رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نصر عباس لـ«أمان»: الكذب مفتاح التطرف.. وهناك برامج تربوية لعلاجه- حوار

جريدة الدستور

التطرف يعتمد علي الكذب على المصادر التاريخية 
الكذب يؤدي إلي التطرف والتطرف يؤدي إلي الإرهاب 
نعمل علي إنشاء برامج تربوية لعلاج التطرف منذ الصغر 
المصالح الذاتية والمادية دوافع الجماعات الإرهابية للكذب علي أتباعها 

محاربة الإرهاب تبدأ من الكلمة الصادقة، وحرب الإشاعات والتصدي للأكاذيب هو معيار نجاح مواجهة العنف، وخاصة مع ما تروجه الجماعات التطرفة من الكذب في المصادر التاريخية ، والكذب فى إعلامهم لترويج مفاهيم مغلوطة عن الإسلام . 
حول تنامي ظاهرة الكذب في إعلام التطرف، وقلب المصادر التاريخية الأصلية، والكذب في الأعمال الدرامية التي تؤدي إلي تنامي سلوكيات العنف ومن ثم إلي والإرهاب عند الجماعات المتطرفة وحول البرامج التربوية التي يجب ان نسلكها في المجتمعات المعاصرة لتصدي منذ البداية إلي العنف كان هذا اللقاء مع المفكر الإماراتي د نصر محمد عباس عميد وشؤون الطلاب بجامعة الفلاح بدبي وعضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة والخبير التربوي للحديث حول هذا الموضوع الهام والشائك وإلي التفاصيل: 

كيف تري أن الكذب مدخل هام من مداخل التطرف ؟

المنظومة الاجتماعية الحديثة والمبنية علي التقدم التقني والمعرفي حققت كثير من النجاح التكنولوجي ولكننا تراجعنا كثيرا من الناحة الاخلاقية، وتحديدا في المصداقية وهذه الحالة أصبحت بها كثير من التفسخ والتردي وكلما تقدمنا خطوة تراجعنا خطوات إلي الخلف.

شعرت بان الكذب أصبح عادة ومنظومة اجتماعية مزرية واصبح البعض يستخدم هذه العادة وهي جزء من شخصياتهم الفكرية وعاداتهم السلوكية، وأصبح لكي يكسب موقفا ويأخذ عطاءا ليس من حقه يستحل الكذب، ويكذب بكل سهولة ولكي يحوز علي رضي الآخر واحترام الآخين ولو بالكذب، هي ليست معضلة اجتماعية بل معضلة نفسية واخلاقية أيضا.

هل التطرف ينشاء من عادة مثل الكذب وتكون بداية للسلوك العنيف ؟

في الوسط التربوي والتعليمي إذا لم لم أحسن تربية نفسي اولا كمعلم وكأب او استاذ في الجامعة فقد الصغار القدوة، فنجد الكبير يتساهل في يتساهل في مسألة الكذب ومن هنا أصبح الصغير يقلد الكبير ومن هنا نجد المنظومة الأخلاقية عندي سوف تتردي ولو كنت أمارس الكذب مع طلابي وتلامذتي فماذا أنتظر منهم ومن هنا وجدت أفكار التطرف والإرهاب عند شريحة ليست سهل سواء في المدارس الاولي (الأبتدائية) أو الجامعات والمعاهد العليا.

فالطفل الصغير يعتمد في مكونة الثقافي والتربوي علي التقليد والمحاكاة وبالتالي إذا خرجنا عن مصداقية قولنا وفعلنا كمربين، سينشأ الطفل بنفسية ضعيفة في واقعه الاجتماعي وبتالي يتعود الطفل أن يكذب في البيت ومن ثم في المدرسة ومنها إلي المجتمع العام الذي يعيش فيه هذا الطفل ويتقبل بسهول افكار وسلوكيات غير سليمة في النهاية.


هل شاهدت نماذج من هذه في إطار عملك التربوي ؟ 

انا عميد شؤون الطلاب في جامعة الفلاح بدبي، ودائما لا أنظر إلي الطلاب في هذه المرحلة وأحاسبهم علي الكذب بل أعتمد علي ذلك كتربوي منذ البداية الأولي للطفولة النشاة والتكوين، الصغيرمنذ سنواته الأولي من العمر هي النواة واللبنة التي يجب ان أشكلها وأحميها من السلوكيات السيئة فالتنشأة الأولي هي القاعدة التي اخلق منها طفلًا سويا. 

صور الكذب أصبحت عديدة منها الغش والنصب والتدليس والكسب غير المشروع والاحتيال. 

هل تعتمد بعض الجماعات المتطرفة علي الكذب في الترويج لأفكارها ؟ 

نعم الكذب ليس متعلق بالجانب الاجتماعي فقط، فالواقع السياسي أيضا به كذب والواقع الفكري والثقافي تحديدا تستفحل فيه هذا الظاهرة، لقد سيطر علي هذا الواقع المصالح الذاتية والأمور المادية والمكاسب الغير مشروعة وبالتالي بدأت الخطوة الأولي لتحقيق هذه المكاسب بكثير من الأكاذيب سواء في القول والفعل، فيما بعد ومن يراقب ويتابع الواقع السياسي العربي وكثير من نظام الأحزاب والجماعات يجد ذلك جليا في كل نواحي أفكارها وتصوراتها. 

