رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المدى الجيوسياسي المستقبلي لخطط الجيش الروسي

مع تحرك القوات الروسية شرقا ، جنوبا تستعد أوكرانيا لمواجهة خسارات أكبر، قد تكون أخطر في المدى الجيوسياسي المستقبلي 
.. بات اعتيادي ان نرى جنودا  أوكرانيين يتفقدون المنازل المهجورة التي استخدمها جنود  الجيش الروسي أثناء احتلالهم لقرى على أطراف مدينة كييف.. ومع ذلك، مازالت سيناريوهات إنهاء الحرب، اكثر أهمية من مجرياتها.

*أوكرانيا إلى التقسيم.. ممكن؟.

ينظر المراقب السياسي، ومعه المراقب الأمني العسكري، في دائرة تتسع، هي دائرة الموت والدمار. 
يقول الراري:
يا سادة يا كرام، ها هو الرئيس بوتين، ذئب روسيا المنفلت، يطلق جيشه، ومع تلاشي فرص قيام  هذا الجيش، ومعه دولة روسيا  العظمى بقطع رأس الحكومة الأوكرانية (...) اوالاستيلاء على العاصمة ،، يقول الشاهد، ان الراوي اسمعنا حديث عن تلك المخاوف  التي تتزايد من أن تسعى عسكر  موسكو لإجبار عاصمة الأوكران  كييف، على التخلي عن جزء من أراضيها لإنهاء الحرب التي استمرت، وما زالت معاركها لأكثر من خمسة أسابيع.

.. لعل أخطر القادم ما لفت اليه  رئيس الوزراء البولندي "ماتيوز موراويك" "لمراسلة سي إن إن الشهيرة كريستيان أمانبور : 
[أرى القوات الروسية تعيد تجميع صفوفها وتنظيمها أعتقد أنهم سيحاولون محاصرة القوات الأوكرانية قريبًا - في منطقة دونباس على وجه الخصوص ،. "وبعد ذلك بعد الاستيلاء على ثلث الأرض في أوكرانيا ، سيرغبون في التفاوض من هذا المكان الاستراتيجي] .

يتزامن ذلك مع ما أعلن في العاصمة الروسية  موسكو،  أنها ستحول قواتها للتركيز على دونباس ، معلنة أنها حققت أهدافها في المرحلة الأولى من غزوها وستركز، مرحليا على "التحرير الكامل" لمقاطعتين في المنطقة دونيتسك ولوهانسك.  

ومع ذلك ، يشك المسؤولون الغربيون في أن تغيير الاستراتيجية كان بسبب  خسائر فادحة لجيش موسكو ، الذي كان يأمل في الإطاحة بكييف سريعًا لكنه لم يتوقع أو يخطط لقتال شرس في أوكرانيا. 
.. إقرار  الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ينس ستولتنبرغ"، شكل نقطة تحول في مسار الفهم الأوروبي-الأميركي، للغزو الروسي، الذي قلب موازين الحضارة والديمقراطية والليبرالية في أوكرانيا. .

" ستولتنبرج ".. يعلل الحركات التي يلعب بها بوتين، لاعب شطرنج محترف، وربما مغامر:
إن خطة بوتين الظاهرة لا تخلو من المزايا؛ يقاتل جزء كبير من الجيش الأوكراني بالفعل في منطقته الشرقية ، ويقاتل الانفصاليين المدعومين من روسيا منذ 2014.  

الفرضية التي يمررها حلف الناتو، دلالة على أن الخطط العسكرية بدأت تغيير، بين كل الفرقاء، فالحلف يرى، ما يراه رئيس المخابرات العسكرية الأوكرانية "كيريلو بودانوف" :
[[إذا كانت القوات الروسية قادرة على عزل تلك القوات الأوكرانية بشكل فعال ، فقد تحاول موسكو تقسيم البلاد إلى قسمين وإنشاء "خط فاصل بين المناطق المحتلة وغير المحتلة" ، مثل التقسيم بين كوريا الشمالية والجنوبية]] °
°°"بودانوف"، كما أعلنت  وزارة الدفاع الأوكرانية يضع تصورات استنادا إلى رؤية عسكرية أمنية: 
"لا يمكن لبوتين  ابتلاع البلد-اوكرانيا- بأكمله""لكنه، يقر بطريقة ما إلى أن تكتيك الحرب الروسية في أوكرانيا، تغيير وفق الوضع على الارض:
[[أن روسيا قد "تحاول جر الأراضي المحتلة إلى هيكل شبه دولة واحد وتحريضها ضد أوكرانيا المستقلة]] .

*النفوذ العسكري في مقابل النفوذ الدبلوماسي.

