رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«عهد جديد».. مسئولون ومستثمرون يتحدثون عن شراكة الحكومة والقطاع الخاص

جريدة الدستور

تقف الدولة المصرية على أعتاب مرحلة جديدة من الشراكة مع القطاع الخاص، تسعى خلالها لإفساح المجال أمام الشركات والمستثمرين فى مختلف القطاعات والأنشطة الاقتصادية، لضخ استثمارات جديدة فى شرايين الاقتصاد الوطنى، وتحقيق حلم الوصول بقيمة الصادرات المصرية إلى ١٠٠ مليار دولار.

الاهتمام الحكومى الأخير ترجمه العديد من التحركات، كان آخرها الإطلاق الرسمى لمؤسسة «منتدى القطاع الخاص» «PSF»، بالتعاون بين وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والبنك الإسلامى للتنمية، على هامش الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامى للتنمية «IsDB» التى استضافتها مصر خلال الفترة من ١ يونيو حتى ٤ يونيو ٢٠٢٢ فى المركز الدولى للمؤتمرات بمدينة شرم الشيخ. 

فى السطور التالية، يتحدث عدد من الخبراء فى مجالات الصناعة والاقتصاد، لـ«الدستور»، حول تداعيات تلك التحركات والاتفاقيات على حركة الاقتصاد المصرى، وكيف يمكن أن تحقق نموًا على مستوى عدد من القطاعات الحيوية، وغيرها من التفاصيل.

وزيرة التخطيط: إقرار وثيقة سياسات ملكية الدولة بعد إجراء حوار مجتمعى

قالت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، إن الدولة عازمة على تدشين مرحلة جديدة من التعاون وتعزيز دور القطاع الخاص، فى إطار خطة شاملة للتخارج التدريجى من عدد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية، مع الإبقاء على وجودها فى القطاعات ذات الطبيعة الاستراتيجية.

وشددت على أن وثيقة سياسات ملكية الدولة لن يتم إقرارها نهائيًا إلا بعد طرحها للحوار المجتمعى مع كل الأطراف المعنية، والوصول إلى صيغة توافقية؛ لتصبح بمثابة خارطة طريق للمرحلة المقبلة.

وأشارت إلى أن الدولة نجحت فى توقيع ١٣ اتفاقية استثمارية جديدة على هامش اجتماعات البنك الإسلامى للتنمية، استحوذ القطاع الخاص على النصيب الأكبر منها بعدد ٩ اتفاقات، مقابل ٤ اتفاقات أبرمتها الحكومة مع مؤسسات البنك، لافتة إلى أن مؤسسات البنك تعتزم المشاركة فى طرح الإصدار الأول من الصكوك الإسلامية بالتعاون مع القطاع الخاص فى مصر.

وذكرت أن توجه الدولة فى المرحلة الراهنة يرتكز على دعم القطاع الخاص بأدوات تمويلية مختلفة وفتح أسواق جديدة للتصدير والتجارة، خاصة فى السوق الإفريقية، بينما تختص اتفاقات الحكومة بدعم مكاتب التمثيل التجارى ووجود معارض وصادرات وخدمات صحية. 

ولفتت وزيرة التخطيط إلى أن العروض التى تتلقاها الدولة من أى مؤسسة تمويلية لا بد أن تتماشى مع خطة وتوجهات الدولة فى تلك المرحلة، فلا توجد مؤسسة تمويلية تفرض توجهاتها على الدول.

وفى الإطار ذاته، قالت الدكتورة ندى مسعود، المستشار الاقتصادى لوزيرة التخطيط، إن منتدى القطاع الخاص حدث يعقد لأول مرة فى مصر بالتزامن مع استضافتها اجتماعات البنك الإسلامى للتنمية، بحضور عدد كبير من ممثلى الدول الأعضاء، البالغ عددها ٥٧ دولة.

وأضافت أن المنتدى شهد مشاركة كبيرة من شركات القطاع الخاص المصرية والعربية والأجنبية، بخلاف الجهات الحكومية المصرية والقطاع المصرفى المحلى والعربى والإسلامى.

وأوضحت أن مصر وقعت ١٣ اتفاقية ومذكرة تفاهم مع مؤسسات البنك الإسلامى للتنمية وبنوك خليجية للدخول فى شراكة استثمارية، وتم خلال المنتدى تقديم ٥ عروض ترويجية للاستثمار لمشروعات إنتاجية تتبع الهيئة العربية للتصنيع، ووزارة قطاع الأعمال العام، وشركات مقيدة فى البورصة. ونوهت إلى أن الجناح المصرى بالمنتدى ضم ٧ عارضين، وما يقرب من ٨ رعاة، مشيرة إلى أن العروض الاستثمارية لمصر ركزت على عدد من قطاعات الصناعة والسياحة والبترول والتعدين، مع إعادة هيكلة بعض شركات القطاع العام.

«اتحاد الصناعات»: قانون الصكوك يتيح الاستفادة من نظم التمويل

رأى الدكتور خالد عبدالعظيم خليفة، المدير التنفيذى لاتحاد الصناعات المصرية، أن القطاع الخاص المصرى أمامه فرصة كبيرة وتاريخية لتوسيع نشاطه، سواء داخل مصر أو فى محيطها الإفريقى، نظرًا لوجود تشريعات وبنية أساسية جاذبة، فضلًا عن الامتيازات والاستثناءات التى ترصدها الدولة لدعم وجذب المستثمرين فى هذا الصدد. 

وأشار إلى أن بعض نظم التمويل كان يحتاج تعديلات تشريعية فى مصر كالصكوك، التى نجحت الدولة فى إصدار قانون جديد لها إلى جانب لائحته التنفيذية، و«بالتالى أصبحت أمامنا فرصة كبيرة للتعاون مع مؤسسات التمويل الإسلامية، خاصة فى قطاعات محددة كالتطوير العقارى».

