رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رئيس «الأوروبي لمكافحة الإرهاب والاستخبارات» لـ«أمان»: داعش في مرحلة ضعف لكنه ما زال يمثل خطرًا (حوار)

داعش
داعش

- مخيم الهول في سوريا معقل للجهاديين يؤوى 64 ألف مقاتل

- داعش ضعف لكنه لم ينكسر.. ولا يزال نشطًا في أوروبا

- من المتوقع أن يزداد النشاط الإرهابي في غرب إفريقيا


قبل بضع سنوات، كان تنظيم "داعش" الإرهابي قويا يرتكب أبشع أنواع الجرائم الإنسانية وينتهك القوانين الدولية والحقوق الانسانية، لكن وبعد سنوات من محاربته استطاعت القوة الدولية المشتركة دحر مقاتليه حتى أصبح اليوم في مرحلة شبيهة بالاختفاء إلى حد كبير، ويعمل كالهاربين تحت الأرض، لكنه لا يزال في النفس الأخير يواصل حشد أتباعه لشن الهجمات.

تفاصيل يتحدث عنها محمد جاسم بون، الباحث في شئون الجماعات الارهابية، رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، فى حواره لـ"أمان"، ويقول إن المعلومات التى يتحدث عنها تم اعتمادها على أساس الدراسات الأكاديمية والتقارير والتحقيقات والاستبيانات الميدانية والمعلوماتية حول سياسات مكافحة الإرهاب ونشاط الجماعات المتطرفة، والمقاتلين الأجانب في أوروبا، إلى جانب دول منطقة الشرق الأوسط ومعاقل الجماعات المتطرفة دوليا وإقليميا.

وأكد جاسم أن عدة مخيمات، على رأسها مخيم الهول في سوريا، تعد معقلا للجهاديين المحتملين، مشيرا إلى أن هذا المخيم فقط يؤوي أكثر من 64000 مقاتل وشخص كانوا ضمن داعش.. وحسب تقرير للأمم المتحدة، فإن معظم المعتقلين هم مواطنون سوريون وعراقيون وما يقرب من 9500 يأتون من أماكن ودول أجنبية أخرى، وكثير منهم من أوروبا.

وأوضح رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات أن تلك الأعداد التي تعيش في مخيم واحد فقط ضمن مخيمات أخرى هي نذير خطر محتمل، وتوضح كثير من التقارير الأمنية لدول عديدة أهمية خفض تلك الأعداد وتفريقها حتى لا تصبح قوة متكاتفة إذ ما توفر لها السلاح مرة أخرى، محذرا من أن العديد من المتواجدين في هذا المخيم وغيره ما زال لديهم أفكار متطرفة ويشكلون تهديدًا محتملًا، وهم يجادلون بأنه إذا تمكن هؤلاء الأفراد من الفرار أثناء التمرد أو الحصول على السلاح فإنهم سينضمون على الفور إلى داعش أو الجماعات الجهادية الأخرى.

بينما أشار جاسم إلى أن بعض التقارير تشير إلى أن مقاتلى داعش المتواجدين في سجن «العكسة»، شمال شرق سوريا، أعدادهم ايضا كبيرة ويمثلون خطرا في حالة ما استطاعوا التمرد والهرب، ويشكلون مستقبلا غامضا.

واستطرد جاسم: "تنظيم داعش ضعف ولكنه لم ينكسر، ولكن رغم تواجدهم حتى الآن وفي حالة ما استطاع الإرهابيون المحتملون من العودة إلى داعش، فسوف يجدون منظمة ليست سوى ظل لما كانت عليه في السابق، لقد ولّت هالة سنواتها السابقة، فالآن ليس لديها الزخم التنظيمي أو الرمزي الذي كانت تتمتع به قبل هزيمتها في 2017.

وقال الخبير فى مكافحة الإرهاب، لـ"أمان"، إن تنظيم داعش ضعف بشكل كبير مقارنة بما كان عليه قبل خمس سنوات، وإن فكرة الخلافة المعلنة في 2014 لم تعد تثير أي اهتمام الآن كما كانت سابقا، مضيفًا أن التنظيم الإرهابي يخضع لمراقبة شديدة، خاصة في العراق، حيث إنه يواجه ضغوطا هائلة هناك مما يجعل من الصعب عليه تنظيم نفسه والحصول على أسلحة جديدة وتجنيد أعضاء جدد، وكل هذا يضعف الحركة بشكل كبير في بلدانه الأصلية، العراق وسوريا.

نقص في التمويل
تشير بعض التقديرات من داخل الحكومة العراقية إلى وجود حوالي 3500 مقاتل وربما 4000 مقاتل في سوريا، موضحًا: "إذا تحدثنا عن داعش في العراق، فهناك تراجع كبير في حجم التنظيم وعملياته بعد أن فقد داعش معاقله في سوريا والعراق".