ما هي دوافع هذا الجماعات لكي تكذب علي أفرادها بهذا الشكل ؟ 

الأمور المادية والمصالح الذاتية وحب الشهرة هو دافع هذا الجماعات، فتلجئ لدفاع عن تصوراتها وأفكارها، وتنسي المعتقدات الدينية، جميع الأديان تحرم الكذب، ومن يراقب الإعلام الأن يشعر بمدي فداحة المشكلة. 

هل اصبح الإعلام يشكل قاعدة لهذا التطرف في هذا الأونة ؟ 

الإعلام اصبح أداه وبوق لكثيرمن الأكاذيب، وتستغلها الجماعات المتطرفة، وهي تيارات موظفة لكي تكون معارضة ضد هذه الدولة وتلك الحكومة، وتذهب إلي تزوير الحقائق لكي تضر بالبشر هذا أمرمرفوض بشكل كامل، المشكلة ان كثير من المواد التي تطرح في الرأي العام ويتقبلها الكبير والصغير والمثقف والجاهل بها تهويل وإثارة، وهنا يحدث التأثير السلبي علي الجاهل والضعيف، ومكمن الخطورة أن ذللك يؤثرعلي البنية الفكرية والاجتماعية للشعوب البسيطة والضعيفة والفقيرة وتسحبها إتجاهات مدمرة اخلاقيا وسياسيا إلي الاعودة، هناك الان تيارات تعتمد في وجودها علي قاعدة تكوين الرأي العام وعلي الأخبار المفبركة والغير حقيقية، إذا لم أعقب علي خبر كاذب متردي فاسد فهذه خيانة. 


هل هناك صلة بين انتشار التطرف وانتشار الكذب ؟ 

بالطبع له صلة مباشرة التطرف منظومة من السلوك المنحرف والإجرامي في المجتمعات المعاصرة، هذا الجماعات توظف الكذب لتحقيق مكاسبها الشخصية والحصول علي المكاسب في النهاية ويؤدي إلي القتل والإرهاب، ومن هنا تضيع مصالح الأخرين وبالتالي فهذا الجماعات تسعي لمصالح ذاتية لتوظيف الخديعة فالكذب يزيد مساحات الإرهاب ومساحات القتل غيرالمشروع دينيا واجتماعيا وعلي كل الأصعدة. 

هل هناك برامج تربوية لعلاج التطرف والإرهاب لحماية النشئ من هذه الظواهر؟
  
بالفعل في الشارقة ناقشت مؤخرًا عمل برامج تربوية موسعة لحماية ابنائنا من الكذب والذي يؤدي في النهاية إلي العنف والإرهاب، وهي الظواهر التي نراها يوميا علي أدوات التواصل الاجتماعي ظاهر للعيان. 

وناقشت مع بعض الخبراء وضع برامح للطفولة وجيل الشباب لان بعض الشباب ينشأ علي هذه الاكاذيب وينحرف فكريا وعقائديا وسلوكي وتربويا بعد ذلك. 

هل أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي "تويتر وفيسبوك " بها خطوورة ما علي أجيلنا الحالية ؟ 

الشباب علي وسائل التواصل الاجتماعي تفقد الوعي والإدراك فالنشر في الإنترنت ليس له ضوابط وكل من يريد ان ينشر إشاعة تكون علي هذه الوسائل سهلة وميسرة، وسيجد من يقرأ له ويساعده علي تعميمها، وهذه ما ينتشر الان بسهولة ويسر والغريب اننا نجد من ينقل عن هؤلاء في وسائل إعلامية محترفة، وفي النهاية نجد وسائل إعلامية محترفة تردد كلام لا أساس له من الصحة دون حتي ان يكلف المعد في ذهه الوسائل نفسة في قراءة الموضوع او البحث عنه وهذا يعتبر قمة التهاون بعقول الناس والاستخفاف بوجدان المشاهد. 

ويكفي ان نراقب الإعلام الان ووسائل التواصل الاجتماعي ليعطيك ذلك مؤشرًا في منتهي الخطورة علي خطورة ما نقول، وهذا ليس مرتبط لا بالسن ولا بالثقافة ولا بالبيئة، الخطورة في التنشاة الاولي. 

الدراما والكذب والعنف...هل الأعمال الدرامية تخالف الواقع وتحاكي التطرف من قريب وكأنها تريد دعمه في المجتمع وليس محاربته.. كيف الثلاثي علي الشاشة ؟ 

كثير من الأعمال الدرامية سواء أكانت سنيمائية او تلفزيونية بها قدر كبير من الكذب الذي يدفع إلي العنف سواء من خلال مضامينها التي لا تمت للواقع بصله وتظهر الواقع بشكل سافر،أو سواء من خلال لغة الحوار او من خلال تقديم نماذج او شخوص غريبة عن واقع الحياة فيظن المتلقي خطاء أنها صحيحة وبيداء من هنا التقليد والمحاكاة وهذا من التطرف ايضا.

