رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الإسلاميون والسبسي.. نهاية نزاع أم بداية مرحلة جديدة في تونس؟

السبسي والغنوشي
السبسي والغنوشي

يوصف الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، الذي نقل إلى المستشفى، أمس الخميس، إثر تعرضه "لوعكة صحية حادة"، بالسياسي العنيد، كونه شغل مناصب عليا في الدولة في حقبة أول رئيس، الحبيب بورقيبة، ثم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وصولا إلى تونس ما بعد ثورة 2011.

وقائد السبسي (92 عاما) هو أكبر رئيس دولة يتولى مهامه بعد ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية.

ولد السبسي في 29 نوفمبر 1926، في "سيدي بوسعيد"، الضاحية الشمالية للعاصمة تونس، وتابع تعليمه العالي بكلية الحقوق بباريس في فرنسا وأصبح محاميا.

وبعيد الثورة التي أطاحت، في 14 يناير 2011، بنظام بن علي، عاد إلى السياسة، إذ عيّنه الرئيس الانتقالي فؤاد المبزع رئيسا للحكومة في 27 فبراير من العام نفسه، في مستهل مرحلة انتقال ديمقراطي في بلد "الربيع العربي".

ويقول أحد المقربين منه، والذي عمل معه لفترات طويلة، إنه يمتلك "ذكاء سياسيا حادا".


محطات في حياة السبسي 

كانت البداية في عالم السياسة حين كلفه الرئيس الحبيب بورقيبة بمهام في ديوان الوزير الأول، في أول حكومة تشكلت بعد الاستقلال سنة 1956.

تدرج في مسئوليات عدة، وتولى 3 وزارات سيادية، هي: الداخلية (1965-1969) والدفاع (1969-1970) والخارجية (1981-1986).

وفي عهد الرئيس زين العابدين بن علي، تولى قائد السبسي رئاسة البرلمان (1990-1991).

وكانت قد وجهت له هيئة الحقيقة والكرامة، المكلفة بالتحقيق في جرائم تخص تجاوزات حقوق الإنسان، في أبريل الفائت، تهمة بكونه كان على علم بممارسات تعذيب طالت معارضين في تلك الفترة.

يمتلك الباجي قائد السبسي خبرة سياسية واسعة مكنته من نيل منصب رئيس حكومة انتقالي في 2011، في فترة حساسة تمر بها البلاد آنذاك، وتمكن من الوصول بها إلى انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، التي فازت بها "حركة النهضة" الاسلامية.

نداء تونس 

أسس الباجي حزب "نداء تونس" في 2012، ودخل به الانتخابات على قاعدة مناهضة للإسلاميين، وتمكن من الفوز بغالبية مقاعد البرلمان، آنذاك، وبرئاسة الجمهورية، معلنا في وقت لاحق دخوله في تحالف وتوافق سياسي مع "النهضة" على الحكم.

ويضم هذا الحزب يساريين ونقابيين وأيضا منتمين سابقين لحزب "التجمع" الحاكم في عهد الرئيس المخلوع بن علي، والذي تم حله بقرار قضائي بعد الثورة.

قائد السبسي هو أول رئيس لتونس بعد فوزه في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية التي أجريت في 23 نوفمبر 2014، على منافسه الرئيس المنتهية ولايته محمد المنصف المرزوقي، وقد حصل، حينذاك، على نسبة 55،68 بالمئة من الاصوات مقابل 44،32 بالمئة للمرزوقي.

منذ 2015 دخل حزب الباجي في صراعات داخلية على القيادة، وبدأت مشاكل الحزب والاتهامات الموجهة لنجل الرئيس، حافظ قائد السبسي، بالسيطرة على القيادة تؤثر على صورته، واستقال من كتلته البرلمانية العديد من النواب، ليصل عددهم حاليا إلى 37 بعد أن كانت تضم 86 نائبا.

نهاية التوافق مع النهضة 

واصل الباجي العمل على قاعدة التوافق السياسي مع حزب النهضة إلى حدود خريف 2018، ليعلن، وفي موقف هز المشهد السياسي، "نهاية التوافق"، بعد أن رفض الحزب الاسلامي تغيير رئيس الحكومة الحالي، يوسف الشاهد، وتشبث بالمحافظة عليه على عكس رغبة الباجي.

ألغى الباجي- الذي يرفع راية الدفاع عن حقوق المرأة ويتبنى أفكار الحبيب بورقيبة في ذلك- مرسوما يمنع زواج التونسية المسلمة من غير المسلم.

كما أعلن، أغسطس الفائت، دعمه مشروع قانون غير مسبوق في العالم العربي يضمن المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، الأمر الذي أثار جدلًا كبيرًا في البلاد.

والقانون المطبّق حاليًا المستمدّ من الشريعة الاسلامية، يقضي بأن يرث الرجل ضعف ميراث المرأة في حال كانا على المستوى نفسه من القرابة.

وقال الرئيس التونسي، في خطاب متلفز ألقاه آنذاك بمناسبة يوم المرأة التونسية: "أقترح أن تصبح المساواة في الإرث قانونًا"، ولم يطرح مشروع القانون للمناقشة والمصادقة عليه منذ أن تم تقديمه للبرلمان في أكتوبر الفائت.

وعبّر قائد السبسي عن رغبته في تنقيح الدستور، خاصة فيما يتعلق بالنظام السياسي المتبع في البلاد، وجعله نظاما رئاسيا يمنح للرئيس سلطات إضافية، مع تأكيد التزامه بضمان حرية التعبير والصحافة في البلاد، وعبّر في بعض الأحيان عن عدم تفهمه انتقادات بعض وسائل الإعلام له.

وقدّم السبسي مقترح مشروع قانون يعفي الأشخاص الضالعين في الفساد زمن حكم الديكتاتورية، أثار جدلا، وتم تعديله لاحقا ليشمل الموظفين في الدولة المتورطين في قضايا فساد إداري.

ووجهت للرجل، في السنوات الأخيرة من عهدته الانتخابية، انتقادات حول محاولته "توريث" السلطة لنجله، حافظ قائد السبسي، ولكنه كثيرا ما كان ينفي ذلك.