رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الساحل الشمالى

منذ بضع سنوات، امتد العمران إلى الساحل الشمالى، وأصبح مقصدًا لمئات الآلاف من الأسر المصرية، لقضاء أشهر الصيف، خاصة بعد أن ازدحمت مدينة الإسكندرية إلى حد الاختناق مع زيادة عدد سكانها، وتضاعف عدد المصطافين الذين يقصدونها لقضاء أشهر الصيف، حتى كادت تختنق.

وأصبح الآن لدينا بالساحل الشمالى مشهد جديد، حيث يجرى، حاليًا، على قدم وساق تشييد مدينة العلمين الجديدة، التى وجه الرئيس عبدالفتاح السيسى بإقامتها منذ ٢٠١٨، ووضع حجر أساسها فى أول مارس ٢٠١٨، وستصبح بعد انتهائها مدينة متكاملة من مدن الجيل الرابع فى مصر، وهى تقع فى محافظة مطروح بطول ٤٨كم من الطريق الساحلى الدولى، وتنقسم إلى شريحة سياحية وتاريخية وسكنية، وهى أول مدينة مليونية بالساحل الشمالى، وعن طريقها يمكن جذب السياحة طوال العام، وستستوعب أكثر من ٣ ملايين نسمة، وتنفرد بأنها تحتوى على أحدث المشروعات التكنولوجية والعمرانية، التى لا مثيل لها فى منطقة الشرق الأوسط.

ويعد مشروع مدينة العلمين فى المقام الأول فرصة للتغلب على التكدس السكانى فى مصر، حيث إنها تشمل أبراجًا سكنية وسياحية ومراكز تجارية عالمية، وهكذا تحول طريق الساحل الشمالى الدولى الآن لطريق مهم وحيوى، يستخدمه ملايين الأشخاص طوال العام، وستمر عليه ملايين السيارات والنقل والأتوبيسات السياحية طوال العام، فهذا الطريق يوصل إلى مدينة العلمين الجديدة والقرى المنتشرة بامتداده حتى مدينة مرسى مطروح، هذا بالإضافة إلى أنه يشمل بطول امتداده شواطئ خلابة من أجمل شواطئ العالم التى سيقصدها الملايين بعد انتهاء مدينة العلمين الجديدة، بالإضافة لمئات الآلاف من الأسر التى تقطن القرى، وتعتبرها ملاذًا لها خلال أشهر الصيف وهربًا من حر القاهرة.

وهنا أتوقف وأطالب الدولة ورجال الأعمال بأن يتكاتفوا لإنشاء مقاصد سياحية وفنادق سياحية، وأن تكون لدينا فنادق ٤ نجوم و٣ نجوم تنتشر بطول الساحل الشمالى لاجتذاب السائحين طوال العام من الدول الأجنبية والعربية، حيث إن شواطئ الساحل الشمالى وحتى امتداد مرسى مطروح من أجمل شواطئ العالم، لكن للأسف ها نحن منذ العام الماضى نشهد تحولات فى طريق الساحل الشمالى كنا نأمل أن تكون فاتحة خير على مصر، وكنا نأمل أن تكون فاتحة أمان واستقرار واجتذاب للسائحين من الأشقاء العرب أو من الدول الأوروبية والأجنبية للاستمتاع بشمس وبحر وشواطئ وهواء الساحل الشمالى طوال العام، حيث يمكن أن تصبح هذه البقعة التى بها أجمل شواطئ مصر بقعة سياحية عالمية تجتذب السائحين؛ مما يمكنها أن تضيف وأن تضاعف من الدخل القومى المصرى، وبما يتيح مئات الآلاف من فرص العمل للشباب والشابات على امتداد الساحل.

ولكن للأسف، منذ العام الماضى بدأ بناء ميناء كبير بقرية مراسى لترسو عليه اليخوت والسفن العربية للأشقاء العرب الزائرين لقرية مراسى، وعندما بدأ تشييد الميناء تحول الأمر إلى أسوأ ما حدث فى القرى المجاورة، حيث نتج عنه تجريف فى الشواطئ المجاورة له، تدمير تام لها مع استمرار البناء، ففى العام الماضى تم نحر الرمال وتلويثها بمواد البناء التى يحملها المد إلى القرى المجاورة، وشكا السكان وقاطنو القرى المجاورة، وللأسف لم يحدث إصلاح أو حل المشكلة، وعلمت من سكان القرى المجاورة الذين لجأوا إلىّ للكتابة عن هذه الكارثة وتأثيرها الضار على المنطقة وتجريف الشواطئ.

