رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«أيام نجيب محفوظ».. كان يرى أنه أخذ أكثر من حقه و«نوبل» قيدت حريته

 نجيب محفوظ
نجيب محفوظ

«الاستيقاظ فى الخامسة صباحًا، رياضة المشى، فنجان القهوة مع صحف الصباح فى مقهى ريش، ثم فى مقهى على بابا فى الشهور الأخيرة، لقاء الحرافيش مساء كل خميس، الجلوس إلى المحبين فى قصر النيل مساء الجمعة، الذهاب إلى جريدة الأهرام صباح الخميس، السفر إلى الإسكندرية طوال سبتمبر، بدء الكتابة فى أول أكتوبر والانتهاء منها فى آخر أبريل، ولكن تغير كل شىء بعد نوبل».

هكذا وصف الكاتب محمد الشاذلى حياة ملك الرواية نجيب محفوظ، فى كتابه «أيام مع نجيب محفوظ.. حكايات وحوارات» الصادر عن الهيئة العامة للكتاب.

رصد الكاتب حياة «أديب نوبل» سواء على الجانب الإبداعى والأدبى أو الإنسانى، من خلال مواقف شخصية جمعته به، إضافة إلى عدد من الحوارات التى أجراها الراحل مع بعض المجلات.

وكشف الكاتب عن أن أديب نوبل رفض الحصول على الدكتوراه الفخرية من جامعتى المنيا والمنوفية، وعلل بذلك قائلًا: «الدكتوراه شىء يتم الحصول عليه بعد الجهد والمعاناة، ومنحها لن يضيف لى شيئًا، كما أن الدكتوراه الفخرية لا بد من الحفاظ على قيمتها من الابتذال بمنحها للأعمال الخارقة وتلك بطبيعتها لا تتكرر كثيرًا».

وأكد الكاتب أن الصحافة الفرنسية هى أول من لقبت محفوظ بـ«ملك الرواية العربية»، وبسبب ذلك قال عن نفسه: «أخذت أكثر من حقى فى التقييم النقدى مع أن جيلى لم يأخذ ما يستحقه من النقد والاهتمام».

وقال «الشاذلى»: «لم يكن نجيب محفوظ يجيب أبدًا عن أى سؤال يتعلق بما يكتب، إلا فى مرات نادرة، ولا يبوح بأسرار عالمه الروائى، وكان الاحتفال بعيد ميلاده بالنسبة إلى الدوائر القريبة منه وأسرته من الأمور التى استجدت بعد فوزه بجائزة نوبل عام ١٩٨٨، هو استغرب الفكرة لكنه لم يرفضها».

وأشار إلى أن «محفوظ» كان يعيش فى حرية تامة قبل «نوبل» وشعر بأن حصوله على الجائزة فرض عليه التزامات وأصبح موظفًا عندها، حيث جعلته مضطرًا للارتباط بمواعيد مع عرب وأجانب وبإجراء حوارات ولقاءات مع دبلوماسيين، فكانت حياته قبلها دقيقة للغاية، وكان ينظر فى الساعة ليدخن سيجارته، ولا يخرج العلبة إلا على رأس كل ساعة، كما كان سكان كونسبرج يضبطون ساعتهم على موعد خروج الفيلسوف كانط لنزهته اليومية، كذلك جيرانه يضبطون ساعتهم على موعد خروجه وعودته».

وتابع: «فكان يكتب فى ساعة محددة ويتوقف عن الكتابة فى ساعة محددة، يلتقى أصدقاءه فى ساعة محددة، ويغادرهم بموعد، ويدخل على الحرافيش فى الهرم كل يوم خميس بكيلو من الكباب يحمله من العباسية، ويسافر إلى الإسكندرية فى الأول من شهر سبتمبر من كل عام مع الأسرة فى تاكسى ويتوقف فى برج المنوفية، وفى الإسكندرية كان له موعد وصول يومى إلى كازينو ومقهى بترو ليتواصل مع توفيق الحكيم، ومحفوظ هو الذى اكتشف المقهى وأسس فيه (ركن الحكيم)».

وكشف عن حالة الغضب التى انتابت الرئيس الراحل أنور السادات بسبب البيان الذى وقع عليه عدد من الكتاب منهم توفيق الحكيم ونجيب محفوظ وغيرهما، برفض حالة اللاسلم واللاحرب، يوم ٤ فبراير عام ١٩٧٣، ورد «السادات» بعزل الموقعين ومنعهم من الكتابة ونشرت الصحف الأسماء ما عدا اسم نجيب محفوظ.

وقال: «توقفت الأهرام عن نشر أعمال محفوظ ومنع من الحديث فى الإذاعة والتليفزيون ومنع عرض الأفلام المأخوذة من قصصه، ثم هاجم محفوظ كُتابًا كان يعتبرهم أصدقاءه، منهم حسن إمام عمر وصالح جودت، وانتهت الأزمة بعفو من الرئيس السادات فى يوم ٢٨ سبتمبر من نفس العام».

وتطرق الكاتب إلى الرواية التى أثير جدل كبير حولها «أولاد حارتنا» التى كادت تودى بحياة محفوظ، وخرجت فتاوى عدة آنذاك بقتله، وأخرى بتكفيره، ومنع نشرها فى كتاب، وقال عنها وقتئذ الراحل الشيخ محمد سيد طنطاوى، مفتى الديار المصرية الأسبق: «نجيب محفوظ أديب عربى مسلم ورواية أولاد حارتنا ليست ضد الإسلام وإنما هى خيال فى خيال ومحاولة اغتياله غدر وخيانة لا ترضى الله ولا ترضى أحدًا من خلقه، ونجيب قال أكثر من مرة إنه لا يقصد إهانة الإسلام ولا العقيدة ونيته يعلمها الله ولا نحن شققنا عن قلبه».

ورصد الكاتب أهم ١٦ ندوة ضمن ندوات «محفوظ»، أشهرها ندوة الشبان المسيحيين بحضور سلامة موسى، وندوة «خريجى الجامعة» بحضور عبدالرحمن الشرقاوى، وندوة العقاد فى منزله، وندوة مقهى الحرية، وندوة قهوة «عبدالله» وندوة أمين الخولى، وغيرها من الندوات التى كانت تتمتع بإقبال كبير من الجماهير.