رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خطة إعادة إحياء المسرح المدرسى: دعم مادى وفنى ولوجستى

المسرح المدرسى
المسرح المدرسى

 

 

يُجمع النقاد والفلاسفة على أن فن المسرح هو الوسيلة الأكثر فاعلية لبناء الوعى والشخصية وتطوير القدرات والنهوض بالمواهب، ومن هذا المنطلق، تكمن الأهمية القصوى للمسرح المدرسى فى تنشيط عملية الإبداع داخل عقول النشء من طلاب وتلاميذ المدارس.

ومر المسرح المدرسى بتحولات كبيرة، على مدار تاريخه، بين فترات ازدهار انتشر فيها هذا النوع من المسرح، صانعًا أجيالًا من التلاميذ المبدعين، وفترات انحسار، ضعف فيها دوره لأسباب متعددة، منها ضعف الإمكانيات وتوقف عملية التطوير وغيرهما.

ويطرح عدد من الخبراء، لـ"الدستور"، تصوراتهم حول أسباب ضعف ذلك النوع من المسرح، وكيفية إعادة إحيائه وتطويره ليكون بمثابة مشروع قومى لتنمية مواهب النشء، كما يستعرضون أبرز المشروعات التى أقيمت فى هذا الإطار.

قالت الدكتورة رضا بكرى، موجهة التربية المسرحية بإدارة شرق مدينة نصر بوزارة التربية والتعليم، إنه لا يستطيع أحد إنكار المشكلات التى يعانيها المسرح المدرسى، ومنها قلة عدد المسارح فى المدارس وضعف إمكانياتها.

ورأت أنه لكى يؤدى المسرح المدرسى أدواره الراقية والمتعددة، لا بد من تطوير كل ما يلزم لممارسة النشاط المسرحى فى المدارس بنجاح، من مسارح مناسبة بإمكانيات معقولة لإنتاج عروض على مستوى كل مدرسة، بجانب التنمية المهنية المستمرة للإخصائى المسرحى.

وتحدثت عن الوضع الحالى للمسرح المدرسى، قائلة: "لم يختلف عن السابق، فلدينا عدة مسابقات تقام فى أعياد الطفولة فى الفنون المسرحية والإلقاء وفنون التربية الخاصة".

وواصلت: "وفقًا لمشروع المنظومة التعليمية المطورة، يبدأ تطوير المسرح فى مرحلة رياض الأطفال حتى الصف الرابع الابتدائى، وأصبح لدينا كتاب واحد للأطفال من مرحلة رياض الأطفال حتى الصفوف الأولى، يشمل مجموعة من الأنشطة بطريقة تكاملية بحيث يكمل كل نشاط الآخر".

وذكرت أنه على سبيل المثال، عند الإعداد لمشروع مسرحية، يقوم مدرس الاقتصاد المنزلى بتصميم الملابس، ومدرس التربية الفنية بتنفيذ الديكور، والتربية الموسيقية بصناعة موسيقى العرض، وإخصائى المسرح بإخراج المشروع.

وتابعت: "كل مدرس سيشارك بتخصصه بطريقة تكاملية، تخرج عملًا فنيًا جيدًا، لنصل إلى مشروع فنى متكامل متعدد التخصصات، وهو ما يهدف إليه مشروع المنظومة التعليمية المطورة".

واستكملت: "فى مرحلة رياض الأطفال يقدم الأطفال مشروعًا لمسرح العرائس، وفى الصفوف الأولى يقدم الطلاب مشروع مسرحية من أحد موضوعات المنهج أو موضوعًا مهمًا للمرحلة العمرية، ومنها على سبيل المثال قضية السلوكيات".

وقالت: "نأمل أن تصعد المنظومة التعليمية المطورة للصفوف الأعلى، وهو ما يسهم فى تقديم عروض مسرحية أكبر دون اللجوء إلى عناصر من خارج المنظومة".

من جهته، طالب الكاتب محمد عبدالحافظ ناصف، رئيس المركز القومى لثقافة الطفل، بتوفير ميزانية جيدة داخل كل مسرح مدرسى، ليؤدى دوره كاملًا سواء كان توعويًا أو منهجيًا أو إرشاديًا أو فنيًا. 

وبين أن المسرح المدرسى يلعب دورًا مهمًا فى مسْرحة بعض المناهج، وإن كان يقتصر وجوده للأسف، على المسابقات المقررة لأعمال المسرح المدرسى، كما يلعب دورًا فى اكتشاف الوجوه الجديدة فى الفنون المختلفة.

وتمنى أن يصبح فى كل مدرسة مسرح وإخصائى مسرحى، موضحًا أن المركز القومى لثقافة الطفل يفتح أبواب "الحديقة الثقافية" لكل الإدارات الفنية والمسابقات التى تخص المسرح المدرسى. 

وأضاف: "هناك تعاون كبير بين وزارة التربية والتعليم ومسرح الحديقة الثقافية فى كل الأنشطة، من خلال برامج ثابتة، كما يوجد برنامج يسمى (حديقة الفنون) يقام بالتعاون مع الإدارات التعليمية بالجيزة والقاهرة".