وأدى هذا إلى اختفاء الرمال البيضاء، وتحول الشاطئين فى قرية الدبلوماسيين ٣ وقرية ستيلا بسيدى عبدالرحمن إلى صخور دون رمال، ويجرى، حاليًا، رفع شكاوى لإنقاذ هذين الشاطئين، وعلمت أمس أن التجريف قد امتد إلى قرية هاسيندا باى، وأنه سيمتد إلى القرى المجاورة، طالما لم تحل مشكلة تدمير الشواطئ وتجريفها، لتتحول إلى صخور تؤذى أولًا الأطفال، وتحرمهم من الاستمتاع بالشواطئ.. لهذا فإنه لا بد أن يتم حل المشكلة من خلال الشركة العربية التى تبنى الميناء. إننا نرحب بالأشقاء العرب الذين سيأتون لزيارة شواطئنا، إلا أننا أيضًا نطالب الدولة بأن تنظر إلى ضرورة إيجاد حل لتقوم الشركة الإماراتية الرشيدة للميناء بإصلاح ما أفسده بناء الميناء، خاصة أن عشرات آلاف الأسر المصرية المحترمة قد وضعت كل مدخراتها لشراء سكن لقضاء أشهر الصيف فى شاطئ مصرى، وتعمير الساحل الشمالى بالأسر المصرية، التى من حقها أن تقضى أشهر الصيف، بل ومن الممكن أن تقطن فى هذه البيوت طوال العام، بعد انتهاء تشييد مدينة العلمين وافتتاحها، خاصة أنه سيتم بناء مدارس وجامعات بها.

لهذا إننى أضم صوتى إلى صوت كل قاطنى الساحل الشمالى، وأطالب الدولة بمطالبة شركة إعمار بمعالجة الخسائر التى حدثت للشواطئ المجاورة منذ العام الماضى بحلول دائمة، والاستعانة بخبراء متخصصين فى الجيولوجيا، حيث يمتد التجريف إلى قرى أخرى إلى أن يصل إلى مدينة العلمين الجديدة، وأن من حق المصريين القاطنين فى الساحل الشمالى والقرى أن يلجأوا لبيوتهم وشواطئها هم وأبناؤهم، التماسًا للراحة والهدوء كأى مواطنين محترمين فى أى دولة متحضرة، وأتطلع إلى استجابة الشركة الإماراتية لشكوى السكان، ومعالجة الخسائر التى نتجت عن إقامة الميناء الجديد بقرية مراسى.

واتساقًا مع ما أطالب به من ضرورة إنقاذ شواطئ الساحل الشمالى، فإننى أطالب أيضًا الدولة بإصلاح أخطاء طريق الساحل الشمالى الجديد وتوسعاته، فإنها قد أحدثت حالة من الإرباك للرأى العام، وجميع مستخدمى الطريق قد استغاثوا بالدولة لتصحيح أخطاء هذا الطريق، وأن يتم وضع لافتات، وأن يتم قبل كل هذا تكثيف مراقبة الطريق من قبل الدولة ورجال المرور طوال العام، خاصة خلال أشهر الصيف حيث تكتظ القرى الممتدة على طول الشواطئ بسكانها وقاطنيها وبالمصطافين الذين يلتمسون الراحة والهدوء وقضاء أوقات إجازة آمنة.

فهناك عدد كبير من الكبارى العلوية والكبارى الحلزونية، ولكنها عرضة للحوادث الخطيرة، وكنت قد كتبت مقالة من قبل فى الدستور فى العام الماضى أحذر من مخاطر الطريق القديم المظلم ليلًا فى غالبية مساحته، والذى تقع فيه الحوادث المميتة، خاصة من قبل سائقى النقل الثقيل والتريلات الذين يسيرون بأقصى سرعة ولا يلتزمون بالسرعة المقررة، ولا تعليمات الطريق ويقطعون الطريق بالعرض، مما نتج عنه حوادث مميتة راح ضحيتها عدد لا يستهان به من الشباب والأسر المصرية، حتى أصبح طريق الساحل الشمالى طريقًا خطيرًا يؤدى إلى الموت فى أى لحظة. وها هو الطريق الدولى الجديد ما زال يجرى الانتهاء منه والممتد من وادى النطرون إلى مارينا ومدينة العلمين وحتى مدينة مرسى مطروح، وبدأت الحركة الصيفية عليه، ولكن لا توجد لافتات واضحة وجميع مواقع التواصل الاجتماعى تستغيث لإنقاذ المستخدمين الذين سيصبحون بعشرات الآلاف مع بدء شهرى يوليو وأغسطس، وسيصبحون بالملايين على هذا الطريق بعد انتهاء مدينة العلمين، وسيكونون عرضة لأخطار الحوادث اليومية، وهناك مطلب أساسى وهو وضع رقابة مرورية على الطريق ووضع النقل والتريلات فى حارات منفصلة عن بقية السيارات العادية للمواطنين، نظرًا لخطورة سائقى النقل الثقيل واللوارى والتريلات الذين يقودون بأقصى سرعة، ولا يلتزمون بتعليمات الطريق ولا يأبهون بالأرواح ولا بقواعد المرور وكنت قد شاهدت بنفسى حوادث مروعة حدثت أمامى راح ضحيتها العديد من الضحايا بسبب النقل الثقيل. إن طريق الساحل الشمالى الدولى فى حاجة إلى نظرة فاحصة من الدولة، إذ لا بد أن يعاد تصحيح الأخطاء التى فيه، وأن توضع له إشارات واضحة ولا بد من بناء كبارى للمشاة لعبور الطريق السريع فى أمان، وخاصة أمام القرى وإلا فإنه سيصبح طريق الموت، فأمام القرى لا توجد كبارى علوية للمشاة، فكيف لمئات العاملين والأسر التى لديها أطفال أن تعبر هذا الطريق السريع العريض؟ ولا بد أولًا من تكثيف الرقابة المرورية بطول الطريق وإشراف الدولة ورقابتها الحازمة على هذا الطريق.