رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«إنعاش الأسواق».. توابع قرار «المركزى» إلغاء قيود «الإيداع» ورفع «السحب»

جريدة الدستور

كشف خبراء اقتصاد ومصرفيون وتجار عن عدد من الإيجابيات المحيطة بقرار البنك المركزى الخاص بإلغاء الحد الأقصى للإيداع، وزيادة الحد الأقصى للسحب اليومى من فروع البنوك المختلفة، على رأسها رفع القيود عن حركة الأموال البنكية، ما يسهم فى توفير السيولة النقدية للمؤسسات والشركات التى تتطلب معاملاتها سحبًا نقديًا يوميًا بأرقام كبيرة، بعد أن كانت تؤدى أعمالها بشكل استثنائى على ضوء القرار المطبق فى بداية جائحة فيروس «كورونا».

وقرر البنك المركزى المصرى، إلغاء الحد الأقصى للإيداع من الفروع أو ماكينات الصراف الآلى للشركات والأفراد، ورفع الحد الأقصى للسحب اليومى من فروع البنوك من ٥٠ إلى ١٥٠ ألف جنيه، مع الإبقاء على الحد الأقصى للسحب اليومى من ماكينات الصراف الآلى عند ٢٠ ألف جنيه.

وقال محمود عطا، المحلل الاقتصادى، إن قرار البنك المركزى يسهم فى رفع القيود عن حركة الأموال البنكية بالعملتين المحلية والأجنبية، وهو إجراء يفضله صندوق النقد الدولى فى الدول التى تسعى للحصول على تمويل أو دعم من الصندوق.

وأضاف «عطا»: «كانت هناك مطالب متكررة من رجال الأعمال وأصحاب الشركات والأفراد بإلغاء الحد الأقصى للإيداع اليومى، وزيادة الحد الأقصى لعمليات السحب النقدى، خاصة فى ظل ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار».

وتوقع أحمد على، مدير الاستثمار لدى شركة «يونيفرسال» لتداول الأوراق المالية، أن ينعكس قرار البنك المركزى بشكل إيجابى على أداء البورصة مع بداية تعاملات الأسبوع المقبل.

وقال الدكتور أحمد شوقى، عضو الهيئة الاستشارية لمركز مصر للدراسات الاقتصادية والاجتماعية، إنه تم تخفيض الحد الأقصى للسحب اليومى إلى ٥٠ ألف جنيه، فى ظل الإجراءات الاحترازية المطبقة أثناء أزمة فيروس «كورونا» للحد من تداعياتها السلبية، ومع تراجع هذه التداعيات خلال الفترة الماضية، كان لا بد من تعديل حد السحب اليومى وزيادته إلى ١٥٠ ألف جنيه للأفراد والشركات.

وأضاف «شوقى»: «هذا القرار يسهم فى توفير السيولة النقدية للمؤسسات والشركات التى تتطلب معاملاتها سحبًا نقديًا يوميًا بأرقام كبيرة، بعد أن كانت تؤدى أعمالها بشكل استثنائى فى ظل القرار المطبق منذ أزمة فيروس كورونا».

كما أشاد بإلغاء الحد الأقصى للإيداع فى ماكينات الصراف الآلى، متوقعًا أن يسهم فى استقطاب العملاء لإيداع أموالهم ومدخراتهم بالبنوك فى غير أوقات عملها، والذى بدوره يسهم فى زيادة محفظة الودائع فى القطاع المصرفى البالغة ٧.٢١٠ تريليون جنيه، منها ٢٠٪ ودائع قطاع حكومى بقيمة ١.٣٥ تريليون جنيه، وودائع القطاع العائلى التى تمثل ٦٤٪ بإجمالى ٤.٦٢٩ تريليون جنيه، و١٣٪ لقطاع الأعمال الخاص، طبقًا لأحدث التقارير الصادرة عن البنك المركزى المصرى لمايو ٢٠٢٢.

واختتم: «معدلات السيولة فى القطاع المصرفى البالغة ٤٤.٧٪ بالعملة المحلية و٧٤.٦٪ بالعملة الأجنبية تساعد فى تطبيق قرار زيادة الحد الأقصى للمسحوبات النقدية، فضلًا عن إمكانية تشجيع ذلك القرار للمتعاملين مع القطاع المصرفى على عدم الاحتفاظ بالسيولة خارج القطاع، والحفاظ عليها فى البنوك».

وقال هانى عادل، الخبير المصرفى، إن القيود على الحدود القصوى للسحب والإيداع فى البنوك كانت قرارًا استثنائيًا، صدر خلال بدايات أزمة «كورونا» لسببين رئيسيين، أولهما تخفيف كثافة العملاء فى فروع البنوك، حفاظًا على صحتهم وصحة المصرفيين، وتحوطًا من انتشار العدوى، والثانى هو السيطرة على حالة الفزع التى انتابت بعض المواطنين ودفعتهم إلى سحب مدخراتهم والإبقاء عليها فى المنازل، ما استدعى تحجيم المسحوبات النقدية لعدم التأثير سلبًا على معدلات السيولة فى البنوك، وبالتالى مع عودة الحياة اليومية إلى أقرب صورة لها قبل أزمة «كورونا»، تطلب ذلك تعديل تلك الإجراءات الاستثنائية بما يتماشى مع تلك التطورات.

