رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى ذكرى ميلاده الـ 93.. أنا عبدالحليم حافظ

عبدالحليم حافظ
عبدالحليم حافظ

أتمنى التمثيل بدون غناء.. أحب البينج بونج.. وحواء كل حياتى

التلحين موهبة أفتقدها.. أنا عازف غير ماهر.. وأعرف حدود الآلة الموسيقية فقط

الأغنية المصرية حرام نقارنها بالأوروبية.. الجيتار بيذكرنى بالرقص.. وصوت الأكورديون يُشبه أولاد البلد

ماذا يعنى عبدالحليم حافظ فى سنة ٢٠٢٢؟ الحقيقة أنه يعنى الكثير.. هو واحد من رموز فننا العظيم، وهو فنان من الشعب، غنى للشعب وهو مبدع أغنيات صادقة ما زالت تعيش حتى الآن.. يحفظها المصريون جيلًا وراء جيل، وتشاركهم مشاعرهم.. عبدالحليم حافظ لم يكن وحده.. صوته كان «فاترينة» لامعة قدم من خلالها أعظم مواهب مصر.. قصائد صلاح جاهين ومواويل الأبنودى ونغمات بليغ حمدي وكمال الطويل ومحمد الموجى.. إنه ليس مطربًا عابرًا بل شريكًا فى أحلام المصريين الوطنية.

أغانيه الوطنية كانت تبشر بالانتصار وتهدهد القلوب بعد الانكسار.. وتحيى الرجال الذين استردوا الكرامة.. عبدالحليم حافظ «أصل» من أصول مصر.. لا يقدر بمال ولا يمكن تكراره ولا تقليده وليس له بديل.. على مدار الأسبوع القادم تنشر “الدستور” مجموعة من الموضوعات الصحفية لإحياء الذكرى الثالثة والتسعين لميلاد العندليب المصري. 

■ درست الموسيقى والغناء.. ألم تفكر فى التلحين لنفسك أو للآخرين؟

- ليس معنى أن أدرس الموسيقى أن أكون ملحنًا، فالتلحين موهبة أخرى غير الغناء، بالتأكيد يعتمد على الدراسة، لكن لا بد أن تكون هناك موهبة التلحين، وليست عندى موهبة التدريس على الرغم من دراستى الموسيقى، فدرست الموسيقى على أساس أن أكون عازفًا.

■ هل دراستك للموسيقى ساعدتك فى أداء الأغنية؟

- بالتأكيد، فالذى يدرس موسيقى يستطيع أن يكتشف عيوب اللحن والكلمات، ويحسّن من نفسه، فمعنى أننى أصنع أغنية وعندما أسمعها أكتشف العيب فين، من ناحية الأداء.

قراءتى للشعر وثقافتى العامة وليس الثقافة الموسيقية فقط، هى ما تساعدنى على اختيار الأغنيات. 

■ أغنيتك الجديدة.. أيهما تفضل: إذاعتها فى الإذاعة أم غناءها على المسرح أمام الجمهور؟

- الأغنية الجديدة عمومًا أفضّل أن تكون تجربتها الأولى أو بثها الأول على الناس مباشرة، لأن الناس تعطى لك الانطباع والانفعال الحقيقى عن صدى اللحن الجديد عليهم، لكن عندما تسجل أخاف من الميكروفون أكثر من الناس، لأن الميكروفون به مائة مليون واحد سوف يسمعون من خلاله الأغنية، لكن عندما أغنيها فى الحفلة بنسى كل الميكروفونات وبنسى التليفزيون وبفتكر الثلاثة أو الأربعة آلاف واحد هم الذين أغنى لهم الأغنية الجديدة أمامهم مباشرة.

■ اتجهت مؤخرًا للأغنية الطويلة مثل «مداح القمر» على الرغم من أن الأغنية القصيرة هى الاتجاه السائد هذه الفترة؟ 

- لا ننسى أنفسنا كشرقيين، إحنا متعودين على الأغنية الطويلة متغيرة الألحان، وإن كنا دخلنا تجربة الأغنية القصيرة، ونجحت، فهذا لا يعنى أننا نلغى من حياتنا تجربة الأغنية الطويلة، فالأغنية الطويلة كل جزء منها فى حد ذاته أغنية صغيرة.

 

■ نلاحظ فى أغنيتى «مداح القمر» و«موعود» أنك جعلت الألم بعد اللقاء على الرغم من أنه يحدث قبله فيتألم الإنسان بسبب عدم رؤية المحبوب.. لماذا؟

- لو رجعنا لمجتمعنا العربى القديم كان الإنسان لا يستطيع أن يقابل المرأة وكان يحبها من بعيد لبعيد، لكن الآن الوضع اختلف، والقصص التى تحدث كل يوم بين الشباب والفتيات تختلف نهايتها إما سعيدة أو حزينة أو مكللة بالزواج.

