رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الاختيار 3.. بين الواقع والخيال «10»

خيرت وحازم.. مخبر وإرهابى تحت الطلب

الإخوان قدموا حازم صلاح أبوإسماعيل منذ ٢٠٠٥ كأحد الدعاة الجدد لإكسابه الشعبية المطلوبة لدى رجل الشارع 

كان يؤدى دور القاتل الذى يحمل شهادة معاملة أطفال والذى يمكن التبرؤ بسهولة من تصرفاته 

أسس تياره تقليدًا للتيار «السرورى» وهو تيار يجمع بين حركية الإخوان والفكر السلفى الجهادى

الإخوان قدموا صفوت حجازى أيضًا فى ٢٠٠٥ كداعية دينى لإكسابه الشعبية فى صفوف الشباب تمهيدًا لدوره بعد يناير ٢٠١١

خيرت الشاطر كان يقدم نفسه كمخبر يمكنه الإبلاغ عن عناصر القاعدة لو أجيب إلى طلبه أو التحالف معهم إذا لم يجب 

الحلقة التاسعة من «الاختيار ٣» تطرح علينا سؤالًا مهمًا.. إذا كان كل هذا الإرهاب قد تفجر والمصريون أنهوا الفيلم من بدايته.. فماذا لو كنا انتظرنا حتى النهاية.. بمعنى أنه لو افترضنا أن الإخوان كانوا سيلتزمون بالنصوص التى أوصلتهم إلى مقعد الحكم ويرحل مندوبهم فى الاتحادية بعد أربع سنوات.. فماذا سيكون حال جماعات الإرهاب فى هذه السنوات؟ إلى أى مدى كانت ستنمو؟ ما هى خططها للمستقبل أو لمرحلة ما بعد الإخوان؟.. وإذا كانت كل هذه القوى الإرهابية السائلة ترى أن حكم الإخوان غير كاف لطموحاتها وفهمها للشريعة، وأنهم مجرد محطة أولية لتطبيق ما يعتبرونه الشرع.. فهل كانوا سيقبلون أن يرحل الإخوان بعد أربع سنوات وأن يأتى رئيس آخر من قادة جبهة الإنقاذ مثلًا؟، وهل هذا الرئيس يمكنه التصدى لتيار إرهابى غوغائى مثل الذى كان يقوده حازم صلاح أبوإسماعيل؟ أهم ما طرحته حلقة الاختيار التاسعة هى تلك الإضاءة على ذلك التيار الإرهابى المتحالف مع الإخوان من خلال اجتماع بين حليفين للإخوان أحدهما عمر رفاعى سرور، وهو واحد من الجيل الثانى من أسرة تكفيرية.. والده من رموز الفكر القطبى فى مصر.. ومن أهم من نظّروا له.. أما عمر نفسه فقد جمع بين التنظير والممارسة العملية وتم اعتقاله عام ٢٠٠٣ بتهمة العمل لحساب تنظيم القاعدة فى العراق وتجنيد مصريين لحسابه، وقد خرج مع حادثة اقتحام السجون الشهيرة فى ٢٠١٢ وبقى طليقًا حتى سافر إلى سيناء ليعمل مفتيًا لتنظيم أنصار بيت المقدس.. ثم ينتقل منها إلى ليبيا على حد ما كشفت حلقات الجزء الثانى من الاختيار.. أما حليف الإخوان الثانى حازم صلاح أبوإسماعيل فهو أيضًا من الجيل الثانى من أسرة إخوانية.. والده هو صلاح أبوإسماعيل أشهر أعضاء الإخوان فى مجلس الشعب الذى وصفه زكى بدر وزير الداخلية فى البرلمان بأنه تاجر عملة.. أما حازم نفسه فهو من أشبال الإخوان ورجالهم فى نقابة المحامين.. لكنه منذ ٢٠٠٥ دخل فى مرحلة إعداد نفسه لدور جديد، وبدلًا من محاولاته الدائمة للترشح فى مجلس الشعب ومجلس نقابة المحامين والانشغال بالترافع فى قضايا الإرهاب.. قرر أن يلعب على نطاق جماهيرى واسع وأن يقدم نفسه كواحد من الدعاة الجدد.. يتكلم فى قضايا مثل «الحب فى الإسلام» وما إلى ذلك من موضوعات تضمن للمتحدث فيها أكبر قدر من الجماهيرية فى صفوف المصريين والعامة والنساء تحديدًا.. دون أن تلقى أى اعتراض من السلطة.. وهى لعبة لجأ لها فى نفس التوقيت إخوانى آخر هو صفوت حجازى.. الذى كان يقدم نفسه فى عام ٢٠٠٤ على أنه مختلف مع جماعة الإخوان وأنه داعية مستقل يتحدث فى أمور اجتماعية لا تثير قلق أحد مثل «آداب