رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

على جمعة: ثقافة الضجيج سلاح يحاول به البعض الصد عن كلام الله ورسوله

د. على جمعة
د. على جمعة

قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، شيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالهدوء في الصوت، السمع، والنظر؛ لكي نتخذ قراراتنا بحكمة {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}، ونهانا عن ثقافة الضجيج التى يتحول الإنسان فيها إلي شخص لا يفكر ولا يتدبر، ويختلط عليه الحق بالباطل، ويقف حائرا تافها تائها لا غرض له ولا هدف في هذه الحياة التي جعل الله لها هدفا ساميا وهو أن نعبده سبحانه{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}، وأن نعمر الأرض فأرسل الرسل وأنزل الكتب، وأكد الوحي وأمر ونهى وحدَّ لنا حدودًا، وأن نزكي أنفسنا وأن نقيِّم أخلاقنا قال ﷺ : ( إنَّما بُعِثْتُّ لأتَمِّمَ صَالِحَ الأخْلاقِ)، {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا }، والناظر في ثقافة الهدوء وفي ثقافة الضجيج يجد أن ثقافة الضجيج وراءها حزب الكافرين، ابتداءً من إبليس وانتهاءً بالمعاندين الذين لا يريدون وجه الله، ولا يريدون صلاحًا في الأرض.

 

وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية: ثقافة الضجيج هي السلاح الذي يحاول به هؤلاء الأغبياء أن يصدوا عن كلام الله ورسوله ﷺ ، مضيفا أنها ثقافة نراها عندما توعد الله إبليس بأوامر، والأمر في اللغة للوجوب لكنه قد يأتي للتهديد؛ فقال له: { وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا} أمره أوامر أربعة (استفزز- أجلب عليهم- شاركهم- عِدهم) ليس على سبيل الوجوب فإن الله لا يأمر بمنكر؛ إنما على سبيل التهديد كلغة تقول: اجتهد جدك وسوف ترى..؛.
 

واستطرد: إبليس- لعنه الله - يجعل علو الصوت ويجعل الضجيج والجلبة والصياح وسيلة من وسائل إضلال خلق الله سبحانه وتعالى، والله عليم بما سيفعل فنبهه وحذره وتوعده وهدده بمثل هذا الأسلوب الرائق الفائق الذي ليس هو من كلام البشر، فماذا كان من شأن الكافرين {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً}يُصَفِّرون ويُصَفِّقُون، فهم ليسوا أمناء على العبادة ولا على مراد الله من خلقه،لا على حياة الإنسان وهدفه،..؛ هم يريدون ألا يفكر الإنسان.

 

وتساءل "جمعة": فماذا بعد أن جاءهم الهدى، وماذا بعد أن أرسل الله رسوله ﷺ منهم {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}، إنها ثقافة الضجيج الذي لا يبقي معه فرصة لبرهان ولا تأمل ولا تدبر، فتنشأ العقلية الهشة التي لا تستطيع أن تفهم ولا أن تتدبر معناه، ولا أن ترى الواقع على ما هو عليه، ولا يستطيع المؤمن حينئذ أن يدرك شأنه، ولا أن يعلم عصره، ولا يعلم كيف يفكر في تطبيق ما أمر الله ورسوله في هذا العصر..؛ ابتغاء الوصول إلي مراد الله من خلقه. 
 

وأضاف: إنه الهدوء .. إنه الأمر بالسماع والاستجابة والتدبر والتفكر وترتيب الأدلة من غير إكراه {ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ}، ويقول ربنا جل في علاه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ}، ويقول ربنا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} أي ساكتين خاشعين، {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}، ويوجه توجيها عاما في الحياة، ليس فقط في الكلام والصوت الذي يخرج في نطاق الآداب التي بين الناس، بل أيضا في النفس المدركة الناطقة التي عليها التكليف؛ يقول لقمان لابنه وهو يعظه: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ}، ليس فقط في الآداب الاجتماعية بل أيضا في التفكير؛ فإن هذا الصوت يجب أن يكون هادئًا فيما بينك وبين نفسك.