والموسيقى على مر العصور مشاركة فى التطور، فنجد أن شعر أبى العلاء المعرى وغيره من شعراء زمان كانوا يتغزلون فى إنسان غائب.. حسبما جاء فى لقاء مع الإعلامى رياض شرارة على التليفزيون المصرى.

■ هل تذهب إلى منزلك بعد الانتهاء من الحفلة الغنائية؟

- لا أذهب أبدًا إلى منزلى بعد الانتهاء من الحفلة، باخاف أسمع الحفلة فى نفس اليوم، ولكن أسمعها بعدها بيومين، وباترك أصدقائى يقولون لى رد فعلهم عن الحفلة، باشعر برد الفعل بعد ما أسمع الأغانى، وعندما أسمعها أعرف مين صادق من أصدقائى ومن يجاملنى.

■ ما سبب عدم مشاركتك فى أعمال سينمائية كثيرة؟

- عدم مشاركتى فى أعمال فنية وخاصة السينمائية بسبب صحتى ومرضى، هذا ما يمنعنى، فالسينما مرهقة.. جاء ذلك فى برنامج «أوتوجراف» على قناة الريان.

■ رصيدك من المسرح صفر.. لماذا تبعد عنه؟

- هناك أصوات لا تصلح للمسرح، الأصوات الهادئة مثلى، فأنا لست مطربًا مسرحيًا متخصص أوبريتات، فأنا مطرب يوضع أمامى الميكروفون وأغنى، والأوبريت يلزمك بأنك تغنى كل يوم على المسرح.

■ لو سألت عبدالحليم حافظ عن أحمد عدوية كممثل للأغانى التى انتشرت فى السوق الآن.. ماذا ستقول؟

- مثل هذه الأغانى لو وجدنا مكان انتشارها فهو فى شارع الهرم، وفى الكاسيت لناس عايزه تسمعها فى أى ريتم حتى ترقص عليه، ولكن صوت عدوية جيد.

■ ما رأيك فى محمد نوح؟

- محمد نوح لا نستطيع أن نطلق عليه مطرب ولا صوته حلو، ولكن هو إنسان ذكى أخذ الأغانى القديمة وأعادها بأسلوب جديد وجعلها على موسيقى العصر «الجاز» فلم يغير فى الألحان ولكن أعاد توزيعها، يعنى يغنيها بتعبير وإحساس فائض.. وهذا سبب نجاحه.

■ بماذا يذكرك صوت محرم فؤاد؟

- بيفكرنى بالأصوات القوية زمان التى يقولون عليها: الله، وبيفكرنى بالمسرح الغنائى، لأنه يصلح للمسرح الغنائى أكثر.

■ ماذا عن الفنان محمد قنديل؟

- صوته حلو جدًا لكن مش عارف إيه اللى ناقصه.

■ ماذا عن محمد رشدى؟

- صوت شعبى جيد.

■ ماذا عن صوت هانى شاكر؟

- صوته جيد ولكن له مستوى لا أعتقد أنه يستطيع أن يتخطاه، لأنه لا أحد يستطيع أن يتخطى مستواه فى الصوت أو الفن، ولكن صوته جيد وهو مجتهد، ولكنى لا أعرفه معرفة شخصية، وأعتقد أنه غير طموح ومش عارف ليه.

■ وبِمَ يذكرك صوت الفنان شفيق جلال؟

- صوت ابن البلد الحلو الذى تجلس تسمعه وأنت مبسوط، والصوت الذى أستطيع أن أصوّت عليه بمائة بالمائة.

■ نذهب للأصوات النسائية.. ما رأيك فى صوت فايزة أحمد ووردة وسعاد محمد؟

- فايزة أحمد صوت مليان بالإحساس والشجن، ووردة صوتها قوى وحلو لو غنت برقة، ولكن انفعالها بيضيّع كتير من صوتها، ولكن سعاد محمد صوتها حلو لكن لا أشعر بإن بينها وبين الجمهور تناغم، ينقصها شىء.

■ ما رأيك فى الملحنين كمال الطويل ومحمد سلطان ومحمد الموجى وبليغ حمدى؟

- محمد الموجى هو مصر، وكمال الطويل جديد، وبليغ حمدى جديد وهو فى اتجاه آخر غير كمال الطويل، لكن كلهم فى النهاية بيفيدوا الفن المصرى، ومحمد سلطان، فى الأول كنت فاكر إن مافيش منه أمل ولا رجاء، لكن عندما سمعت ألحانه حسيت بأفكاره اللحنية وغيرت وجهة نظرى وهو مستقبله اللحنى كبير.

