رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«كتب صناعة الإرهاب».. الجامع لأحكام التكفير (6)

سيد إمام
سيد إمام


تكلمنا فيما سبق عن "العمدة فى إعداد العدة" وهو الشق الأول مما يمكن أن نطلق عليه دستور الجماعات الإرهابية وموعدنا اليوم مع الشق الثانى لهذا الدستور"الجامع في طلب العمل الشريف" وهو عمل ضخم يدخل ضمن إطار الأعمال الموسوعية إذ يقع الكتاب فى مجلدين تجاوزا الألف صفحة حاول فيه صاحبه أن يضم كل أو جل القضايا والمفردات الأساسية التى يثيرها هذا التيار مبديًا فيها رأيه.
والكتاب لنفس المؤلف "عبد القادر عبدالعزيز" وهو الاسم الحركى للطبيب والجراح المصرى الجنسية أبى الفضل "سيد إمام الشريف"، الرجل الذى يكتب بمشرط الجراح لا بالقلم، فيستأصل ويبقى ويضيف ويحذف ويجدد فى الأدبيات الجهادية الموروثة.

تظهر شخصية "سيد إمام" فى هذا الكتاب بقوة إذ من خصائصه أنه عندما يتكلم أويكتب يجعل قوله هو الفصل الذى لا هزل فيه، وهو الحق الذى لا باطل يأتيه، فكلامه باتر لما سواه، وأفكاره داحضة لغيرها، ففى كل حالاته هو مصيب وطرحه هو الحق حتى لو تناقض مع طرح سابق له، فما يقرره مؤخرًا يبتر ويقطع ما سبقه.
فى هذا الكتاب جمع "سيد إمام" كل الفروع والمسائل الفقهية التى تكرث للعقلية المتطرفة المتزمتة المتشددة ثم أضاف فارتقى بإضافته أعلى درجات سلم العنف والإرهاب الفكرى فشوه بالكفر والتكفير وجوه الجميع ليؤسس بذلك لمجوعة من الأفكار الأكثر تطرفًا والتى بلغت حدًا لم تستطع معه عصبة الإرهاب من رفاقه فى جماعة الجهاد أن تستوعبه فاضطرت إلى الحذف والتعديل على الكتاب.
وقع التغير فى الكتاب من قبل جماعة الجهاد بأوامر مباشرة من زعيم التنظيم "أيمن الظواهرى" إذ اطلق "سيد إمام" فى الكتاب عنان التكفير والتتضليل حتى طال كثير من الجماعات التى تسمى بالإسلامية، وعوام الناس والشعوب فضلا عن الحكام والجنود.
معركة الظواهرى مع المؤلف
هنا أدرك "أيمن الظواهرى" أن هذا الفكر يُقوض الحاضنة الشعبية للتنظيم، ويفقده القدرة على الجذب والتجنيد والتعاطف؛ فأمر حتى بتغيير أشياء كثيرة فيه حتى العنوان ليجعله "الهادي إلى سبيل الرشاد في معالم الجهاد والاعتقاد".
وحينما رأى "سيد إمام" ما فُعل بكتابه هذا لم يتردد فى أن يعمل مشرطة على رقاب الرفقاء فوصفهم بالزيغ والضلال والإثم إذ يقول فى مقدمة الطبعة الثانية لهذا الكتاب: وقد علمت بأن الباعث لهذه الجماعة الأثيمة على ما أقدمت عليه من التحريف والتزوير لكتابي قولهم بأنه اشتمل على نقد لبعض الجماعات الإسلامية، وأن هذا يضر بالعمل الإسلامي وأن المصلحة تقتضي حذف هذا النقد وهو مااقترفته أيديهم.
