رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مستقبل مصر فى «مستقبل مصر»

وأنا أسير على طريق الضبعة فى الطريق إلى حضور حفل بدء حصاد القمح فى مشروع «مستقبل مصر»، تذكرت منشورًا كتبه أحد ناشطى التمويل الأجنبى فى عام ٢٠١٧، كان هذا الناشط خفيف الظل يتساءل عن جدوى إنشاء طريق «القاهرة- الضبعة»، ويتنبأ بأن الرمال ستزحف عليه لتغطيه وتطمر ملامحه ويخبر المصريين باعتباره عالمًا ببواطن الأمور أنهم خسروا أربعة مليارات جنيه تكلفة شق الطريق!! هذا الناشط الجاهل نموذج لكثيرين فى حياتنا هذه الأيام.. يفتون بغير علم.. ويتحدثون بغير معلومات.. يحركهم الغرض.. وتطلق ألسنتهم الرغبة فى الكيد لا الرغبة فى النقد.. قلت لنفسى فى الصباح إن شق الطريق هو الخطوة الأولى والمنطقية لتعمير الأرض التى حول الطريق.. فلا عمران بغير طرق ولا نقل بضائع بغير طرق ولا عمالة يمكنها أن تصل للمشروع بغير طريق يقودها إليه.. إن هذه من بديهيات الأمور فى أى مكان فى العالم لكنها فى مصر ليست كذلك.. أيًا كان الأمر فقد كنا بالأمس على موعد مع إنجاز كبير وقيمته ليست فى حد ذاته رغم عظمته كإنجاز زراعى كبير.. ولكن قيمته فى أنه يسهم فى إلقاء بقعة ضوء على الصورة لتكتمل، لقد صحونا بين ليلة وضحاها على خبر سعيد يقول إنه تم استصلاح ٣٥٠ ألف فدان من مشروع مستقبل مصر على يد قوات مصر الجوية.. وإن هذه هى المرحلة الأولى فقط من المشروع وإنه ما زالت هناك مرحلتان قادمتان تضاف فيهما عشرات الآلاف من الأفدنة للمشروع بعد استكمال حفر الترع اللازمة لنقل مياه الصرف المعالجة وفق اشتراطات منظمة الصحة العالمية.. كان الشرح يتحدث عن منظومة عملاقة تتجاور فيها جهود الهيئة الهندسية فى مد خطوط البنية الأساسية والكهرباء وحفر الترع وبناء محطات الرفع.. وجهود خبراء الزراعة المصرية فى استنباط الأنواع المناسبة للتربة فى هذا المكان البكر.. وجهود القوات الجوية فى الإدارة والاستصلاح.. إن هذا المشروع الضخم كله الذى يضيف ما يقرب من المليون فدان للرقعة المصرية ليس سوى خطوة فى طريق طويل لزيادة مساحة المعمور المصرى والخروج من الشريط الضيق الذى عاش فيه المصريون قرونًا متتالية وظللنا منذ السبعينيات نتحدث عن ضرورة الخروج منه دون أى خطوة على أرض الواقع.. ولم يتغير الواقع إلا بجهد الدولة المصرية فى عهد الرئيس السيسى الذى تضاعف المعمور المصرى فى عهده من ٧٪ ليصل إلى ١٤٪ من المليون كيلومتر مربع الذى هو مجمل مساحة مصر.. لقد كانت لدى الرئيس السيسى رغبة كبيرة فى أن تصل الصورة للرأى العام المصرى وأن يدرك المواطن البسيط حجم ما تم من إنجاز والفلسفة التى تحكم هذا الإنجاز.. فالرئيس يؤمن بأن قرارنا لن يكون من رأسنا إلا إذا أكلنا من فأسنا.. وهو يجند أجهزة الدولة فى خطة عملاقة هدفها تحقيق الاكتفاء الذاتى من القمح، ومن بنجر السكر الذى يتحول إلى ملعقة سكر فى كوب شاى المصريين اليومى، فضلًا عن تأمين مزروعات يمكن تصديرها للسوق العالمية بالعملة الصعبة.. إن الرئيس يؤمن بأن الدولة ليست تاجر شنط يبحث عن الربح ويتاجر فى المضمون.. ولكنها تدير البلاد بما يحقق لها أمنها وسيادتها واستقرار شعبها.. لقد عاصرنا منذ الثمانينيات سياسة تقوم على تخلى الدولة عن زراعة القمح مقابل زراعة الفراولة والكنتالوب اللذين يتم بيعهما بأسعار أعلى، وكانت النتيجة كما نعرف جميعًا.. وأذكر أن المصريين لم يكونوا راضين عن هذه السياسة، وأطلق بعض الصحف على وزير الزراعة وقتها «وزير الكنتالوب»!! والمعنى أنه كان إدراكًا لضرورة أن تزرع مصر قمحها بيديها حتى لا نجد جاسوسًا ينصح هذه الدولة أو تلك بتأخير سفن القمح فى المحيط للضغط على صانع القرار فى مصر.. وقد كانت هذه وقائع قضية تجسس شهيرة شهدتها مصر فى الستينيات.. ولعل الناشط الذى هاجم طريق الضبعة هو حفيد الصحفى الذى نصح الدبلوماسى الغربى بتأخير السفن فى المحيط!! لقد تحدث الرئيس حديثًا من القلب مع مجموعة الإعلاميين الذين حضروا افتتاح موسم الحصاد، والخلاصة أن مصر بخير وأننا لن نتوقف عن البناء وأن هناك المزيد من المشروعات القومية فى الطريق لأننا لا نملك سوى العمل، وأن هذه المشروعات يعمل فيها ما يقارب سبعة ملايين عامل مصرى، ولأن نتائجها تضاف لأصول الدولة المصرية ولثروة الشعب لا لأحد سواه.. كان الانطباع الذى خرجت به أننا لا بد أن نكمل ما بدأناه وأن الرئيس السيسى ليس رئيسًا تقليديًا، ولكنه قائد وطنى اعتبر أنه فى معركة مع العوامل التى كانت تهدد بقاء الدولة المصرية، وخاض المعركة مع جيشه بنفسية مقاتل صاحب عقيدة، وأنه قدم تضحيات ضخمة فى سبيل تحقيق ما آمن به.. وطبيعى أن يناصبه سماسرة الأوطان العداء.. فالسماسرة لا يتخيلون أن هناك من يخدم وطنه لوجه الله لأنهم اعتادوا بيع الأوطان.. ألا خسر ما يمكرون.