رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكنيسة الكاثوليكية تحي ذكرى القديسة «راديغوند» ملكة فرنسا اليوم

كنيسة
كنيسة

تحي الكنيسة الكاثوليكية، اليوم، ذكري القديسة راديغوند ملكة فرنسا، إذ روي الأب وليم عبد المسيح سعيد – الفرنسيسكاني، سيرتها قائلاً: ولدت راديغوند سنة 519م في إحدي مدن ألمانيا وتعرف اليوم ببلاد طورنجة، وكان أبوها اسمه برثاريوس أحد موالي فرنسا متملكاً على البلاد المذكورة، وفى سنة 529م حدث أنه غلب في حرب شبت بينه وبين ملكى فرنسا واسم أحدهما الملك ثياري الأول والآخر كلوتاريوس الأول فوقعت إذ ذاك هذه الأبنة غنيمة للناهبين المظفرين وسبيت إلى فرنسا مع أخ لها كانت توده موده شديدة، فهام في حبها كلا الملكين ثياري وكلوتاريوس، ورام كل منهما أن يتخذها خطيبة له، وأخيراً اختصها له كلوتاريوس. وكان هذا الملك فظاً قاسياً. 

وتابع: فأرسلها إلى إحدى مدنه وأمر أن تهذ تهذيباً محكماً، وبذل جل همته بتثقيفها في اتقان الآداب والبيان قاصداً بذلك أن تكون امراته يوماً فانعكفت على الدرس والمطالعة ورغبت جداً في التقوى ولم يمل قط قلبها ولا انعطف إلى الملذات الدنيوية ولا تاقت نفسها الى الاشتراك في العرش الملوكي مع الظافر الباغي بل بقيت وتبين لرفيقاتها الدارسات ما قد استولى على قلبها من مزيد الحب للاستشهاد، ولم تكف من أن تتذكر المقتلة العظيمة وما شاهدته من خراب مملكة أبيها بعد أن مر على ذلك ثلاثون سنة ما قد أرعب صبوتها وأقلقها على الدوام وجعلها تذرف الدموع الغزيرة.

وتابع: ولما بلغت ثماني عشر سنة من العمر وعلمت أن الملك مجد في تجهيز العرس عازم على إتمامه بعد فترة قصيرة خرجت من القصر الذي كانت مقيمة فيه الواقع على ساحل النهر وركبت سفينة هاربة سراً تحت استتار الظلام. فلما علم الملك بذلك أرسل من استعقب أثرها وجاءه بها الى داره وبعد زمن قليل تزوج بها باحتفال ورهج عظيمين وصبا إليها منشغفاً بهواها ولفرط حبه لها أخذ يشكو عدم الفتها له وتواصلها وكراهيتها الملاذ الدنيوية. وكان الملك يقول ان زوجتي ليست بملكة بل انما هى راهبة.

مضيفًا: فكانت تنعكف على أعمال التقوى والعبادة والقراءات الروحية، كانت تسعف الفقراء وتبذل الاحسانات والصدقات بسخاء جزيل معتنية اعتناء خصوصياً في إدارة مستشفى اقامته في مملكة اثياس حيث قضت سني اسرها الأولى. وخدمت فيه بنفسها جميع المرضى، وذات يوم قتل زوجها أخاها وهو صغير السن وكانت تحبه محبة عظيمة لأنه كان رفيقها في الأسرفاغتمت راديغوند غماً شديداً وامتلأ قلبها حزناً عليه. فقالت يوماً وهي تتنهد: "أني شعرت بنفسي كأن نير العبودية قد تجد وتضاعف". 

وتابع: وبعد فترة من الزمان نالت بغيتها فأذن له أن تهجر القصر الملوكي، فتركته وخرجت من مدينة سواسون ورحلت الى نويون. فقصدت أسقف المدينة مار ميدرد، فعرضت نفسها بين يديه وطلبت منه أن يكرسها لخدمة الله، فرفع يديه ووضعهما على راسها وكرسها خادمة لله. فإنها أخذت منذ حينئذ تطوف الكنائس والهياكل موزعة عليها مما لها من الجواهر والحلى الثمينة الملوكية، ثم رحلت الى مدينة بواتييه، وشيدت ديراً فىها لتنفرد فيه عن العالم وانفردت فيها لتعيش في عزلة فانعكفت على التقشف والحياة النسكية ملازمة خدمة الفقراء والمرضى بمختلف العلل، واهتمت أيضا بإنشاء دير للرهبان محاذياً لديرها، لكى يقوم هؤلاء بتدبير ديرها ويوزعوا على الراهبات الأسرار المقدسة. 

واختتم: كانت تنفرد في قلايتها مدة أيام الصوم الكبير وتحبس ذاتها فيها وتقتات من بقول وعروق نباتات مطبوخة. مع قراءة الكتب المقدسة وسير القديسين، وعندما عقد المجمع الثاني في تورس طلبت راديغوند من الأساقفة الملتئمين هناك أن يثبتوا قانوناً لديرها في شأن الخلوة المؤبدة حسب قانون القديس قيساريوس وسعت بجلب جزء من عود الصليب المقدس ووضعته في الدير بكل توقير ولقبت ديرها باسم الصليب المقدس، ورقدت القديسة راديغوند في الرب بعد حياة مملؤة بالقداسة والمحبة في 13 أغسطس سنة 587م.