رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بابا الفاتيكان يستهل زيارته إلى كندا بلقاء مع الشعوب الأصلية

بابا الفاتيكان
بابا الفاتيكان

استهل البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان زيارته الرسولية إلى كندا، بلقاء جمعه مع الشّعوب الأصليّة. 

وألقى البابا خطابا قال فيه: انتظرتُ صابرًا حتى آتي بينكم. ومن هنا، من هذا المكان الذي يحمل ذكريات حزينة، أودّ أن أبدأ ما في قلبي: رحلة توبة. أتيت إلى موطنكم الأصلّي لأقول لكم شخصيًّا إني أشعر بحزن، ولأطلب من الله المغفرة والشفاء والمصالحة، ولأعبِّر عن قربي منكم، ولأصلِّي معكم ومن أجلكم.

مضى بابا الفاتيكان: أتذكّر الاجتماعات التي عُقِدَت في روما منذ أربعة أشهر. قدَّمْتم لي إذاك زوجَي أحذية أطفال، علامةً على المعاناة التي عانى منها أطفال السّكان الأصليّين، وخاصّة الذين للأسف لم يعودوا قط إلى بيوتهم من المدارس الداخليّة الإجباريّة. إنّ ذكرى هؤلاء الأطفال تملأني بحزن، وتحثّنا على اتخاذ الإجراءات اللازمة حتى يعامل كلّ طفل بحبّ وتقدير واحترام. هذه الأحذية تحدِّثنا أيضًا عن رحلة، وعن مسيرة نريد القيام بها معًا. نسير معًا، ونصلّي معًا، ونعمل معًا، حتى تزول آلام الماضيّ، وحتى يحلّ محلّه مستقبل فيه عدل وشفاء ومصالحة.

وتابع: أيّها الإخوة والأخوات، لقد عشتم في هذه الأرض منذ آلاف السّنين بأنماط حياة احترمت الأرض نفسها، التي ورثتموها من الأجيال السابقة وحفظتموها لأجيال المستقبل. عاملتموها على أنّها هبة من الخالق تتقاسمونها مع الآخرين، وتحبّونها بالانسجام مع كلّ الخليقة، في ترابط شديد بين جميع الكائنات الحيّة. وهكذا تعلّمتم أن تغذوا في نفوسكم حِسًّا مرتبطًا بالعائلة والجماعة، وأنشأتم روابط متينة بين الأجيال، فكرَّمْتم كباركم ورعيتم صغاركم. كم من العادات والتعالّيم الصّالحة التي تتركّز على الاهتمام بالآخرين وحبّ الحقيقة، والشّجاعة والاحترام، والتواضع والأمانة، وحكمة الحياة!.

وواصل: المكان الذي نحن فيه الآن ينتزع مني صرخة ألم تدوّي في داخليّ، صرخة ظلّت مكتومة في صدري ورافقتني في الأشهر الماضيّة. أعود بالذاكرة إلى المأساة التي عانى منها الكثيرون منكم، وعائلاتكم وجماعاتكم، وإلى ما شاركتموني فيه حول مآسي المدارس الداخليّة الإجباريّة. ذكرى الخبرات المدمّرة التي حدثت في المدارس الداخليّة الإجباريّة أمر مذهل، يثير الغضب، والوجع، لكنّه ضروريّ.

وأكمل: من الضّروريّ أن نتذكّر كيف كانت مدمّرة، لأهاليّ هذه الأراضيّ، سياسات الاستيعاب والتّحرير، التي شملت أيضًا نظام المدارس الداخليّة الإجباريّة. وكيف أدّت سياسات الاستيعاب إلى تهميش الشّعوب الأصليّة بصورة ممنهجة، وكيف تمّ أيضًا تشويه وإلغاء لغاتكم وثقافاتكم من خلال نظام المدارس الداخليّة الإجباريّة، وكيف تعرّض الأطفال إلى اعتداءات جسديّة ولفظيّة، ونفسيّة وروحيّة. وكيف تمّ اختطافهم بعيدًا عن بيوتهم وأهلهم عندما كانوا صغارًا، وكيف ترك ذلك أثرًا بالغًا لا يمحى في العلاقة بين الآباء والأبناء والأجداد والأحفاد.

واستطرد: أنا هنا، حتى تكون الخطوة الأولى في رحلة الحجّ والتوبة هذه بينكم هي تجديد طلب المغفرة منكم، وحتى أقول لكم، بكلّ قلبي، إني حزين جدًّا. أطلب المغفرة للطرق التي دعم بها، للأسف، العديد من المسيحيّين العقليّة الاستعماريّة للسّلطات التي اضطهدت الشّعوب الأصليّة. فأنا متألّم بألمكم. وأطلب المغفرة، ولا سيّما، للطرق التي تعاون بها العديد من أعضاء الكنيسة والجماعات الرهبانيّة، وأيضًا للامبالاة التي أظهروها، في تلك المشاريع المدمّرة للثقافات، وفي الاستيعاب القسري التي لجأت إليها حكومات ذلك الوقت، والتي بلغت ذروتها في نظام المدارس الداخليّة الإجباريّة.