رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عن المضيق والأزمة الأمريكية - الصينية..«بيلوسي» تضع واشنطن وبكين على حافة النار

العلاقات الأمريكية – الصينية تسير نحو الإثارة وربما الخطر، منذ إعلان رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي زيارتها لتايوان، وإن كانت الرؤية غير واضحة تمامًا وسط مشهد عالمي ضبابي، والمتابع للشؤون العالمية، خاصة الأخيرة يرى أن ما يحدث عبارة عن صراع إدارات. 

الخميس الماضي، وعلى مدار ساعتين وثلث، أكد الرئيس الأمريكي «بايدن» لنظيره الصيني أن سياسة الولايات المتحدة لم تتغير بشأن مضيق تايوان، فيما تعارض واشنطن الجهود أحادية الجانب لتغيير الوضع الراهن أو تقويض عملية السلام بها، فهل هذه الرؤى الأمريكية تجاه "المضيق" يمكنها طمأنة قادة بكين تجاه النهج الأمريكي؟

«قمة الخميس الهاتفية» بين بايدن ونظيره الصيني طرحت سؤالًا مهمًا، هل كانت المكالمة مخططة قبل زيارة بيلوسي أم أن بايدن و المنتمي لحزب بيلوسي حاول «تأطير» الزيارة ووضعها في الدائرة البرلمانية، ونزع أي بعد أو تأثير سياسي عنها؟

الرئيس الأمريكي –الخميس- لم يتردد في إعلان موقفه غير المؤيد لزيارة بيلوسي لكنه فى الوقت نفسه قال إنه لا يمكنه منعها، وفي الساعات الأخيرة أكد المتحدث باسم البيت الأبيض دعم بايدن لهذه الزيارة، فيما أجابت الخارجية الأمريكية عن أسئلة الصحفيين وقالت إن بيلوسي لها الحق في اختيار قرارها، وكأن الإدارات الأمريكية جزر منفصلة عن بعضها. 

المشهد الأمريكي يقرأه البعض بأنه تمثيلي بامتياز، وأن نيتها للصين مبيته، وتحاول إشغال الصين عسكريًا عبر تايوان، قطع الأسطول الأمريكي الثقيلة تدخل لمنطقة بحر الصين الجنوبي في مشهد يرجح احتمالات الصدام.

اللافت في الأمر هذه المرة ليس «التسخين» والذي تنتهجه بعض الدوائر في الداخل الأمريكي، لكن مسعى بايدن للتهدئة.

أزمة الإدارة الأمريكية هى محاولتها الظهور بمظهر الجزر المنفصلة، إلا أن الأزمة الحقيقية هى تراجع الشعبية في ظل اقتراب انتخابات التجديد النصفي للكونجرس، واخفاق إدارة بايدن في إدارة الملف الأمريكي – الروسي في صالح واشنطن، وتوجيه اللوم لإدارة بايدن على ارتفاع الأسعار، خاصة الطاقة، علاوة على مخاوف الدخول في أزمة ركود اقتصادي عالمي.

«بيلوسي» لم تكن في يوم من الأيام حجر زاوية في الحياة السياسية الأمريكية، لكنها دائمًا كانت نقطة اختلاف وليست اتفاق، وجودها السياسي في إدارة دونالد ترامب كان يصنف دائمًا بأنه سلبي، وتسعى دومًا لترسيخ مبدأ المكايدة.

خطوة «بيلوسي» خطيرة على أكثر من صعيد، دولي، إقليمي، دولي، عسكري، أمني، وسياسي واقتصادي، ومرتبط برد فعل الصين التي اعتبرت الزيارة «استفزازية».

الولايات المتحدة تسعى جاهدة لمنع الصين من التربع على عرش السياسة والاقتصاد في العالم، فهل تترك واشنطن مساحة لبكين حتى وإن كانت «مضيقًا»، وما رد الفعل الصيني الذي تتجه إليه الأنظار العالمية حتى بعد طيران «بيلوسي» لكوريا الجنوبية؟