ويقول أيضًأ: وقد فوجئت بهذه الجماعة الضالة جماعة الجهاد المصرية تعبث بكتابي وتحرّفه تحريفاً لم يفعله أحد من الزنادقة بكتب العلوم الشرعية على مَرّ تاريخ المسلمين فيما علمته، وذلك على النحو التالي:
أولا: وضعت هذه الجماعة الضالة عنوانا لكتابي غير الذي وضعته فأسمته (الهادي إلى سبيل الرشاد في معالم الجهاد والاعتقاد) مع أنني سميته (الجامع في طلب العلم الشريف)، ووضعتْ تحت العنوان المفَتَري اسمي، وهذا كذب علي، وبهذا ثبت أن القائمين على أمر هذه الجماعة كذابون، والكذب كبيرة، ومرتكب الكبيرة فاسق عند أهل السنة، ولو كان لديهم شيء من الورع مافعلوا ذلك.
ذكر سيد إمام أربعة انتقادات على تحريف كتابه من قبل جماعة الجهاد ثم ختم كلامه بقوله: هذا ما صنعته جماعة الجهاد المصرية بكتابي من الكذب والتزوير والافتراء والخداع، وبهذا يتبين أن بعض الجماعات الإسلامية تشترك مع أعداء المسلمين في أن كليهما يحارب كلمة الحق، وأن كليهما (إذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم، فحسبه جهنم ولبئس المهاد.
مقصلة تكفير الجميع
لم تكن هذه الكلمات السابقة تعبر عن عن اختلاف سيد إمام مع جماعته الأم - جماعة الجهاد المصرية- بقدر ما كانت تعبر عن بداية لمرحلة جديدة وتأسيس جديد لفكر أشد مغالاة من فكر هذه الجماعة، فكرلا يتورع أن يصف حتى هذه الجماعات العاملة معه فى نفس الحقل بالضلال والكفر إن لزم الأمر.
فكر يتوسع فى التكفر فيحكم بكفر الجميع ويرفع السلاح فى وجه كل الناس فكرة أكثر قسوة، وأشد عنفاً لعلها فكرة "داعش"، إذ انطلق "سيد إمام" من تكفير الحكام إلى التوسع فى تكفير الأعوان فكل ما حول النظام وما يتبعه حتى الموظف العام هو من الأعوان الكفار.
فتحت عنوان أثر الحكم بالقوانين الوضعية على أنصار الحاكم المرتد وجنوده يقول "سيد إمام":
وقــد ســبق بحــث هــذه المســألة بالتفصــيل عنـد نقد (الرسالة الليمانية في الموالاة) بمبحث الاعتقاد. وهناك ذكرت أنهم كفار على التعيين في الحكم الظاهر بالكتاب والسنة والإجماع، وأنهم السبب الحقيقي لدوام حكم الكفار ودوام الحكم بقوانين الكفر مع مايترتب عليها من فساد عظيم.
أثر الحكم بالقوانين الوضعية على الدار:
وقـد سـبق الكـلام في أحكـام الديـار في مبحـث الاعتقـاد أيضـا، ومنـه تعلـم أن البلدة المحكومة بالقوانين الوضعية هى دار كفر وردة إذ إن السلطان فيها للكفار والأحكام الجارية فيها هى أحكام الكفر، وهذا هو مناط الحكم على الدار. وهناك ذكرت الصفات غير المؤثرة في المناط كديانة السكان وإقامة الشعائر وغيرها.
أثر الحكم بالقوانين على أهل الكتاب بالدار:
إذا كـان أهـلُ الكتـاب أهـلَ ذمة ٍ في بلـد ٍ ما، فإنـه تسقـط ذمتـهم باستيـلاء الحاكـم الكافـر على هـذا البلـد وتحكيمه قوانين الكفار فيها، ويعود أهل الكتاب كفاراً أصليين لاعهد لهم ولا ذمة. وسيأتي شرح موجز لذلك في الموضوع السادس بهذا المبحث إن شاء الله.
