رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل نحن فى حاجة إلى كِتاب الدين؟

بعد كل حادثة من حوادث القتل الغريبة تتصاعد النداءات التي تحرك القلب بعودة كتاب الدين إلى المدارس، لأن هذا الكتاب العظيم يمكن أن ينقذنا ويعيد الشباب إلى وعيهم ويوقف إراقة الدماء. 
لا ألوم مَن يطالب بذلك، لكن نظرة سريعة إلى التاريخ والحاضر قد تجعلنا نسأل، هل بالفعل يمكن لكتاب الدين أن ينقذنا؟
بعد مقتل خليفة المسلمين عثمان بن عفان تصاعدت الحروب بين كبار صحابة الرسول، وأرهقت الدماء في معارك متواصلة، وهؤلاء لم يملكوا فقط كتاب دين، بل إن الدين في حد ذاته كان في عهدتهم، وقد كانوا على مسافة معدومة من الرسول، وكان جبريل يحوم في مجالسهم.
في الحاضر، هناك جماعات إرهابية لديها آلاف كتب للدين، ولكنها تفعل ما تفعله بكل وقاحة، ولا تتورع عن قتل الجميع بمن فيهم المسلمون.
أيضًا، أنت وأنا نعرف دون أن نصرح أن الكثير ممن يدعون التدين باعتبارهم مشايخ ولديهم كتب دين "متلتلة" هم في الواقع جهلاء ومحدودو الثقافة والعلم، ويبثون جهلهم للعامة الغوغاء الذين يصدقون، تحت أصداء الخوف من الله وتمني الجنة واتقاء عذاب النار، دون ذرة من التفكير.
وهؤلاء المشايخ أنفسهم لا يتورعون عن الحديث الأرعن الموجه تحديدًا للمرأة، ثم يحذرونك من التعرض لهالتهم المقدسة المباركة.
هل نحتاج فعلًا كتاب الدين في مدارسنا؟
تقول النظرية إن التعليم بحد ذاته ضعيف المستوى، وفيما يعبث الطلبة يقف المعلمون حائرون والوزارة في حيرة أكبر والآباء في هلع لأن المنظومة كلها لم تنضبط حتى الآن، ولا تريد أن تنضبط، فالوقت غير مناسب أبدًا لموضوع كتاب الدين، ألا تخش أيها الفحل أن يؤثر عليه ضعف مستوى التعليم فيتم تدريسه بطريقة لا يستحقها؟
فعلًا!! هل نحتاج كتاب الدين في مدارسنا؟
تقول الأسطورة إن الجيل الذي تعلم كتاب الدين أكثر رقيًا واحترامًا خطأ شائع، فالجيل الأقدم دائمًا أفضل، هي قاعدة كونية ضاربة في التاريخ، أما ما يحدث من حوادث فيعود لمجموعة كبيرة من التفاعلات السياسية والاجتماعية والثقافية التي تخلق دواعي تغيير السلوك في المجتمع وليس من بينها وجود كِتاب الدين أو عدم وجوده.
الوازع الديني نفسه كما نطلق عليه موجود طبعًا وكثير منا يحركه الحلال والحرام لكننا أحيانًا بسبب "كتب الدين" نختلف ونتنازع وربما نفعل الحرام.
إذن كتاب الدين لم يمنع شرًا والسيناريو اللطيف بأن وجوده في المدارس سيجعل الحياة جنة وسوف تختفي الحوادث الصادمة هو سيناريو وهمي.
ما نحتاجه فعلًا في مدارسنا هو أن نعلم الشباب قيمة الكتب وقيمة القراءة والعقل النقدي والتفكير العلمي والرؤية الخلاقة وعدم التحيز والحرية، وحينها أعدك بأن الحوادث سوف تقل بشكل ملحوظ.