واصبح الشر متفشي عندنا لأننا نقلد ما نراه علي الشاشة، والبعض يظن العكس، اننا ما نراه علي الشاشة من كيد وخبث ودسائس هو إنعكاس لواقعنا ولكن هذا غير صحيح، لأن الفن لا يعكس في كثير من الاحيان الواقع، لان لو الفن انعكاس للواقع لما انفق أحد عليه لإنتاجه ولما تفرجنا عليه. 

وظيفة الفن في تصوري اصبحت هي الكذب، فالصدق لا يحتاج إلي خيال والصدق ما به ابداع لو أردت أن تري الواقع أفتح الشباك وانظر لا تفتح التلفزيون وتشاهد. 


هل هناك كذب مشروع وغير مشروع ؟ 

نعم الكذب في الحرب مشروع للخديعة والمكر علي العدو، ففي حالات الحرب أقول عندي مثلا 10 طائرات والحقيقة عندي 100وهي من حالات الكذب المباح او الثلاثة التي سمح بها الرسول في الحديث «لم أسمع يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث: الإصلاح بين الناس، والحرب، وحديث الرجل امرأته والمرأة زوجها».

وهل هذا يدفعنا أن يقول البعض يجوز أن تكذب الحكومات علي الشعوب ؟ 

لا الكذب علي الأعداء فقط هو المشروع كما قلنا، لا كمثل ما حدث أن نقول أن الدولة الفلانية عندها أسلحة دمار شامل والحقيقة لا توجد اسلحة ولا اي دمار، وينتهي الأمر لتدمير شعوب ومجتمعات هذا لا يجوز. 

بعض الأكاذيب قيلت علي دول عربية وجود أسلحة للدمار الشامل والوثائق تظهر بعد ذلك كذب ذلك، هتلر علي سبيل المثال كان يضع أحد مستشارية لتشكيل الرأي العام بالكذب ويطلق المعلومة لتحريك الرأي العام في اتجاه يريده هو ونجدها في النهاية بناءًا علي قاعدة ملفقة. 

بعض الجماعات تعتمد علي مفهوم "التقية" وهي كتمان المعتقد ومكاتمة المخالفين كيف تري ذلك ؟ 

التقية شكل من اشكال النفاق وتندرج تحت الكذب وكثير من المعاني التي تستخدمها هذه الاتجاهات تطلق عليها مصطلحات براقة خداعة وهي في الحقيقة كذب صريح منهي عنه شرعًا وقانونًا مثل الخيانة الافتراء التدليس والخداع، خيانة الوطن كذب، الخيانة في المشاعر كذب، والصمت علي الخيانة حتي ولوبلغة الصمت هي نوها من الكذب . 

الإنتقام هل هو دافع من دوافع الكذب ؟ 

ناقشت في كتابي "مفهوم الكذب..رؤية اجتماعية نفسية فكرية " قضية الإنتقام وهو نوع من الكذب المتعمد بغية الانتقام من اأحد أقرانه او أشقائه او من مجتمعه في بعض الاحيان، الذي رأي منه بعض السوء لكونه تسبب له مسبقًا في خطاء او تعرض لعقاب وهذا يدفع في الغالب إلي العنف والسلوك السيئ. 

وقد أهتم كثير من خبراء علم النفس والتربويين بقضية معالجة ظاهرة الكذب ووضعوا لها تصورات ومقترحات للتعامل معها منذ الطفولة وكان جل إهتمامهم منصبًا علي إيراد الدور الفعال والإيجابي لهذه البرامج وعلاقتها بالعنف وهي التي تهدف إلي وضع تصور عملي ودقيق لكيفية حل هذه المعضلة لدي الاطفال منذ الصغر ومعلجتها في برامج التربية الخاصة والعامة. 

بعض أدبيات التطرف تكذب علي المصادر التاريخية وتنقل ما ليس في بطون الكتب ؟ 

بالطبع يوجد كذب في المصادر التاريخية الأصلية ويأتي ذلك لتشوية وقائع الماضي وإظهار الخلافات مع البعض المذاهب بشكل مخالف للحقيقة وهو نوع من التشيع للمذاهب والآراء الأخرى، ومن هنا يجب التدقيق فيمن ينقل من هذه المصادر التاريخية فينقل الخبر والرواية من خلال ظنة هو وتخمينه الذاتي فيقع في الكذب في هذه الحالة.

الكذب في المصادر التاريخية موجود حذر منه ذكره بالتفصيل العلامة ابن خلدون في المقدمة وقارن بين تطبيق الأحوال علي الوقائع وحقيقة الوقائع نفسها، لأجل إدخال هذه الوقائع في التلبس والتصنع فينقلها بوجهة نظره علي خلاف الحقيقة، الكذب في المصار التاريخية يشكل إطارا مهما من أطر التكوين الفكري والثقافي والنفسي للإنسان لذلك يجب الحذر من بعض المصادر التي بها كذب.