رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف نحسن استخدام السلطة في الكنيسة؟.. القمص يوحنا نصيف يجيب

 القمص يوحنا نصيف
القمص يوحنا نصيف

قال القمص يوحنا نصيف، راعي كنيسة السيدة العذراء مريم، للأقباط الأرثوذكس، بولاية شيكاغو، بالولايات المُتحدة الأمريكية: «إن في حديث السيّد المسيح مع تلاميذه، كان هو ينبّههم إلى خطورة فِكر التعالي، وشهوة المراكز الأولى، فقال لهم انظروا إلى رؤساء الأمم كيف يستخدمون سُلطتَهم في السيادة على الشعب، أمّا أنتم فَلاَ يَكُونُ هكَذَا فِيكُمْ. بَلْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ فِيكُمْ عَظِيمًا، يَكُونُ لَكُمْ خَادِمًا، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَصِيرَ فِيكُمْ أَوَّلاً، يَكُونُ لِلْجَمِيعِ عَبْدًا. لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضًا لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ.. وهنا يعلّم السيّد المسيح كيفية استخدام السُّلطة التي يعطيها الله لخدمة الآخرين بكلّ اتضاع».

كيف نُحسِن استخدام السُّلطة؟

وأضاف في تصريح له تحت شعار «كيف نُحسِن استخدام السُّلطة؟»: «أيضًا القدّيس يوحنا المعمدان عندما نَصَحَ الجنود، حذّرهم من إساءة استخدام سُلطتهم، بقوله لاَ تَظْلِمُوا أَحَدًا، وَلاَ تَشُوا بِأَحَدٍ، وَاكْتَفُوا بِعَلاَئِفِكُمْ.. أي لا تستخدموا سلطانكم في البطش بالناس أو سلب حقوقهم، ولا تُطلِقوا تُهَمًا باطلة أو كاذبة على أحد، واكتفوا برواتبكم، فلا تطمعوا مادّيًّا مُستغلّين سُلطتكم».

وتابع: «أمّا القدّيس بولس الرسول فهو نموذج رائع للإنسان الذي يفهم معنى السُّلطة، ويستخدمها بكلّ حُبّ وحكمة واتضاع، فهو مثلاً مكث في أفسس ثلاث سنين يُنذِر بدموع كلّ واحد، مُناديًا بالتوبة والإيمان، بكلّ تواضع ودموع كثيرة، باذلاً نفسه إلى النهاية دون النظر إلى كرامته أو راحته، واضعًا في قلبه فقط إتمام الخدمة التي استلمها من الرب يسوع بكلّ فرح، بل أنّه لم يستخدم سلطته لأجل أيّة مكاسب مادّيّة، ولكنّه كان يعمل ويصرِف على نفسه وعلى الذين معه، وفي حديثه مع أهل كورنثوس، وهو يوبّخهم بحبٍّ أبويّ، يؤكِّد لهم أنّ سُلْطَانِنَا الَّذِي أَعْطَانَا إِيَّاهُ الرَّبُّ لِبُنْيَانِكُمْ لاَ لِهَدْمِكُمْ.. فهو يفهم جيِّدًا أنّ السلطان الذي وضعه الله في الكنيسة في سرّ الكهنوت، هو لبنيان كلّ عضو في المسيح».

وأكمل: «والقدّيس بطرس الرسول، يوضِّح لنا ارتباط السلطان الكهنوتي بالرعاية الأمينة المتواضعة، كما يكشف كيف أنّ هذا السُّلطان تصحبه التزامات هامّة، فيقول بالروح: ارْعَوْا رَعِيَّةَ اللهِ.. لاَ بالقهر بَلْ بِالاخْتِيَارِ، وَلاَ لِرِبْحٍ قَبِيحٍ بَلْ بِنَشَاطٍ، وَلاَ كَمَنْ يَسُودُ عَلَى الأَنْصِبَةِ، بَلْ صَائِرِينَ أَمْثِلَةً لِلرَّعِيَّةِ.. فالسيادة هي لله، والرعاة مجرّد وكلاء يجب أن يسهروا بكلّ اتضاع وأمانة على رعيّتهم، فيصيروا نماذجَ حيّةً يشتاق الكثيرون للتمثُّل بها».

وأردف: «ونرى أيضًا القديس بطرس يمجّد القدّيس بولس، ويمدحه، ويَصِفَه بالأخ الحبيب الحكيم، على الرغم من اختلاف مجالات الخدمة وأسلوب الرعاية بينهما، فهو يستخدم سلطانه التعليمي من أجل تدعيم المحبّة ووحدانيّة القلب في الكنيسة، بمدح القدّيس بولس، ونذكر أيضًا نقطة هامّة لكي نُحسِن استخدام السُّلطة، وهي قد نقوم بتداولها كلّما أمكن، أو على الأقل نتجنّب الاستئثار بها، أو تركيزها في يد شخص واحد أو مجموعة قليلة، ونرى في الكنيسة الأولى مثالاً جميلاً لهذا، إذ حدث في مجمع أورشليم أنّ آباءنا الرسل أعطوا الفرصة لمشاركة كلّ الشعب في المجمع».

وواصل: «ونقرأ في نهاية مناقشاتهم أنّ الرسل والقسوس وكلّ الكنيسة قد اختاروا رجلين لتوصيل قرارات المجمع مع بولس وبرنابا، وعند كتابة قرار المَجمَع صَدّروه بكلمة: الرسل والقسوس والإخوة أي كلّ المؤمنين بالمسيح يهدون سلامًا، فلم يوجَد احتكارٌ للسلطة من جهة آبائنا الرسل الأطهار، وأخيرًا، لكي نُحسِن استخدام السُّلطة بوجه عام، نحتاج أن نجاهد باستمرار لكي ننكر ذواتنا؛ لأنّ إعلاء الذّات وطلب الشُهرة والمنافسة والكرامة الأرضيّة، أو المكاسب المادّية، هي دوافع تقود للأسف لإساءة استخدام السُّلطة، أمّا الذي يبتغي تمجيد الله في كلّ أعماله، فيمنحه الربُّ حكمةً ونجاحًا».