الخطبة فى الإسلام» و«الزواج فى الإسلام» إلى آخر هذه الموضوعات الخفيفة التى أظن أن الهدف منها كان خلق أكبر كم من الشعبية لهذه الشخصيات التى لعبت أدوارًا خطيرة لحساب الإخوان فيما بعد يناير ٢٠١١.. وقد كانت شخصية حازم صلاح أبوإسماعيل تذكرنى بشخصية قاتل مختل عقليًا أداها ببراعة الممثل الكوميدى إبراهيم نصر ضمن أحداث فيلم «امرأة واحدة لا تكفى» للراحل العظيم أحمد زكى.. حيث كان هذا القاتل يحمل شهادة معاملة أطفال تحميه من العقاب القانونى لكنه فى نفس الوقت قاتل محترف يستخدم فى تهديد البطل وقت اللزوم.. وأظن أن ملامح الشخصية التى رسمها الإخوان لحازم صلاح أبوإسماعيل بعد يناير كانت قريبة من ملامح هذا البطل المختل.. فهو يبدو غير مسئول عن تصرفاته والإخوان أيضًا غير مسئولين عنها.. وقد بدأ فى تكوين تيار سائل يجمع بين خطاب المراهقة الثورية مع التشدد الدينى، والحقيقة أنه كان امتدادًا لتيار قوى فى المملكة العربية السعودية هو التيار السرورى، وهو تيار يجمع بين الفكر السلفى والمنهج التنظيمى الإخوانى، ومؤسسه إخوانى سورى هاجر للسعودية فى الخمسينيات وخلق هذا التيار الهجين للتكيف مع الواقع السعودى.. وقد نقل حازم أبوإسماعيل الفكرة، حيث استخدم خبرته القديمة فى التنظيم فى بناء تيار جديد يجمع الشراذم السلفية المتفرقة فى تيار منظم قوى ويستوعب الإسلاميين المتطرفين الذين يتهمون الإخوان بالتفريط فى الدين ويستخدمهم لصالح الإخوان أيضًا.. وقد اشتهر بأنه مهرج رغم خطورة الدور الذى كان يلعبه ومن ذلك أنه فى ٢٠١٢ أقنع أعدادًا من أتباعه بالتظاهر أمام مقر وزارة الدفاع.. وما أن أدرك سوء العاقبة حتى تركهم واختفى بعد أن ورطهم، وقال لوسائل الإعلام إنه اضطر للذهاب إلى المنزل كى يشحن هاتفه المحمول بعد أن أدرك أنه نسى الشاحن.. وقد جمع أنصاره عقب أحداث الاتحادية وذهب لمحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامى، وأذكر أنهم كانوا يأتون ببقرة يذبحونها يوميًا ويطهون لحمها لتغذية المقيمين فى الاعتصام، وهى طريقة تليق بالمعتصمين وثقافتهم وفهمهم للحياة.. وفى ظنى أن أجهزة الدولة كانت تستطيع فض هذا التجمع الإرهابى لو أرادت.. لكنها قررت تركه ليكتشف المصريون حقيقة الإخوان وحلفائهم وكيف يمكن أن تسير الأمور لو ترك لهم الحبل على الغارب.. ومع ذلك تكشف الأحداث عن أن الفريق السيسى وزير الدفاع وقتها اتصل بمرسى ليطلب منه فض الاعتصام بعد أن أصبح هناك خطر حقيقى على الإعلاميين المصريين وهو ما تم بالفعل.. وليس لدى أدنى شك أن شخصًا مثل حازم صلاح أبوإسماعيل كان يخطط لخوض الانتخابات الرئاسية التالية بعد تغيير المادة التى منعته من الترشح لأول مرة بسبب الجنسية الأمريكية لوالدته، وهى معلومة كشفها أستاذ جامعة إخوانى فى أمريكا هو د. محسن حمزة.. وألقى بها الإخوان للرأى العام ليس لأن حازم ليس منهم ولكن لأن دوره فى خطتهم لم يحن بعد ولأنه غير مسموح له أن يحدد دوره بنفسه.. وقد كان تحالف الإخوان مع الإرهابيين وتهديد خيرت الشاطر المتكرر تيمة متكررة كشفها المسلسل أكثر من مرة، فهو يعرض أن يتحول إلى مخبر ويكشف عنهم إذا أجيب إلى ما يطلب، ويهدد من طرف خفى أنهم سينفذون عملياتهم إذا لم تتم إجابته إلى ما يطلب، وهو يلمح بأنه يملك معلومات دقيقة لدرجة أنه يعرف عددهم بالتحديد «ثلاثين أربعين واحد كده»!! الإرهاب والانتهازية عادة الإخوان ولن يشتروها.