون، قبيل الفجر وغيرها.

 

يصف دكتور “جلال أمين”، أستاذ الاقتصاد السابق بالجامعة الأمريكية فتحي رضوان بأنه: "كان فتحي رضوان من أكثر السياسيين انتصار لحقوق الفقراء وبسطاء الحال، ومن أشد الناس إخلاصا للديمقراطية السياسية، ولكنه كان ارستقراطي الأخلاق والذوق.

 

كان يظن أن من الممكن احترام حقوق بسطاء الناس وتلبية حاجاتهم الأساسية والبيولوجية، دون أن تتحكم هذه الحاجات البيولوجية نفسها في تشكيل مستوى الثقافة والتعليم والإعلام."

 

ــ 72 شهرا مع عبد الناصر 

وفي كتابه “72 شهرا مع عبد الناصر”، يسرد فتحي رضوان فترة عمله في وزارة الإرشاد القومي مطلع قيام ثورة يوليو 1952، ومن بين ما يرويه “رضوان”، كواليس قرار تأميم شركة قناة السويس: "شقت مصر أرض الصحراء، بين البحرين العظيمين اللذين عاشا قرونا كرسي الملك والسلطان، فتدفقت المياه بينهما، وزادت التجارة كما لم يصرف من التجار ورجال المال، وتضخمت كروش وخزائن زعماء الاستعمار في أوروبا، وظنوا أن القناة السحرية، قناتهم، وكان ذلك أشبه بجلد ظهور المصريين بسياط من نار.

 

ويمضي فتحي رضوان مضيفا: وقبل 23 يوليو 1952 فاوضت الحكومة المصرية الشركة مفاوضات مضنية خرجت منها مصر بدخل قدره مليون جنيه واحد في السنة، وكان ذلك بعد الثورة أمرا مستحيلا، فبعد الثورة خلقت مصر خلقا جديدا، وكان يجب أن تعبر عن عهدها الجديد، وعزمها الذي أصبح من حديد، فقررت أن تنازل أكبر الأقوياء في العالم، فكان تأميم قناة السويس في 26 يوليو سنة 1956، وهو اليوم الذي بلغت فيه الثورة الذروة، وقد جاءت بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، قادة أشد الأحلاف إنحطاطا وضراوة وطمعا، ولم تخجل بريطانيا الدولة العجوز، التي شاب رأسها في نهب الأقوات، واستعباد الأمم والشعوب، أن تكون حليفتها دولة صغيرة حقيرة هي إسرائيل، جاءوا بأساطيلهم، في البحر والجو، وجيوشهم في البر، ليقتحموا مصر من جديد، ويكبلوها بالأغلال، وكان فخرا لمصر أن تخوض هذه المعركة وهي تقريبا بلا سلاح.   

 

وعن رد فعل الوسط السياسي المصري علي قرار تأميم قناة السويس يلفت فتحي رضوان إلي أنه: كان بعض الساسة المصريين من زعماء عهد ما قبل الثورة، ينعون عبد الناصر أنه أقدم علي قرار تأميم قناة السويس، واعتبروا عمله هذا قصر نظر، لأن الباقي من عمر قناة السويس لم يكن يزيد عن اثني عشر عاما، فلو صبر عبد الناصر هذه المدة القصيرة لعادت قناة السويس إلي مصر بلا حرب، ولا تضحيات هائلة بالأرواح والأموال.

 

وردا علي هذه الأكاذيب والافتراءات يوضح فتحي رضوان: “ويجب أن أذكر هنا أن المهندس ”طراف علي" وزير المواصلات الأسبق، وكان مندوب الحكومة المصرية لدي شركة قناة السويس، مر علي ومعه نسخة من جريدة “هندوستان تايمز” وهي جريدة هندية، نشرت في العدد الذي حصل عليه “طراف علي” أن شركة قناة السويس تنوي تشييد مبان لموظفي الشركة، وستجري توسعات في منشآت الشركة الأخري.

 

 ولفت نظري هو أن هذه الاضافات التي ستتكبد الشركة الملايين لا يمكن أن تنفقها إلا وهي تعلم أن الشركة ومرافقها لن تعود إلي مصر في الميعاد المتفق عليه في عقد الشركة المحرر في 1869، وهو العقد الذي أبرم مع الخديو إسماعيل، وقد أعددت مذكرة بهذا المعني لعرضها علي مجلس الوزراء، ولكن اكتفيت بعد ذلك بالتحدث في هذا الشأن مع عبد الناصر.