وأضاف أن "عمليات داعش في العراق وسوريا تراجعت ولم تعد قادرة على القيام بعمليات محددة"، مشيرًا إلى أن تنظيم داعش يحاول الحصول على أسلحة، وأن المعلومات الواردة من داخل الحكومة العراقية تكشف أن التنظيم يمتلك أسلحة خفيفة فقط ولا يمتلك أسلحة متوسطة أو ثقيلة، وتابع أنه "من المتوقع أن يفقد تنظيم داعش شبكة علاقاته ومصادره المالية حول العالم".

وأوضح أنه إذا قرر تنظيم داعش تنفيذ عمليات محددة فإنها ستكون محدودة، مشيرًا إلى أنها كقاعدة تنفذها مجموعات متنقلة لا تتجاوز 10 أفراد معظمها في مناطق بعيدة أو بعيدة عن المدن، وأنشطتهم بشكل عام تقتصر على الأعمال السريعة مثل إغلاق الطرق أو مهاجمة المواقع العسكرية الحدودية، مؤكدا أن سبب هذا هو تراجع مصادر التمويل التي كانت تدعم التنظيم بشكل قوي في سنوات قوته لتعرضها لاتهامات بدعم وتمويل الإرهاب، كدولة قطر وجماعة الإخوان وحماس وغيرها، وهم يواجهون أيضا تضييقا اقتصاديا ومراقبة في عدة دول أوروبية، بينما تم السيطرة على أموالهم في دول أخرى، ما يجعل بعض الدول توقفت بشكل كبير الآن عن تمويل داعش حتى لا تكون شديدة الوضوح فتواجه عقوبات عليها.

تكتيكات جديدة لحشد المؤيدين
وحذر جاسم من أنه ورغم ذلك لا يوجد سبب لتبدو الأمور واضحة تمامًا، إذ لا يزال تنظيم داعش نشطًا في أوروبا، على الرغم من أنه غيّر تكتيكاته ويبدو أن السبب وراء ذلك هو أن بعض الجماعات الإسلامية هناك لا تزال حرة في التصرف في أموالها ولا تواجه تضييقا أو تصنيفا، ما قد يوفر لها المساحة لتمويل أفراد بشكل محلي في بعض الدول الأوروبية، فهي حاليًا ليست في وضع يمكنها من تنفيذ عمليات واسعة النطاق أو الاعتماد على أعضاء من ذوي الخبرة القتالية كما فعلت قبل بضع سنوات.. بدلا من ذلك، شهدت أوروبا أصغر هجمات من قبل الأفراد، بما في ذلك في باريس، نيس، فيينا وغيرها، موضحًا أنه بهذه الطريقة يريد داعش أن يظهر أنه ما زال موجودا ويمكنه أن يضرب، إنه يبحث عن دوافع جديدة للتعبئة، على سبيل المثال يقوم باستغلال أحداث وتوسيع رقع الجدل حول الرسوم الكاريكاتورية الساخرة للنبي محمد.

وأشار إلى أن حملة التوظيف الخاصة بداعش تعتمد على عناصر بسيطة غالبًا ما تكون بعض مقاطع فيديو تحتوي على تسلسلات صور موحية وموسيقى رسمية كافية لجذب المتابعين، فهذا النوع من التجنيد الإلكتروني أبسط وأكثر فاعلية في كثير من الأحيان من الجهود التي تبذلها مدارس الدين الإسلامي والجماعات المتطرفة التي توجد غالبًا بالقرب من المساجد، ويكون على رأسها دعاة متطرفون على المستوى الرقمي، وغالبًا ما يمر هذا التطرف دون أن يلاحظه أحد ويتخلل إلى نفوس الكثير.

وأكد جاسم أن التنظيم موجود بشكل خاص في غرب إفريقيا وشمال إفريقيا، مستفيدا من الفوضى في ليبيا، ولفت إلى أنه بالإضافة إلى التعبئة الأيديولوجية، فإن داعش معني بشكل أساسي بتوسيع طرق التهريب إلى إفريقيا وجنوب الصحراء، حيث إن الأمن والفوضى والأوضاع الاقتصادية المتهالكة وغيرها من المشكلات الأساسية هناك ستتيح له بناء نفسه سريعًا.

وختم بأن تنظيم القاعدة لا يزال يتمتع بنفوذ أكبر في المنطقة بشكل خافت بسبب التخوفات، ولكن من المتوقع أن يزداد النشاط الإرهابي في غرب إفريقيا على الرغم من الجهود المبذولة.