عمليا: خطط روسية، باتت أكثر وضوحا، لتغيير استراتيجية الحرب كما قام مسؤول دفاعي أمريكي كبير عندما طلب منه  تقييم تركيز روسيا على دونباس، ومن أي مبدأ في القوة، بين الكرملين والرئيس بوتين والجيش المغول في العمق الأوكراني.. فيجيب:على أن-ما يحدث- محاولة لملاكمة(...) القوات الأوكرانية لمحاولة "اكتساب نفوذ تفاوضي".

التعليل الأمني الجيوسياسي، يصطدم بما هو على أرض الواقع:
"أحد الأشياء التي نعتقد أنهم يريدون القيام بها هو قطع دونباس من أجل قطع القوات المسلحة الأوكرانية الموجودة هناك ، وتثبيتها حتى لا يتمكنوا من الدفاع عن أماكن أخرى ،" مثل وقالوا للصحفيين يوم الاثنين إن كييف ومدينة ماريوبول الساحلية ، اللتين تتعرضان لقصف مكثف، لم ينقطع برغم تغييب الإعلام الحربي.

بين تفاوض  دبلوماسي، ونفوذ عسكري، يلجأ حلف الناتو إلى تعميم تقديرات عن نتائج الحرب، كما قدر الناتو الأسبوع الماضي، أن ما بين 7000 إلى 15000 جندي روسي قتلوا في القتال حتى الآن - بما في ذلك ستة جنرالات - مع ما يصل إلى 40.000 بين القتلى والجرحى والأسرى والمفقودين. 
بالطبع، الكرملين يرفض تقديرات ودبلوماسية بروباغندا الإعلام الذي يختلط بين نفوذ، ونفوذ مقابل. وهذا يفسر ما يمكن اعتباره دليلا   على الاستراتيجية الجديدة  للجيش الروسي، لرسم مسارات وخطط استباقية ، حيث حلل  المسؤولون الأوكرانيون، بطرق متباينة(عسكرية، أمنية،سياسية) عن قصف عنيف لمدن في دونباس وانسحاب جزئي للروس من كييف. وشوهد ما يقرب من 700 وحدة من المعدات وهي تغادر منطقة العاصمة باتجاه الحدود البيلاروسية ، وفقًا للمركز الإعلامي الأوكراني،الذي لم يقدم أية شواهد من الميدان. 
النفوذ التفاوض، خطة لإدارة الازمة، فإذا نجح الكرملين في تطويق وهزيمة القوات الأوكرانية في منطقة دونباس الشرقية ، معقل البلاد ومستقبلها  الصناعي ، فقد يصبح الاحتفاظ بهذه المنطقة مطلب موسكو، والكرملين الرئيسي في المفاوضات،التي سيرفضها شكلا حلف الناتو والولايات المتحدة، ما قد يعزز فرضية تصعيد عسكري دولي.

*ماذا يريد زيلينسكي؟

بوتين يريد  الرئيس الأوكراني  زيلينسكي، أسيرا بما يلبس من ملابس الجيش الميدانية(....)، وهذا يترك الانطباع ان خطط بوتين، التلاعب بكل محاولات وتداعيات وخواطر الدول والجهات التي تحاول جمعهما على طاولة واحدة. 
"زيلينسكي،" تابع تحذيرات محبطة، تحذيراً صارخاً لمواطنيه - خلال 24 ساعة - قائلاً إنه في الأيام المقبلة في دونباس ماريوبول واتجاه خاركيف "القوات الروسية تكدس إمكانية شن ضربات. ضربات قوية. سندافع عن أنفسنا ".

زيلينسكي، منهارا، واضعا حلف الناتو والولايات المتحدة، أمام الحقائق التي في أرض المعارك : "لا يزال الوضع في الاتجاه الجنوبي وفي دونباس صعبًا للغاية"،وهذا ما لفت اليه _ايضا- الرئيس بايدن، من إن هناك أدلة على أن الرئيس الروسي بوتين "يعزز قواته في منطقة دونباس". 
البنتاغون، لم يمنح اي محلل عسكري، الوقت عندما  روت،  إن الحكومة الأمريكية لا ترى أي مؤشر على عودة القوات الروسية إلى بلادهم(....)، من الواضح أن الروس يريدون إعادة ترتيب أولويات عملياتهم في منطقة دونباس ، والتي يمكن أن تكون وجهة واحدة" ، مشيرًا إلى أن ما يقرب من 20 في المائة من القوات الروسية المنتشرة حول كييف شوهدت وهي تغادر.

* دونباس.. دولة مستقلة!