ولفت «عبدالعظيم» إلى أن إعلان الدولة التخارج من بعض القطاعات والأنشطة الاقتصادية تطور طبيعى تفرضه المرحلة الراهنة، بعد أن أنهت الحكومة مهمتها فى تأهيل البنية التحتية ودعم بعض المجالات، التى كانت تتطلب تدخل الدولة فى المرحلة السابقة، باعتبارها مجالات استراتيجية وحيوية، حتى تُثبت دعائمها فى منظومة الاقتصاد الوطنى.

وذكر أنه بعد تلك الخطوات يحدث التخارج وتتاح الفرصة للقطاع الخاص، وهو ما يحدث فى كل النظم الاقتصادية فى العالم، فلا تستمر الدولة فى عملية الإدارة طول الوقت، إلا فى المجالات الاستراتيجية والحيوية، حيث تطرح الشراكة مع القطاع الخاص، فى حين أن هناك دولًا أخرى تتخارج كليًا من كل القطاعات.

وأضاف «عبدالعظيم» أن نظم تحقيق التخارج الحكومى من القطاعات الاقتصادية والشراكة مع القطاع الخاص، تتم من خلال آليات مختلفة، إما عن طريق عقود مباشرة مع ممثلى القطاع الخاص أو الطرح فى البورصة المصرية.

ولفت إلى أن هناك تشاورًا دائمًا بين اتحاد الصناعات والحكومة، كان آخرها اجتماع تم قبل أيام، بين المهندس محمد السويدى، رئيس اتحاد الصناعات المصرية، ورئيس مجلس الوزراء، لتقديم أطروحاتنا بشأن كيفية تعامل الدولة المصرية مع التحديات الحالية، فى ضوء أزمتى جائحة كورونا والحرب الأوكرانية الروسية بكل تداعياتها الاقتصادية.

وقال «عبدالعظيم» إنه مطلوب من القطاع الخاص فى ظل قدرته على الممارسة، أن يقدم مقترحات للحكومة المصرية، من بينها التوسع فى إصدار الرخصة الذهبية وإعمال قانون التراخيص الصناعية، وإزالة أشكال العوائق الإجرائية، ووضع أجندة إصلاحات لدفع النمو الصناعى وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، ووضع خطة يتم تطويرها بشكل دائم، لنحدد من خلالها عوائق الإجراءات ومقترحات الحل والجهة المسئولة عن الحل، ونقدمها للحكومة للمناقشة ومتابعة ما يمكن تنفيذه على المدى القصير والمتوسط والطويل.

وحول خطة مضاعفة الصادرات المصرية، أكد أن زيادة الصادرات إلى ١٠٠ مليار دولار هدف طموح، يمكن تحقيقه من خلال العمل داخليًا وخارجيًا، من خلال التوسع فى إقامة التجمعات الصناعية بنظام العناقيد الصناعية المتخصصة.

وبيّن «عبدالعظيم» أن الجيل الأول والثانى والثالث من المدن الصناعية لم ينشأ بفكر العناقيد الصناعية، وبالتالى يوجد عدد من الصناعات غير المتجانسة داخل المنطقة الصناعية الواحدة، ما اضطر عددًا منها للحصول على مستلزمات ومدخلات إنتاجه من مدينة صناعية أخرى.

وكشف عن أن الدولة بدأت العمل مؤخرًا على بناء المدن الصناعية المتخصصة، بدءًا من مدينة الأثاث فى دمياط، والروبيكى للجلود، وأعلنت عن إنشاء مدينة الدواء بمدينة السادات ومدينة الصناعات النسيجية.

وطالب «عبدالعظيم» بتشجيع هذا التوجه نظرًا لأهميته فى توفير مساحة الأرض التى تقام عليها مخازن المشروعات، وتقليل تكلفة الأعباء الرأسمالية للمشروع، وخفض التكلفة، ما يسهم فى زيادة الميزة التنافسية للمنتجات المصرية من حيث السعر.

«سيدات الأعمال»: 5 مقترحات لمواجهة الأزمة 

شددت الدكتورة عبير عصام، رئيس مجلس أمناء المجلس العربى لسيدات الأعمال، على أن نجاح مصر فى عقد واستضافة أول منتدى للقطاع الخاص، يعد رسالة إيجابية، خاصة أنه يأتى وسط مشاركة واسعة من رجال وسيدات الأعمال من مصر وبلدان العالم، وفى ظل أوضاع عالمية شديدة التعقيد وأزمات اقتصادية تضرب مختلف دول العالم. 

وقالت إن المنتدى يشير إلى أن عجلة الاقتصاد المصرى لم ولن تتوقف، وأمامه فرص كبيرة للنمو وجذب مزيد من الاستثمارات والمشروعات فى مختلف القطاعات الواعدة، مشيرة إلى أنه تم، خلال المنتدى، عقد لقاءات ثنائية عديدة بين ممثلى القطاع الخاص والمؤسسات المصرفية وجهات التمويل الإقليمية والمحلية لبحث تمويل عدد كبير من الفرص الاستثمارية، المتوقع أن تثمر عن اتفاقات ومذكرات تفاهم فى مشروعات ضخمة.

ونوهت إلى أن غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات تقدمت بخمسة مقترحات لمجلس الوزراء، منها إتاحة مزيد من التيسيرات فى التمويل العقارى على المطور والعميل، ومد فترات التنفيذ، وإرجاء الغرامات على بعض المشروعات، وذلك لمواجهة تداعيات الأزمة العالمية على القطاع العقارى.