رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رضوان الكاشف: معركة بين رءوس الأموال تمنع عرض «الساحر» فى السينما

الساحر
الساحر

صباح يوم أربعاء عام ٢٠٠٢، رحل رضوان الكاشف قبل أن يتم عامه الخمسين ويكمل أحلامه السينمائية التى رغب فى تحقيقها، تاركًا إرثًا فنيًا من ثلاثة أفلام هى «ليه يا بنفسج» و«عرق البلح» و«الساحر». 

ولد رضوان الكاشف فى القاهرة عام ١٩٥٢ لعائلة من محافظة سوهاج، وحصل على ليسانس الفلسفة من جامعة القاهرة عام ١٩٧٨ قبل أن يحصل على بكالوريوس الإخراج السينمائى من المعهد العالى للسينما عام ١٩٨٤، بعدها بأربع سنوات قدم فيلمه القصير «الجنوبية»، وحصل على جائزة العمل الأول من وزارة الثقافة عام ١٩٨٨، وعمل مساعدًا للإخراج مع المخرجين: يوسف شاهين، وداود عبدالسيد، ورأفت الميهى، وغيرهم. 

قدم «الكاشف» فيلمه التسجيلى «الحياة اليومية لبائع متجول»، ثم حقق حلمه بإخراج فيلمه الروائى الطويل الأول «ليه يا بنفسج» عام ١٩٩٢، وأعقبه بفيلم «عرق البلح» ثم «الساحر». 

نال جائزة من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى عن فيلمه الأول «ليه يا بنفسج» ١٩٩٣، واعتبر ذلك بمثابة دليل قاطع على أنه يسير على الطريق الصحيح. 

وقال فى حواره مع جريدة «الأهالى» ١٩٩٣، إن الفيلم «كان حالة من الشجن والإحباط ووأد الأحلام وانعكاس للواقع الأليم»، وأضاف: «وإن كنت فى نهاية الفيلم حاولت تجاوز الأزمات، ولا ننسى أن المهمشين الفقراء الذين ينغلق عالمهم عليهم ليس أمامهم سوى الانفجار». 

أهدى «الكاشف» فيلمه «ليه يا بنفسج» لكتّاب الستينيات؛ لأن أعمالهم الأدبية كانت تدور حول المهمشين خارج حدود المدينة بالمفاهيم السياسية والثقافية. 

وعن رائعته «عرق البلح»، قال فى حوار مع جريدة «الجيل» ١٩٩٩، إنه واجه فى البداية أزمة فى أن لهجة الحوار غير مفهومة وتجب دبلجتها لتصبح قاهرية أو أخف قليلًا، فرفض قائلًا: «لو مش عايزين الفيلم باللهجة دى يبقى مافيش فيلم خالص». 

رفض «الكاشف» دبلجة الفيلم، رغبة منه فى ألا يفقد خصوصيته، إذ تدفع هذه العملية إلى فقدان الشخصيات مشاعرها، واعتبر الفيلم كسرًا لعزلة السينما عن الصعيد. 

أما فيلم «الساحر» فهو بتمويل مالى من الشركة العربية، وأهداه «الكاشف» لروحى سعاد حسنى وصلاح جاهين. 

وشهد الفيلم التجربة الإنتاجية الأولى لـ«الكاشف»، التى أربكته وضاعفت من مسئوليته، ونتيجة لذلك صور ثلاثة أرباع ساعة وحذفها من الفيلم.

وقال فى حوار لـصحيفة «الحياة» عام ٢٠٠٢: «كنت خائفًا وحريصًا على استنفاد الأموال التى حصلت عليها من الشركة العربية التى مولت الفيلم بالكامل حتى لا يقال عنى إننى أسرق أو أضع الأموال فى جيبى». 

ورغم المخاوف والعقبات والشعور بالارتباك، استفاد من مشاركته فى إنتاج «الساحر» بهامش كبير من الحرية فى تحديد المدة الزمنية المناسبة للانتهاء من التصوير وبناء الديكورات. 

مُنع فيلم «الساحر» من العرض فى سينما «مترو» بوسط البلد؛ بسبب معركة بين الشركة العربية وشركة «عثمان غروب»، وتسبب الخلاف بين الجهتين فى عدم عرض العمل فى سينمات أخرى فى مصر الجديدة والهرم والدقى والعجوزة. 

اعترف «الكاشف» فى حواره لصحيفة «الحياة»، بأن حرمان فيلم «الساحر» من العرض فى السينما، كان بسبب دخول رءوس أموال كبيرة فى صناعة السينما، وبالتالى طغت مسألة الربح على القيمة الفنية، وتسببت هذه المرحلة الانتقالية العنيفة فى اضطرابات حرمت بعض الأفلام من النجاح. 

واجه «الكاشف» اتهامات بعد فيلميه «الساحر» و«عرق البلح» بأنه يقدم سينما متشائمة بأسلوب مسرحى، ويركز على الحصول على جوائز المهرجانات، لكنه اعتبر ذلك مسألة اختيار، إذ يمكن أن يقدم المخرج فيلمًا كوميديًا أو جادًا، واستشهد بفيلم «المريض الإنجليزى» المأخوذ عن رواية مايكل أونداتجى التى تحمل الاسم نفسه، والذى جرى إنتاجه عام ١٩٩٦ وفاز بأوسكار أفضل فيلم للعام نفسه، الذى حقق إيرادات كبيرة ونجاحًا ضخمًا رغم أنه فيلم سوداوى.