رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فولتير ومعركة التنوير

قد اختلف معك في الرأي ولكني علي استعداد لأن أموت دفاعًا عن حريه رأيك، عبارة قالها الفيلسوف الفرنسي الأشهر، وواحدًا من أبرز من حارب التعصب الديني عبر التاريخ متفوقًا علي أقرانه جان جاك روسو ومونتسيكو وغيرهم وهو في رأيي أهم رواد التنوير عبر التاريخ.
ولد فرانسوا ماري أرويه في باريس عام ١٦٩٤م وسمي نفسه بـ"فولتير" بعد خروجه من السجن، وكان الأخ الأصغر لخمسة من الأطفال والطفل الوحيد الذي عاش منهم.
في القرن السابع عشر كانت أوروبا تعاني من تسلط الكنيسة علي كل مجريات الأمور الحياتية وانتشر التعصب الديني الدموي والصراع الطائفي بين الكاثوليك والبروتستانت، وصل الأمر يفولتير - رغم كاثوليكيتة - إن أنبري للدفاع باستماته عن حق أسرة بروستانتينية ظلمتها الكنيسة الكاثوليكية فأعدمت الأب وسجنت الإبن ونفت الزوجة.
عاني فولتير كثيرًا خلال صراعاته ضد تدخل الدين في السياسة وتم سجنه وتعذيبه أكثر من مرة  وفي فترة سجنه في الباستيل قام بكتابة أول أعماله المسرحية (أوديب) والتي لاقت نجاحًا كبيرًا وشهرة بين الأوساط الأدبية (في الحقيقة لا يوجد من يستطيع أن يباري فولتير في موهبته في الصياغة الأدبية) وكان نجاح هذه المسرحية هو أول ركائز شهرته الفلسفية.
ورغم ريادته للتنوير في عصره إلا أنه كان لا يثق في الديمقراطية لأنه رأى إنها تعمل على الترويج لحماقات العامة والدهماء (كما قال نصًا).
أتهم فولتير ظلمًا بالإلحاد لدفاعه عن حرية الأديان وكان قد لخص رأيه عن الإسلام في الخطاب الذي قام بإرساله إلى البابا بنديكت الرابع عشر والذي قام بكتابته في باريس في 17 أغسطس في عام 1745 فوصف النبي محمد عليه الصلاة والسلام بأنه رسول ديانة تتسم بالحكمة والصرامة والعفاف والإنسانية.
كما تحدث عنه كالتالي: (واضع شريعة المسلمين رجل رهيب ذو سطوة استطاع أن يفرض تعاليمه على اتباعه بالاستبسال في القتال وبحد السيف).
وقال مخاطبًا رجال الدين في الكنسية: (لقد قام الرسول بأعظم دور يمكن للإنسان أن يقوم به على الأرض وإن أقل ما يُقال عن محمد أنه قد جاء بكتاب وجاهد والإسلام لم يتغير قط أما أنتم ورجال دينكم فقد غيرتم دينكم عشرون مرة).
توفي فولتير عامَ ١٧٧٨م في باريس ورفضَتِ الكنيسة إقامةَ صلاة له فَدُفِن سِرًّا في إحدى الكنائس، اعتبرته الجمعية الوطنية الفرنسية أحدَ الذين بشروا بالثورة الفرنسية فجمعوا رفاتَه وقامو ببناء نصب تذكاري له في مقبرة العظماء «البانثيون» عقبَ الثورة الفرنسية.
للتنوير ضريبة غالية ويجب علي الشعوب أن تدفع ثمنها عن طيب خاطر كي تتقدم.