رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشيخة أم السعد.. أشهر قارئة في إذاعة القرآن الكريم

الشيخة أم السعد خلال
الشيخة أم السعد خلال تكريمها

ظلت إذاعة القرآن الكريم معبرة عن احترام المرأة المصرية وأتاحت لها الفرصة للظهور عبر أثيرها، متحدية آراء المتشددين الذين يعتبرون أن صوت المرأة عورة حتى وإن كانت تقرأ القرآن، واستطاعت المرأة أن تحجز لنفسها مكانية عالية بين كبار القراء في إذاعة القرآن الكريم، ومن اشهرهن، كريمة العدلية، ومنيرة عبده، وسكينة حسن.

قبل أن تخرج فتوى أطلقها رجال الدين قبل الحرب العالمية الثانية أجهضت شهرتهن، وأنهت أيضًا حلم أخريات لم يجدن طريقهن للإذاعة المصرية، واكتفين بتلاوة القرآن في المناسبات والاحتفالات الدينية، من هؤلاء كانت الشيخة أم السعد، لكنها توقفت أيضًا عن قراءة القرآن في المناسبات الدينية؛ للتفرع لتحفيظه، بمقر سكنها الكائن بحي الشمرلي، في محافظة الإسكندرية.

وقتها كانت الفتوى خرجت من مؤسس الدعوة السلفية بالإسكندرية، الشيخ محمد إسماعيل المقدم، عندما كان ضمن أعضاء تنظيم الجهاد قبل أن ينشق ويؤسس الدعوة السلفية في الإسكندرية.

والغريب أنه بعد وفاتها في عام 2006 رثاها مؤسس الدعوة السلفية بالاسكندرية، الشيخ محمد إسماعيل المقدم، وقال عنها في محاضرة صوتية بعنوان، "وداعًا أم السعد"، "فقدت الأمة الإسلامية أشهر امرأة في العالم في عالم قراءات القرآن الكريم؛ لأنها الوحيدة التي تعرف على مستوى العالم كله من النساء بتخصصها وإتقانها القراءات العشر، وظلت طوال نصف قرن، تمنح إجازتها فى القراءات العشر للنساء والرجال، كبارًا وصغارًا، وقد تجاوزت الثمانين عامًا".

ونقل الباحث في شئون الحركات الإسلامية الراحل حسام تمام، في مقال له وهو الوحيد من أفرد لها قصتها كاملة، قائلًا: "نشأت أم السعد ابنة لأسرة فقيرة انحدرت من قرية البندارية إحدى قرى مدينة المنوفية، داهم المرض عينيها ولم تتجاوز عامها الأول، ولم يكن لدى أهلها القدرة -وربما الوعي- لعلاجها لدى الأطباء فلجأوا إلى الكحل والزيوت وغيرها من وصفات العلاج الشعبي التي أودت –في النهاية– ببصرها مثلما حدث مع آلاف الأطفال آنذاك. وكعادة أهل الريف مع العميان نذرها أهلها لخدمة القرآن الكريم حتى حفظت القرآن الكريم في مدرسة (حسن صبح) بالإسكندرية في الخامسة عشرة".

و"بعد أن أتمت أم السعد حفظ القرآن الكريم في الخامسة عشرة من عمرها، ذهبت إلى الشيخة نفيسة بنت أبو العلا "شيخة أهل زمانها" كما توصف، لتطلب منها تعلم القراءات العشر، فاشترطت عليها شرطًا عجيبًا وهو: ألا تتزوج أبدًا، فقد كانت ترفض بشدة تعليم البنات؛ لأنهن يتزوجن وينشغلن فيهملن القرآن الكريم. والأعجب من الشرط أنّ أم السعد قبلت شرط شيختها التي كانت معروفة بصرامتها وقسوتها على السيدات ككل اللواتي لا يصلحن –في رأيها– لهذه المهمة الشريفة! ومما شجعها على ذلك أن نفيسة نفسها لم تتزوج رغم كثرة من طلبوها للزواج من الأكابر، وماتت وهي بكر في الثمانين، انقطاعًا للقرآن الكريم".


وعن الوعد الذي قطعته على نفسها للشيخة نفيسة بعد الزواج، نقل تمام، قوله: لم أستطع الوفاء بالوعد الذي قطعته لشيختي (نفيسة) بعدم الزواج، كان يقرأ علي القرآن بالقراءات، ارتحت له، كان مثلي ضريرًا، (الشيخ محمد فريد نعمان)، وحفظ القرآن الكريم في سنّ مبكرة.. درَّست له خمس سنوات كاملة وحين أكمل القراءات العشر وأخذ إجازاتها طلب يدي للزواج فقبلت".

توفيت الشيخة أم السعد في السادس عشر من شهر رمضان لسنة 1427هـ الموافق 8 أكتوبر 2006، عن عمر يناهز الثمانين عامًا.

وبعدما توفاها الله، كتب عنها سامي إدريس، كان أحد طلاب الشيخة أم السعد، في مقال نشرته "القبس" الكويتية، أشار خلاله إلى رحلاتها عبر العالم لإعطاء الإجازات في حفظ القرآن: "قصدت الشيخة أم السعد المملكة العربية السعودية، ومكثت هناك مدة عامين تقرئ النساء والرجال على حد سواء، فاستفاد من علمها الغزير أناس كثر كانوا يأتون مجلسها ويرتادون أماكن تدريسها من كل فج عميق.

ولم تقتصر رحلتها العملية على مصر فقط، ففي فبراير 2004، سافرت إلى الكويت الشيخة أم السعد، بدعوة من وزارة الأوقاف، أقامت خلالها دورة في القراءات استغرقت سنتين ونصف السنة.
ثم سافرت بعدها إلى البحرين بقصد نشر العلم الشرعي ما استطاعت إلى ذلك سبيلًا، ولكنها لم تمكث هناك سوى شهرين عادت بعدها إلى الاسكندرية إثر آلام اشتدت بها.

وفي رحلتها إلى السعودية قرأ عليها العديد من المشايخ، أحدهم كان الشيخ عادل الكلباني قارئ الحرم المكي، الذي أشار خلال لقاء على فضائية العفاسي، مع القارئ الشيخ مشاري راشد العفاسي.