■ ماذا تشعر عندما تسمع آلة الكمان؟

- هى الصوت الجميل، والأورج صوت الإنسان الدوشجى، والناى صوت الحزن، والأكورديون يُشبه أولاد البلد فى صوته، والجيتار عندما أسمعه أشعر بالرقص، وآلة الرق أشعر معها بالإيقاع وريتم الحياة، حاجة فيها ريتم حلو، أنا أحب العزف ولكن لست ماهرًا، فأنا أعرف حدود الآلة.

■ متى يشعر عبدالحليم حافظ بقمة السعادة؟

- وأنا باغنى، ولما أشعر إن الناس مبسوطة باكون مبسوط، أشعر إن الناس معايا ومنفعلين باللحن والكلام والإحساس الخاص بيا، فالمطرب عندما يقف على المسرح يكون كتلة إحساس، فلو استطاع أن ينقل تلك الكتلة للناس تكون حاجة جيدة.

■ هل تتمنى أن تمثل بدون أغانى؟

- كنت أتمنى أن أمثل بدون أغانى فى الأفلام، لأن معظم الممثلين فى أوروبا يصنعون أفلام دون غناء، ولكن فى مصر جمهورنا يذهب للفيلم الغنائى أو نجمه حتى يسمع أغانى جديدة.

■ ما اللعبة المفضلة للفنان عبدالحليم؟

- أحب البينج بونج، فأنا محترف فيها، وألعب دائمًا مع صديقى مدحت، وأفوز عليه فى النهاية.

■ ما الذى يحدد قيمة الفنان من وجهة نظرك؟

- موهبته هى التى تحدد قيمته، ودراسته وعمقه، من الممكن أن تخلق فنانًا على ورق، وهناك أشخاص تصنعهم للمنافسة لكن فى النهاية تحكمهم موهبتهم، والنجم الذى تصنعه وتعمل له الكثير من الأفلام إن لم يكن موهوبًا من البداية سيسقط سريعًا.. جاء ذلك خلال لقاء فى التليفزيون السعودى مع الإعلامى ماجد الشبل عام ١٩٧٣.

■ ما مفهوم السعادة الحقيقية للفنان عبدالحليم حافظ؟

- عندما يرضى الإنسان، فالقناعة والرضا هما أساس السعادة الحقيقية، وتكمن السعادة أيضًا فى رضا الناس وسعادتهم.. جاء ذلك خلال لقاء مع التليفزيون التونسى. 

■ فى حياة العندليب.. هل توجد هناك شخصية أحببتها بصدق وإخلاص؟

- كل إنسان ربطتنى به صداقة أحببته بصدق وإخلاص، ولن أفضل أحدًا على أحد، فأصدقائى قليلون، وطوال هذا العمر لدى ١٢ صديقًا لم يتبدلوا ولم يتغيروا على الرغم من انشغالنا.

■ هل هناك أمنية كنت تتمناها وتحققت الآن؟

- بلا نفاق، كانت لى أمنية فى حياتى أن أزور تونس وزرتها بالفعل، فكنت أقرأ عنها كثيرًا وعن شعبها، وأشعر كفنان إن فيه تقارب بين فنى وبين الجمهور فى تونس، وأحببت أن يكون التقارب ليس فى الفن فقط وإنما بين الجمهور. 

■ ما الأغنية التى عرف الجمهور العندليب من خلالها؟

- أغنية «على قد الشوق» هى التى عرّفت الناس بـ«عبدالحليم»، وأعتبرها الانطلاقة الحقيقية لمسيرتى الغنائية.. وفق ما جاء فى الإذاعة مع الإعلامى طاهر أبوزيد.

■ زرت بلادًا كثيرة ورأيت الأغنية العصرية.. ما الفرق بين المطرب المصرى والغربى؟

- بالنسبة للأغنية الأوروبية تختلف اختلافًا كليًا عن الأغنية الشرقية، فليس معنى هذا أن نقف مجتمعين لتكون قواعد الموسيقى واحدة فى العالم، لكن روح كل شعب مختلفة عن الآخر، فلو قابلنا أغنيتنا بالأغنية الغربية يبقى بنظلم الاتنين، فالمطرب هناك يتحرك ويرقص ويعزف على الجيتار، فالجمهور اتعود منهم على ذلك.

وأما فى مصر، أو فى بلادنا العربية، فلو خرج مطرب يفعل ذلك، فالجمهور سوف يضربه ويحدفه بالطوب على المسرح، ولكن الذى حاولت تطويره هو إخراج الأغنية على المسرح كنوع يتماشى مع التطور العصرى دون أن تستعدى الجمهور أو يستفز منى.

