رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«مياه حرام».. تركيب وصلات مسروقة يهدد بعدم وصول الدعم

وصلات مياه مسروقة
وصلات مياه مسروقة

أمام مطعمه بمنطقة بولاق بالقاهرة يترك "ن.م" مئات اللترات من المياه تندفع بالطريق عبر خرطوم طويل، بحجة بدء يومه بهذا التقليد الذي لا يمُت بصلة بأي قاعدة ناجحة لافتتاح يوم عمل جديد، سوى أنه يتفق مع المصطلح الدارج "رشّ مياه" أول اليوم.

 

مئات اللترات من المياه، تلك التي يستخدمها "ن.م" بمطعمه، تبين أنها منقولة عبر وصلات مياه مسروقة لا تخضع لرقابة الجهات الحكومية، بل وكذلك الحال مع مطعمه ذاته، الذي يفتقد هو الآخر للترخيص، ذلك الأمر الذي تكشف بعد أن تم ضبطه وهو يقوم بعمل بعض أعمال الصيانة بالمطعم.

 

 

لا يحتاج الأمر أكثر من ماسورة بلاستيكية الصنع، وبعض أدوات الحفر ويد محترفة في السرقة، لتركيب الوصلات التي تنقل المياه خلسة إلى المنازل وبعض الأماكن العشوائية، كالمطاعم والمصانع غير المُرخصة، بعيدًا عن أعين الجهات الحكومية، والرقابية، وهذا ما يفعله بعض الأفراد هربًا من دفع فواتير المياه المٌستحقة، مما تسبب ذلك في عدم وصول الدعم لمستحقيه، ومثّل سرقة مباشرة لأموال الدولة. 

 

و"ن.م" هو واحدًا من الآلاف الذين يُميتون ضمائرهم يوميًا بالحصول على خدمة دون دفع مقابلها ويستخدمونها بإهدار نتيجة لذلك "فلا بكاء على ما لا يُدفع مقابله مال"، وهذا على الرغم من احتياج الدولة لكميات كبيرة من المياه لإمكانية تلبية الاحتياجات المختلفة لها بشتى المجالات، وندائها المستمر للمواطنين بترشيد الاستهلاك منها، بالإضافة إلى جهودها من أجل ذلك.

 

وما يوضح انتشار ظاهرة تركيب الوصلات المسروقة، ما تم ضبطه من 139 ألف وصلة مياه، الأمر الذي  يدل كذلك على النشاط الواسع الذي تبذله الجهات الأمنية للقضاء على هذه الظاهرة المٌشينة.

 

وفي هذا الصدد شدّد رئيس الوزراء على ضرورة التعامل بحسم وشدة مع مخالفات الوصلات الخلسة، وأن يُتخذ ما يلزم من إجراءات مع من يقوم بارتكاب هذه المخالفات.

 

جاءت عقوبة من يقوم بتوصيل وصلات مياه خلسة، هي توقيع عقوبة  السرقة عليه والتي تصل للحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، ودفع غرامة مالية لا تقل على 10 آلاف جنيه، ولا تزيد عن مبلغ 100 ألف جنيه، كما أنه يمكن الجمع بين العقوبتين.

 

وعبر صفحة شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالقناة الرسمية على موقع "فيسبوك" استطعنا "بالدستور" التوصل إلى الإجراءات والمستندات والخطوات التي يجب أن يتبعها المواطن للتعاقد على وصلة منزلية أو إنشائية سواء كانت تجارية أو صناعية - سياحية، والتي يتهرب منها الكثيرين لعدم الخضوع إلى التكلفة المستحقة على استهلاكهم لها.

 

تبدأ الإجراءات بتقديم المواطن طلب لإنشاء وصلة منزلية بغرض استخدام المياه للاستهلاك الآدمي ومحاسبته بالفئة المقررة، كما يلتزم المشترك بتقديم عدد من المستندات أولها يتمثل في  مستند ملكية الأرض سواء كان حق الانتفاع أو إيجار، بالإضافة إلى ترخيص البناء أو موافقة الوحدة المحلية، وصورة بطاقة الرقم القومي، مع التزام العميل بسداد قيمة مقابل المعاينة للموقع.

 

وكذلك إحضار كل مستلزمات التوصيل حال عدم توافرها بالشركة بعد مراجعة الجانب الفني بالفرع التابع للمواصفات المطلوبة وتماشيها والمعايير الفنية، بالإضافة إلى اتخاذه إجراءات استصدار تصاريح الحفر وتحمله لكل التكاليف المترتبة على ذلك، في حين أن الشركة تلتزم بالإشراف على التركيب لخطوط التوصيل وتركيب العداد بمعرفتها.

 

وفي هذا السياق يجب ذكر أن موارد مصر المائية المتجددة من المياه محدودة إذ تصل إلى 60 مليار متر مكعب سنوياً يأتي معظمها من مياه نهر النيل، بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار والمياه الجوفية العميقة بالصحاري، في حين تصل احتياجات مصر المائية إلى نحو 114 مليار متر مكعب سنوياً بعجز نحو 54 مليار متر مكعب سنوياً، يتم سدها من خلال إعادة استخدام المياه.

 

ومن أجل سدّ هذا العجز تبذل وزارة الري المصرية العديد من الجهود، من بينها تحديث أنظمة الري للأراضي الزراعية، وتبطين الترع والمصارف المائية، بما يسهم في ترشيد استهلاك المياه المستخدمة في الري، وكذا تحسين نوعية المياه، فعلى سبيل المثال تم الانتهاء من تنفيذ أعمال تأهيل وتبطين نحو 3700 كم من الترع.

 

من جانبه أوضح المهندس وليد عابدين المتحدث باسم شركة المياه والصرف الصحي بالقاهرة الكبرى، في تصريحات لـ"الدستور" أن التعدي على خطوط مياه الشرب والصرف"خلسة" أمر تتصدى له الدولة بشدة لما قد يسببه من مُشكلات كبرى مثل تسببه في تلوث البيئة، أوكسر خط صرف صحي أو ماسورة مياه عمومية وما تتكلفه الدولة جراء ذلك من خسائر ضخمة.

 

وتابع أن وزارة الري والشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى تتصدى لهذه الظاهرة من خلال لجان تعرف بلجان الخلسة، ولجان المتابعة التي ترصد تلك المُخالفات وتوقع عقوبة جريمة السرقة على القائمين بها، مُضيفًا أن بلاغات وشكاوى المواطنين أيضًا تُساهم في عمليات الرصد تلك أحيانًا.

 

وأشار المُتحدث باسم شركتي مياه الشرب والصرف الصحي إلى أن المواطن عليه إدراك أن الطرق الشرعية لإدخال المياه إلى منزله أو منشأته هي الأفضل والأوفر له وكذلك الأكثر أمنًا له ولأسرته، مشيرًا إلى أن استخدام الحيل والألاعيب في الحصول على المياه يُكلف صاحبها الكثير عمن كان سلك المسلك القانوني لذلك.