عززت  السفيرة الأوكرانية  في واشنطن" أوكسانا ماركاروفا"، طبيعة المخاوف من تصعيد عسكري، وأخر دبلوماسي تفاوضي، وأعلنت :
أن (كييف) لن  تعترف بمنطقة دونباس  كدولة مستقلة ، قائلة إنها ليست على طاولة المفاوضات مع روسيا.

خيط رفيع بين السفيرة ماركاروفا، ورجل المخابرات الأوكرانية" بودانوف"، إذ يؤشر لون الدم، على أسفلت طويل يتجاوز حدود أوكرانيا، فقد اتفقت الرؤى الأمنية والدبلوماسية، على نتيجة :أنه إذا حاول الروس فصل دونباس ، فإن المقاومة الأوكرانية ستتحول إلى حرب عصابات "شاملة" لوقف محاولة، الجيش الروسي وشهوة بوتين تغيير صورة أوكرانيا خلال الأسبوع السادس من الحرب.

*التعقيد القادم، تدمير إضافي موجع.

بين الاقتصاد والحرب، شعرة أمنية، انقطعت بين روسيا وأوكرانيا (اولا). 
.. و( ثانيا)تسببت الحرب في وكرانيا في إعاقة حركة. الاستراتيجية الاوروبية والاميركية، فالغزو كشف أسرار ومخطوطات روسيا لتغيير شكل العلاقات السياسية الاقتصادية، عدا عن العسكرية، التي تبلد حولها حلف الناتو، دافنا اي مغامر، تاركا للجيش الروسي، المزيد من التعقيد العسكري، فالتدمير الإضافي لبلد ينتظر ان يتجمل، منها الغزو، لكن فات الفوت. 
في خطط بوتين، ملاحقة خفية، تتكشف عندما تصبح الملاحة في البحر الأسود، مقيدة، ممنوعة، أو خطرة بشكل كبير مما يؤدي لعواقب واسعة النطاق على النقل الدولي وسلاسل التوريد العالمية، وفقا لصحيفة "وول ستريت جورنال"، التي رصدت  عشرات سفن الشحن عالقة في ميناء ميكولايف الأوكراني، بحسب مواقع تتبع حركة الملاحة البحرية، فيما ظل 3500 بحار عالق في نحو 200 سفينة على الموانئ الأوكرانية، وفقا لشركة "ويندورد" للشحن البحري، وإن  السفن العالقة في جميع أنحاء العالم يعد أكثر من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية.

المؤرخ  بجامعة كامبل في نورث كارولينا " سالفاتور ميركوجليانو" اعتبر وضع العالم مع متغيرات الحرب، ودخلها الاسبوع السادس، بما في جعبة الجيش الروسي من  خطط في أرجاء العمق الأوكراني، فيؤكد:
"هذه الصدمة لإمدادات الحبوب العالمية هي أكبر صدمة منذ تخفيضات أوبك للنفط في السبعينات، ما يعني - في جيوسياسية منظور الحرب - نقص الغذاء في الشرق الأوسط وأفريقيا، والتضخم في جميع أنحاء العالم.

. الجيش الروسي،  حشد أسطولا من السفن الحربية على طول سواحل أوكرانيا.
ما يمكن أن نتوقعه من استهداف القوات الروسية  البنية التحتية في كل  الموانئ الأوكرانية، وهي لها مكانتها العسكرية الأمنية، فكان  تحرك بوتين لردع المقاومة الأوكرانية، بخطة للاستيلاء على الساحل الجنوبي لأوكرانيا لعزله عن البحر وخنق اقتصادها.

.. الراوي، أعاد الحكاية من جديد، ووضع تحدي الحرب(..)؟. 
فقد ردد الراوي-على حذر- ما نشرته  شركة الاستخبارات الإسرائيلية الخاصة ImageSat International ( ISI )، من صور الأقمار الصناعية لعشرات الطائرات في عدة قواعد عسكرية بالقرب من حدود أوكرانيا.

 المصادر قالت، انه يمكن رؤية الطائرات المقاتلة والمروحيات في قاعدة ماتشوليشي الجوية بالقرب من العاصمة البيلاروسية ، وقاعدة بارانوفيتشي الجوية في غرب بيلاروسيا ، وفي قاعدة شاتالوفو الجوية في جنوب غرب روسيا.
عمليا، وكما يريد بوتين، فقد تتحول ساحات المعارك إلى نقطة تشتت  الخارطة.. وبوصلتها. 
.. ذات الرؤية، تلفت ان حلف الناتو والبنتاغون والأمم المتحدة ومجلس الأمن، لم يدركوا ماهية الخطط العسكرية الروسية.