■ لو نظرنا لحواء كأخت وصديقة وزميلة وممرضة فى حياتك.. كيف تكون؟

- الأخت عوضت الأم، أما الزميلة فشاركتنى فى عملى، ثم الصديقة أضافت الحب والإحساس بأنه ممكن جدًا أن تكون هناك علاقة غير مشبوهة بين الرجل والمرأة، والممرضة أضافت لى إن فيه حواء فى العالم تستطيع أن تحمل الآلام عن المرضى وعن الناس المريضة، وأن تسهر على راحتهم.. حسبما جاء فى لقاء إذاعى فى برنامج «أنا وحواء» على إذاعة «صوت العرب».

■ ما أول شىء يلفت نظرك للمرأة؟

- عيون المرأة هى التى تلفت نظرى وتخطفنى.

■ كم قصة حب فى حياة «عبدالحليم» تمنيت لو انتهت بالزواج؟

- كم قصة؟! الحياة لا تحتمل قصصًا كثيرة، لا يوجد غير قصة حب واحدة ولكنها للأسف لم تنتهِ بالزواج.

■ ما المشكلة التى بين الرجل والمرأة وتراها كبيرة وتتمنى لو تقدمها فى فيلم؟

- أرى أن هناك مشكلة واحدة هى مشكلة الصداقة، لأن الناس تتعامل مع الصداقة على أنها علاقة غير جيدة، وهذا انطباع خطأ.

■ المنافسة بين الرجل والمرأة والمنافسة بين الرجل والرجل فى مجال العمل.. أيهما أقسى؟

- العمل بين الرجل والمرأة أقوى، لأن المرأة تملك الجَلَد والصبر والتحمل ولا تمل أو تزهق بسرعة، ولكن ليس فى كل الأعمال.

■ من وجهة نظرك.. ما أكثر ما تكرهه المرأة فى الرجل؟

- أن يفقد كرامته، فعندما يفقد الرجل كرامته لا تحبه المرأة ويسقط من نظرها أبدًا.

■ ما رأيك فى تشابه الملابس وقصات الشعر بين الرجل والمرأة خلال هذه الأيام؟

- لا أعلق سوى بأنها فوضى عارمة.

■ امرأة من التاريخ أحبها عبدالحليم حافظ؟

- نفرتيتى، لأنها كانت تؤمن بالفن، آمنت بإخناتون جدًا وكانت تساعده على أن يقول كل شىء بداخله، فكانت دليلًا على إيمان المرأة بالرجل.

■ هل تتذكر أول قُبلة فى حياتك؟

- أول قُبلة كانت من خالتى على خدى، وقبلها وضعتها أنا على يد خالى.

■ لكن أقصد القُبلة الغرامية؟

- حياتى كلها خالية من الغراميات وبالتالى من القبلات الغرامية، فحياتى لم يكن فيها سوى حبى للفن.

■ لكن قبلاتك فى أفلامك دائمًا حارّة وملتهبة ومن روحك؟

- العمل الفنى يتطلب منى ذلك، فكله تمثيل.

■ لكن قُبلتك لصباح فى فيلم «شارع الحب» أثارت ضجة كبيرة بسبب حرارتها وكأنكما تعيشان قصة حب ملتهبة؟

- كان المشهد يتطلب هذه القُبلة، وأنا سبق وقبّلتها فى فيلم «فتى أحلامى»، وكذلك لبنى عبدالعزيز فى فيلم «الوسادة الخالية» وزهرة العلا أيضًا فى هذا الفيلم، وشادية فى فيلم «دليلة» ثم فى فيلمى الأخير مع مريم فخر الدين، وأنا فى كل هذه الأفلام أؤدى العمل المكلف به.

■ هل تختلف القُبلة باختلاف البطلة التى تمثلها؟

- بالطبع، فممثلة الإغراء تحاول جاهدة أن تطيل فى القُبلة التى تمثلها وتحاول أن تجعلها مثيرة، لأن ذلك يخدم شهرتها، أما ممثلة الأدوار فتحاول أن تعطى جمهورها صورة بأنها ترتبك وتنفعل ولا تدرى ماذا تفعل عندما يطلب منها المخرج أداء هذا المشهد.

■ هل تشترط القُبلة فى أفلامك؟

- لا طبعًا، وإنما الفيلم يتطلب ذلك، كانت أطول قُبلة لى مع مريم فخر الدين فى فيلم «حكاية حب».

■ وما ألذ قُبلة على الشاشة بالنسبة لك؟

- ألذ، ماعرفش الصراحة، إنما أشهر قُبلة والتى أثارت ضجة كبيرة هى القُبلة المتبادلة بينى وبين لبنى عبدالعزيز فى فيلم «الوسادة الخالية»، والفضل فى شهرتها يرجع للمخرج صلاح أبوسيف الذى استطاع أن يضع فيها إثارة للفت الأنظار.. حسبما جاء مع جمال الباجورى فى مجلة الكواكب عام ١٩٥٩.

المصدر: حلقة من برنامج «سينما القاهرة»