رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الدكتور أحمد درويش: يحيي حقي أثبت أنه أديب خارج الصندوق المعهود

دكتور أحمد درويش
دكتور أحمد درويش خلال الندوة

قال الدكتور أحمد درويش خلال ندوة “يحيي حقي بين النقد والرواية”، بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، إن التفات المسؤولين إلى الثقافة في مصر، ودور رواد الإبداع من أمثال يحيى حقي، بعد مرور ثلاثين عاما عن رحيله، التفات جيد. لأنه يحاول أن يشدنا قليلا من الضجيج الدعائي المحيط بنا“.

وأوضح “درويش”: أن الضجيج الدعائي الذي نعيشه الآن، وظهور مواهب أدبية ونقدية، وفي زحام هذا الضجيج نكاد ننسى أحيانا فكرة التراكمية في الحضارة، فنحن نولع بنجوم اليوم وننبهر بالشخصيات التي ظهرت خلال العشرين عامًا الأخيرة من الألفية الثانية، وكأنها أجمل وأهم المواهب التي ظهرت في مصر.

وتابع: أنه تتزاحم هذه المسائل وهذا حق المبدعين لكنها في كثير من الأحيان تنسينا العودة إلى رواد النهضة الأدبية والثقافية في مصر. فالتراكم الحضاري لا بد منه إذا أردنا حضارة تقيم مجدها ووعيها بالالتفات إلى جيل الرواد، وليس إلى هواة الأدب وهواة النقد، والذين لا تمتد ثقافتهم للوراء أكثر من عقد أو عقدين، ولا يعرفون من كان يملأ الدنيا ويشغل الناس في عشرينيات القرن العشرين كأمثال يحيي حقي.

272225191_305599774878677_5383107223070019201_n
دكتور أحمد درويش خلال الندوة

ورواد النهضة الأدبية في مصر أمثال رفاعة الطهطاوي، والباردوي، وأحمد شوقي وغيرهم، ملأوا الدنيا وترجموا إلى اللغات الأخرى وتعلموها، كالفرنسية والإنجليزية والإيطالية. ولعدم تعاملنا مع النهضة الثقافية في مجملها، جعل الكتاب والمبدعين هذه الأيام، يرون أنهم ليسوا في حاجة للالتفات للمبدعين السابقين عليه من رواد الثقافة المصرية، ويرون أن الزمن جاوزهم وصاروا خارج حدوده، وأن الأضواء تسلط وتبقي عليهم فقط.      

وشدد الدكتور أحمد درويش على أن الحضارات المعاصرة لنا، تعرف طريقها بالأجيال المتتالية، ففي باريس عاصمة الثقافة الفرنسية، مازالت المسارح ومن بينها الكوميدي فرانسيز، تعيد تقديم وعرض كلاسكيات المسرح والأدب الفرنسي، من لامارتين وفيكتور هوجو، دي بلزاك، جي دو بوسان، وغيرهم، وتخصص الحكومة الفرنسية فرق خاصة ومتخصصة في عرض كلاسكيات الأدب الفرنسي، في حفلات مستمرة وتدعو إليها جميع فئات الشعب الفرنسي، سواء من الشباب أو الكبار وحتى الأطفال، إلى جانب اهتمامهم بأحدث ما يؤلف ويكتب في الوقت الحاضر اللحظة المعاشة.

نحن بحاجة لا بد منها إلى الالتفات إلي جذورنا ومبدعينا من رواد النهضة الثقافية، إذا أردنا أن يكون لدينا وعي وثقافة، ونمد جذورنا إلى الأمس البعيد والأمس القريب، ولا نلتفت بالكامل ونصب جل شاغلنا على اللحظة الراهنة، التي جعلت الأدب سواء الروائي أو القصصي، استهلاكي يزول بمجرد زوال لحظته الراهنة.

وأضاف “درويش”: علينا استعادة الوعي التراكمي لبدايات القرن المنصرم ومبدعيه، ومن بينهم يحيى حقي الذي عمر وعبر على امتداد القرن العشرين بأكمله، فمن بداية القرن حيث ولد، وصولا إلي قرب نهايته في تسعينيات القرن العشرين عندما رحل.

272483041_627371028546406_499321628574021552_n
دكتور أحمد درويش خلال الندوة

استطاع يحيى حقي أن يعمر من خلال تجربته الثقافية والحياتية، واشتبك فيها من خلال أدواته وتكوينه بالحوار والتجربة الحقيقية، بفن الكتابة والإبداع والثقافة. كما استطاع يحيي حقي أن يثبت فيما أثبته أن اللغة العربية جديرة بالحياة والتجدد، خاصة وأنه كان ينتمي للجالية التركية، التي هضمت العربية وظهر فيها نوابغ الأدب المصري، مثل محمد ومحمود تيمور، أو يحيي حقي وخاله طاهر لاشين، مما يثبت أن مصر بلد هاضم للحضارات ومتفتح على التجديد.

وشدد “درويش” على: كان لدراسة يحيي حقي للقانون، دورا في حياته الأدبية، فأصبح أديبا خارج الصندوق المعهود، بني شخصيته بروافد الثقافة المتعددة، فتعلم اللغات، وتعمق في قراءات شتى فروع المعرفة، كما جلس كتلميذ متواضعا حتى مع أقرانه، فاتخذ من الشيخ محمد شاكر أستاذا يتعلم منه، رغم أن شاكر كان يكبره بخمس سنوات فقط. كما نجح يحيي حقي في أن يوزع مسيرته بين الإنتاج الأدبي والإنتاج النقدي.