أما من تبقى من الناس والشعوب المسلمة فكفرها يأتى من ناحية اخرى من ناحية الديمقراطية إذ يرى الرجل أن الديمقراطية منهج كفرى، وكل من رضى بها فهو مؤيد للكفر، وكل مؤيد للكفر فهو كافر فيكفى المرء أن يذهب لصناديق الإنتخابات، أو يؤيد مرشحاً فى هذه الإنتخابات ليخرج من ذمرة المسلمين.
يقول "سيد إمام": قـد تكلمـت في هـذا الكتـاب في كثـير من الموضـوعات التي تشـغل بال المسلمين في هذا الزمان مبيّنا الراجح والصواب في كل منها بإذن الله تعالى، وذلك مثل موضوع الاتباع والتقليد، وموضوع الجهل والعذر به، وموضوع التكفير وضوابطه، وموضوع حكم الديمقراطية وأساليبها، وموضوع حكم الحكام الحاكمين بغير ما أنزل الله وحكم أعوانهم وأنصارهم، وموضوع أحكام الديار وحكم عوام الناس بها، وموضوع السياسة الشرعية ومادخله من تحريفات المعاصرين، وموضوع الحجاب والنقاب، وغيرها من الموضوعات التي يمكن معرفة مواضعها بمراجعة الفهرس المثبت في آخر الكتاب.
العذر بالجهل
أبواب جديدة للكفر والتكفير يفتحها الكتاب بعضها كان مغلقًا وبعضها لم يكن مشرعًا فجاء الرجل ففتحها على مصراعيها من هذه الأبواب باب العذر بالجهل لمن فعل من عوام المسلمين فعلًا كفرياً فيبدأ سيد إمام بإثبات العذر بالجهل ثم ينقضه بإثبات الكفر بمجرد قدرة المرء على التعلم والسؤال ووجوده فى بلد مسلم!
يقول "سيد إمام": وأمـا المكـلــف المخـاطـب بالحجـة فـإن عـذره ينقطـع وتعتـبر الحجـة قائمـة عليـه بمجـرد تمكنـه مـن طلبــها لابحقيقة بلوغها إليه، والدليل على ذلك: أنـه لاعـذر بالجهـل للمقيـم في دار الإســلام. 



إنه الجامع لأحكام التكفير ومسائل التطرف والغلو وقد جاء الكتاب مقسما لسبعة أبواب :
البـاب الأول منـها: في فضـل العلم وفضل أهله، ليعرف الإنسان شرف المطلوب وفضله، ومايناله من الخير والفضل إذا طلبه فتنبعث هِمّته إلى طلبه.
والبـاب الثـانـي: في بيـان حكـم طلـب العلـم الشـرعـي، وحَدّ فـرض العـين منه وصفته ومفرداته، وحَدّ فرض الكفاية منه.
والباب الثالث: في كيفية طلب العلم، لمعرفة كيف يطلب المسلم ماوجب عليه من العلم.
والبـاب الرابـع: في آداب العالم والمتعلم، إذ إن الطلب له آداب وإرشادات لا بد من اتباعها والالتزام بها حتى يؤتي التعلم ثمرته.
والبـاب الخـامـس: في أحكـام المفتـي والمستفتي وآدابهما، فما فات المسلم طلب علمه فإنه لابد أن يسأل عنه ويستفتي فيه خاصة إذا نزل به أمر يستوجب العلم قبل العمل. فجاء هذا الباب مبينا لما يتعلق بالمفتي والمستفتي من أحكام وآداب.
والبـاب السـادس: في الجهـل والعـذر به، إذ إن الجهـل نقيـض العلم، وينبغي للمسلم أن يعلم مايُعذر به وما لا يُعذر به من الجهل حتى لايخلد إليه فيكون فيه هلاكه يوم ينكشف عنه الغطاء.
أمـا البـاب السـابـع: ففي بيـان الكتـب التي أوصـي بداستـها في مختلـف العلـوم الشـرعيـة،