وتابع: "توجد أيضًا قوافل متنقلة للمدارس فى عدة أقاليم مختلفة، كما ينشر المركز القومى لثقافة الطفل سلسلة تسمى (من طفل لطفل)، وينشر نصوصًا مسرحية للأطفال، ويقدم عروضًا مسرحية وورشًا فى فن الكتابة المسرحية فى القاهرة والجيزة". 

وأعرب عن أمنيته فى زيادة الدعم المقدم لمسرح الطفل بشكل عام، وليس المسرح المدرسى فقط، لافتًا إلى نشر المركز القومى لثقافة الطفل، سلسلة نصوص لعدد كبير من كتاب المسرح، مضيفًا: "هناك أعمال أخرى ستصدر قريبًا".

وفى السياق ذاته، يشرف المخرج المسرحى الكبير أحمد إسماعيل على مشروع مسرح الجرن، وهو واحد من أهم الأنشطة الفنية التى تقدم لطلاب المدارس.

وقال "إسماعيل" إنه ما لم يوجد مسرح مدرسى فى كل مدراسنا، لن يوجد مسرح حقيقى فى مصر، وليس المقصود أن يصبح كل طلابنا فى المراحل التعليمية فنانين مسرحيين، فمنهم من سيكون بالفعل فنانًا مسرحيًا، أما باقى الطلاب فسيكونون متذوقين لهذا الفن.

وذكر أن الجمهور المتذوق هو إحدى ضمانات حركة مسرحية حقيقية، لافتًا إلى أن أهمية المسرح المدرسى تكمن فى أنه عمل جماعى يتم من خلاله تعليم الأطفال مجموعة من القيم الأساسية وتوزيع الأدوار والتذوق الفنى.

وقال إن العمل المسرحى يتضمن محاور فنية متعددة تسهم فى بناء شخصية الطالب مثل "الحوار وتكوين الشخصيات والبناء الدرامى وتطوره"، كما أن المسرح المدرسى هو وسيلة مسلية وترفيهية ومبهجة، وهى خصائص يصعب إيجادها فى نشاط آخر غير المسرح.

وبين أن مشروع مسرح الجرن يتم بالتعاون بين وزارتى الثقافة والتربية والتعليم، وجرى العمل فيه على ٣ محاور؛ الأول تنمية ثقافية لأطفال المرحلة الإعدادية بالقرى، وذلك بتفعيل سبعة أنشطة أدبية وفنية هى: القصة والشعر وجمع حكايات القرية والألعاب الشعبية الخاصة بهذه المرحلة السنية وكذلك الأغانى الشعبية والفنون التشكيلية والمسرح "وأضيف فن العرائس كنشاط مستقل فى عام ٢٠١٦م".

وقال إنه يتم تفعيل ذلك داخل المدرسة وأثناء الدوام الدراسى، بتخصيص ساعة لكل مدرسة بعد الفسحة مباشرة، لمدة يومين فى كل أسبوع على مدار ٣ أشهر، لتقام فيها هذه الأنشطة، مبينًا أن المشروع توقف مؤخرًا لأسباب غير معلومة رغم أهميته.

وأكمل: "نحتاج إلى تعاون كبير ومثمر بين وزارتى الثقافة والتربية والتعليم كى ينشأ المسرح المدرسى فى كل مدرسة فى مصر وفى كل المراحل التعليمية، وأن تولى الدولة لذلك الأهمية القصوى، فنحن فى زمن تتصارع فيه البلاد والدول على النهضة الإبداعية والنهضة الفنية والاعتماد على غذاء العقل". 

من جانبه، قال المخرج طارق سعيد، مدير مشروع الفن فى الفصل الدراسى، إن المشروع يتولى توفير مدربين فى المسرح والفن التشكيلى والسينما والموسيقى داخل كل فصل دراسى.

وأضاف: "ذهبنا إلى ١٢ محافظة مختلفة منها الفيوم والواحات والمنيا، واستهدفنا طلبة المرحلة الإعدادية بالمدارس الحكومية، لأنها الأكثر احتياجًا لهذا النوع من الخدمة، مقارنة بالمدارس الخاصة التى لديها أنشطة مختلفة".

وتابع: "نذهب إلى كل مدرسة لمدة ٥ أيام ونمارس بها أنشطة مثل تنفيذ مسرحية قصيرة وفيلم قصير، ويمثل بهما الطلبة ثم ننظم حفلة يقدم بها الطلاب مواهبهم من الغناء والعزف، ونقيم معرض لوحات".

وواصل: "نفذنا تلك التجربة فى مكتبة الإسكندرية، كما كنا ننقل خبراتنا الفنية لمدرسى المدارس، وكنا نقيم تجاربنا بإجراء استطلاع رأى عن كل حفلة، وقد كانت ردود الأفعال من الطلاب جيدة، حيث طالبوا بزيادة فترة الأنشطة".

وأشار "سعيد" إلى أنه تقدم بمشروع جديد إلى وزارة التربية والتعليم وهو "دمج الفنون فى المناهج الدراسية"، بحيث تخصص حصة أسبوعيًا للفنون لننقل للطلبة عدة قيم أخلاقية وإبداعية مختلفة، لتحفيزهم على التفكير بشكل إبداعى.