رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

8 سنوات

تمر هذه الأيام ذكرى مرور ثمانى سنوات على تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى رئاسة الجمهورية فى مصر، وهى مناسبة تستحق توجيه التحية للرئيس السيسى وللعاملين معه وللجيش المصرى الذى كان أداة الدولة الرئيسية لتنفيذ مخطط تنمية وعمران طموح وعملاق، وهى التحية الواجب تقديمها أيضًا للحكومة بأجهزتها المختلفة ولمؤسسات الدولة التى شاركت فى تنفيذ هذه الإنجازات، كل فيما يخصه وبحسب الدور المرسوم له.. يكتسب هذا الأداء تميزه وفرادته من أنه بدأ واستمر وسط ظروف عاصفة كانت تستهدف بقاء الدولة المصرية نفسه، ووسط حرب أمنية استخدم فيها البعض ميليشيات الإرهاب وكتائبه وجماعات موالية له ومتحالفة معه فى الداخل والخارج، وكان قرار الدولة المصرية أن تخوض معركة البناء والتنمية جنبًا إلى جنب مع معركتها ضد الإرهاب. وقد أسفرت المعركة عن هزيمة الإرهاب وحسم الصراع السياسى وترويض الدول التى كانت تتدخل فى الشأن المصرى وتجاهر بالعداء لمصر والمصريين وترويض الجماعة الإرهابية التى كانت مخلبًا للمؤامرات الخارجية حتى باتت تطلب أن تشارك فى حوار المصريين مع بعضهم البعض، ناسية أن الخونة والمتحالفين مع الأعداء لا مكان لهم فى حوار المصريين مع بعضهم البعض.