وأضاف «عادل»: «رغم أن الظرف الطارئ الذى استدعى إصدار تلك التعليمات قد انتهى، وأصبح العالم أكثر قدرة على التعامل مع كورونا، كانت حدود السحب والإيداع لم تزل مطبقة».

وواصل: «تطبيق حدود قصوى للإيداع بعد زوال السبب الطارئ يتعارض مع توجهات الدولة الداعمة للشمول المالى والساعية نحو مجتمع أقل اعتمادًا على النقد، وهو فى رأيى كان الدافع لصدور قرار البنك المركزى بإلغاء الحدود القصوى للإيداع، سواء لعملاء البنوك من الأفراد والشركات، وبغض النظر عن كون الإيداع من فروع البنوك أو ماكينات الصراف الآلى».

وأكمل: «بخصوص عمليات السحب، فمع توجه الدولة لنشر ثقافة الشمول المالى، كان الأمر يستلزم توجيه المجتمع للتعاملات المالية المصرفية خاصة الرقمية، بدلًا من التعاملات النقدية، وهو ما استلزم الإبقاء على حدود السحب النقدى مع تحسين قيمة الحد الأقصى للسحب من فروع البنوك بنسبة ٣٠٠٪، ليصل الحد الأقصى للسحب اليومى من الفروع لـ١٥٠ ألف جنيه بدلًا من ٥٠ ألفًا».

وأتم: «يأتى هذا القرار لإتاحة الفرصة أمام العملاء لإنهاء مصالحهم، مع الحفاظ على التوجه العام نحو مجتمع أقل اعتمادًا على النقد، لذا استمرت حدود السحب من ماكينات الصراف الآلى كما هى دون تعديل عند ٢٠ ألف جنيه يوميًا، كون العميل يستطيع إجراء أغلب معاملاته المالية دون نقد، طالما يملك بطاقة مصرفية تمكنه من ذلك».

ووصف عزالدين حسنين، الخبير المصرفى، زيادة الحد الأقصى للسحب النقدى بأنه خطوة جيدة من البنك المركزى تساعد الشركات فى الحصول على السيولة اللازمة لعملياتها اليومية.

وقال «حسنين»: «إلغاء الحدود القصوى للإيداع كانت مطلبًا أساسيًا بعد تراجع تداعيات أزمة فيروس كورونا، خاصة أن هناك شركات لا يزال يعتمد نشاطها على التحصيل النقدى، مثل محطات الوقود وشركات الغاز والمولات التجارية والمهن الحرة، إلى جانب أنشطة بيع العقارات والسيارات وغيرها، ما كان يعرضهم للمخاطر بسبب وجود حد أقصى للإيداع، ويؤدى إلى ظاهرة التحايل بفتح أكثر من حساب بأكثر من اسم لإيداع المبالغ بشكل أسهل تهربًا من تلك القيود، بينما حد السحب اليومى من ماكينات الصراف الآلى كافيًا لاستيفاء المتطلبات اليومية من السيولة».

واتفق عبدالرءوف الإدريسى، الخبير الاقتصادى، قائلًا: إن القرار إيجابى فى مواجهة معدلات التضخم، مع مساهمته فى مساعدة القطاع الخاص على إنهاء العمليات التجارية بشكل أفضل، وإحداث رواج وتنشيط للأسواق.

وقال متى بشاى، عضو الغرف التجارية، إن قرارات البنك المركزى بشأن الحد الأدنى للسحب والإيداع تصب فى صالح الاستثمار، وتعد رسالة طمأنة للمستثمر الأجنبى، مطالبًا البنك المركزى بضرورة النظر فى الاعتمادات المستندية، وعودة الوضع كما كان سابقًا، بهدف تنظيم حركة السوق، وتغطية مستلزمات الإنتاج غير الموجودة فى السوق حاليًا.

وثمّن فوزى عبدالجليل، رئيس شعبة الأدوات الصحية فى غرفة القاهرة التجارية، قرار البنك المركزى، معتبرًا أنه قرار صائب وفى الوقت المناسب، ويخدم مجتمع الأعمال والمستثمرين. 

وأشاد خالد نورالدين، عضو الغرف التجارية، بقرار البنك المركزى، مشددًا فى الوقت ذاته على ضرورة دراسة العودة لاعتمادات التحصيل كما كان معمولًا بها سابقًا، لأن توقف الاستيراد يرفع أسعار السلع بصورة جنونية.

ورأى المهندس شمس الدين يوسف، عضو مجلس إدارة الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء، أن هذه القرارات تمثل انفراجة جديدة فى القطاع المصرفى وتصحيحًا لأوضاع ماضية، بهدف جذب الاستثمارات العربية والأجنبية فى ظل الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، فضلًا عن زيادة الحركة فى الأسواق، وخفض معدلات التضخم خلال الشهور المقبلة. 

وأضاف «يوسف»: «هذه القرارات تصب فى صالح محاربة التضخم، عن طريق امتصاص السيولة فى السوق، وتشجيع الاستثمار الأجنبى المباشر وغير المباشر».