وكان من علامات السنوات الثمانى إقدام الدولة المصرية على إحياء الأدوار التنموية للدولة ومؤسساتها بعد أن ركنا فى آخر ثلاثين عامًا لنمط أسميه نمط التنمية الكسول.. الذى يميل لإسناد معظم مهام الدولة للقطاع الخاص ولرجال الأعمال، ويعمل وفق مخطط بطىء وكسول بهدف عدم تحمل أعباء توفير التمويل اللازم لعمليات التنمية الضرورية والواجبة لمجاراة الزيادة السكانية ومعدلات الإهلاك وعوامل الزمن بشكل عام.. حيث أخذ الرئيس على عاتقه الإسراع بمخططات تنمية الدولة المصرية واختصار الزمن أو السباق معه.. فرأينا خططًا جسورة للإسراع بتنفيذ مخطط القاهرة ٢٠٥٠ وتنفيذ معظمه خلال ثمانى سنوات بدلًا من الانتظار ثلاثين عامًا مقبلة.. ورأينا الانتهاء من المراحل الأساسية فى بناء عاصمة جديدة لمصر وهو أمر شرعت فيه الدولة منذ عهد الرئيس السادات ثم تراجعت فيه بعد وفاته إيثارًا للسلامة ورغبة فى عدم المغامرة أو عدم بذل الجهد اللازم.. فأسفر الأمر عن العاصمة الإدارية الجديدة وهى مشروع ناجح من الناحية الاقتصادية والتجارية، فضلًا عن منافعه الأخرى الكبيرة.. ثم رأينا الإقدام بجسارة على تنفيذ مخططات تعمير الساحل الشمالى التى كنا نسمع عنها منذ الثمانينيات ولا نراها.. فبدأت خطة لبناء مدن تصلح للإقامة فى الصيف والشتاء أيضًا، وتم شق طريق «القاهرة- الضبعة»، وتم بناء قاعدة عسكرية عملاقة ذات أهداف تنموية هى قاعدة محمد نجيب، ثم تلا ذلك المشروع العملاق «مستقبل مصر» على جانبى طريق «القاهرة- الضبعة» الذى يهدف لاستصلاح ٢ مليون فدان مصرى بإدارة من عناصر القوات الجوية المصرية، ومشاركة علماء وزارة الزراعة ومراكز بحوثها المختلفة، والمعنى أن مخطط تنمية الساحل كان هو أيضًا من المخططات المؤجلة التى تنام فى أدراج الدولة المصرية لسنوات دون أن تجد من يملك الجرأة والعزيمة لتنفيذها، وهو ما ينطبق على العشرات من المشاريع الأخرى، سواء فى منطقة توشكى أو شرق العوينات أو غيرهما من مشاريع الاستصلاح التى تهدف لزيادة المعمور الزراعى المصرى بمقدار ٤ ملايين فدان لمجاراة الزيادة السكانية وتأمين المحاصيل الاستراتيجية وزيادة صادرات مصر الزراعية.. خطة التعمير هذه شملت أيضًا بناء ١٤ مدينة مصرية جديدة بمواصفات حديثة وبناء عشرات الجامعات الأهلية وإزالة عشرات المناطق العشوائية وتمكين سكانها من الحق فى سكن كريم ورعاية اجتماعية واقتصادية، وهى الفكرة التى تم تطويرها لتشمل ٦٠ مليون مصرى ضمن مشروع «حياة كريمة» وهو واحد من أعظم المشاريع التنموية فى تاريخ مصر والعالم لأنه ينطلق من قاعدة أخلاقية وحقوقية تؤمن بحق كل المصريين فى التنمية والعيش الكريم.. وبغض النظر عن التفاصيل الكثيرة والمتنوعة التى يقصر الإعلام أحيانًا فى إبراز جوانب التميز والفرادة فيها.. فإن الدولة المصرية نفذت استراتيجية وطنية تهدف لاستعادة قوة الدولة المصرية ورفع كفاءة مؤسساتها ومواردها المختلفة من خلال تعظيم الدور الإقليمى المصرى وتحويل مصر لمركز إقليمى للطاقة وللاقتصاد عمومًا، وهو ما استدعى خطة عملاقة لشق الطرق والمحاور التى تهدف لربط الشرق بالغرب عبر مصر، وكأننا نضيف لقناة السويس البحرية عشرات من قنوات السويس البرية عبر القطار حينًا وعبر الطرق والمحاور حينًا آخر.. ولا شك أن هذا الإيقاع السريع والقتالى فى العمل كان مثارًا لعدم فهم البعض أو لغيرة البعض أو لاستهداف البعض فى وقت كانت الدولة فيه تسابق الزمن للانتهاء من خطط التنمية فى أسرع وقت ممكن.. وقد استدعى هذا فى بعض الأحيان نوعًا من الإجراءات الاستثنائية التى تهدف لتبريد الصراع السياسى، وهى إجراءات كانت تستهدف بالأساس الجماعة الإرهابية والمتحالفين معها ومن تتوافر معلومات حول تمويلهم من قوى خارجية ولا شك أن أى تطبيق قد ينطوى على خطأ ما.. أو أن الظروف التى اقتضته قد تغيرت وهو ما عبر عنه الرئيس بالدعوة للحوار الوطنى.. خاصة أن مرحلة جنى ثمار التنمية قد تأخرت بعض الشىء بسبب ظرف عالمى قاهر لا يعرف أحد متى ينتهى ولا يملك أحد القدرة على إنهائه، وبالتالى فإن من مصلحتنا جميعًا كمصريين أن ننخرط فى حوار وطنى له محور اقتصادى واضح إلى جانب المحاور الأخرى يدرس كيف نبنى على ما تحقق بالفعل وكيف نطور الأداء السياسى والاقتصادى استفادة من مشروعات التنمية العملاقة التى لا مفر من استكمالها حفاظًا على ما تم استثماره فيها وسعيًا للاستفادة من نتائجها التى تشكل الأمل الكبير والوحيد فى تحقيق حلم التنمية.. لقد مضت ثمانى سنوات من العمل الجاد والطموح الذى يستحق توجيه تحية احترام وإجلال للرئيس ومن يعملون معه من أصغر جندى وعامل إلى أكبر مسئول يصل الليل بالنهار كى يرى بلاده كما يتمنى وكما تستحق أن تكون.