رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أول كاهن مصري بالكنيسة القبطية اليونانية: البابا شنودة أُجبر على «تجريدي» بسبب ضغط الأنبا بيشوي (حوار)

الاب اثناسيوس حنين
الاب اثناسيوس حنين

◄ البابا شنودة كان رافضًا لقرار شلحي

التشدد صار سمة جميع المسيحيين

بدأ الأب أثناسيوس حنين حياته باحثًا في اللاهوت القبطي وحصل على درجة الدكتوراة من جامعة السوربون، وعينه البابا الراحل الأنبا شنودة الثالث، معلمًا اللاهوت داخل الكنيسة الأرثوذكسية بمصر، ثم انتدبه للخدمة وتأسيس كنيسة قبطية مصرية باليونان كأول كاهن مصري يخدم بالكنيسة القبطية باليونان حتى صدر قرارًا بـ«شلحه» أي ما يعني تجريده من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ثم انضمامه إلى الكنيسة اليونانية والتي تعرف باسم كنيسة الروم الأرثوذكس باليونان.

خلال حواره مع الـ«الدستور»، روى الأب أثناسيوس حنين قصة شلحه وتجريده من قبل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وانضمامه إلى الكنيسة اليونانية، ورفض البابا شنودة الثالث لقصة شلحه، وكيف تم الضغط على البابا شنودة الثالث من قبل الأنبا بيشوي مطران دمياط لإصدار قرار التجريد. وإلى نص الحوار:

في البداية كيف تم ترشيحك للخدمة في اليونان؟

الترشيح للخدمة باليونان جاءت لأسباب عملية، ولحل أزمة نتيجة رؤية الكنيسة الأم أنني أتقن إلى حد ما اللغة اليونانية وزوجتى روم أرثوذكس، وكان هناك بوادر حضور قبطى مهاجر إلى اليونان ويحتاج إلى رعاية  ولكنى لم أكن أول خادم  ولكن أول كاهن يعين رسميًا لليونان.

كيف تم إنشاء الكنيسة القبطية في اليونان؟

هذه فعلا "معجزة" بالمعنى العملي والمنطقي والواقعي، وذلك لعدة أسباب أولها أنه لم يسبق للأقباط أن هاجروا إلى اليونان بهذا الكم، السبب الثاني أن الخلاف التاريخي واللاهوتي أي مجمع خلقيدونية والذى أدى الى انقسام الكنيستين البيزنطية والمصرية لا يزال يسيطر على الواقع اليوناني مما يؤدي إلى استحالة إقامة كنيسة قبطية في أثينا.

كنا في البداية نقوم بتأجير قاعات ويقوم المصريون بتحويلها إلى كنيسة ومن ثم تم تأسيس مركز ثقافي يكون غطاءً قانونيًا للخدمة الروحية، ومن ثم دبرت العناية السماوية فعلة الخير الذين  قاموا بدفع ثمن قطعة أرض وبدأ البناء بسواعد الشباب المهاجر وعائلاتهم والذين أعطوا دما فحصدنا بهم ومعهم روحا. وتم بناء الكاتدرائية القبطية في أثينا والتي يخدمها أسقفًا فاضلًا يحمل الجنسية اليونانية وعدد من الكهنة يعاونوه.  

ماهي قصة خلافك مع البابا شنودة الثالث؟

أنا لم اختلف مع البابا شنودة الثالث ومن أنا حتى أختلف مع شخصية بحجمه، ربما كان لى بعض الآراء اللاهوتية التقنية في بعض آرائه وهذا شأن العلماء، ولا يحمل خلافًا بل تدشين لحوار حول تركة الرجل اللاهوتية والروحية والكنسية.

قضية شلحي  ليست مؤامرة بالضبط نستطيع القول أنها  صفقة من الأنبا بيشوى، مطران دمياط وسكرتير المجمع المقدس آنذاك.

1008421_626776224048994_520358793_o
1008421_626776224048994_520358793_o

قلت إن قرار شلحك صدر من الأنبا بيشوي مطران دمياط وليس البابا شنودة الثالث.. فماذا حدث؟

أنا لم أقل بل قال شاهد عيان على الواقعة وهو المطران دانيال مطران بيروت للسوريان الأرثوذكس، وهو صديق وقد كان شاهد وعاين، وذلك أثناء حضوره اجتماعا هاما في القاهرة مع البابا شنودة ورؤساء كنائس الشرق الأوسط  الأرثوكس، فإنه كان شاهدًا  كيف تم الضغط على البابا شنودة من قبل الأنبا أرميا والأنبا يوأنس والأنبا بيشوى  لتوقيع قرارا الشلح، والبابا شنودة كان رافضًا إلى أن زاد الضغط فقال البابا أنا لا أوقع على قرار بالإعدام  وحينما يأس الأساقفة الثلاثة من كان من  مطران دمياط السابق إلا أنه قام بالتوقيع بالنيابة عن قداسة البابا وهذا ظاهر من نص القرار ويمكنك الاطلاع عليه على صفحتى على الفيس بوك مع تفاصيل أخرى.

في رأيك هل يوجد تجديد للخطاب الديني المسيحي؟

هناك صراعًا بين أهل الحرف وأصحاب القراءة النقدية، فإن تجديد خطابهم اللاهوتى لابد وأن يتزامن مع تجديد الخطاب الديني العام في مصر  وهذا ما ينادى به رئيس البلاد وعلمائها فإن التجديد يتم بالعودة أو التوبة العلمية والروحية أي عودة الجميع الى التاريخ المصرى المشترك والثقافة المصرية والهوية المصرية والبحث عن المشترك من أجل البدء في تكوين هوية مصرية تصير مظلة يستظل بها الجميع  ويكون هناك فكر دينى-لاهوتى  مصري جديد ومتجدد  ومتجسد في ثقافة الناس وهموهم اليومية وغير مستورد سواء من السعودية أو من اليونان.

كيف ترى التقارب اللاهوتي بين الكنيستين اليونانية والأرثوذكسية؟

التقارب قائم بحكم التراث الليتورجى واللاهوتي المشترك  على الأقل في الخمس قرون الأولى وبعدها قليلا.

فمنذ المجمع المسكوني الذي انعقد عام 451 نشب خلاف بين الأخوة على كيفية استمرار البنيان اللاهوتي وتوقف أحد الإخوة عن المشاركة في البناء وهو هنا القبطي، واستمر الأخ البيزنطى في البناء وتزيين المبنى باللاهوت والمجامع المسكونية  وبأحدث الإبداعات اللاهوتية  السؤال هو كيف تلتقي الكنيستين بعد انفصال دام خمس عشر قرنا.

ومع الأسف فإن الأنبا بيشوى حول الخلافات إلى صورة من المحاكمات الكنيسة الوهمية أدت إلى توقف الحوار تماما وقد كنا شهودا على سطحية الأنبا بيشوى مطران دمياط في حواراته اللاهوتية مع اللاهوتيين من رهبان جبل أثوس باليونان. 

ويجب أن لا نغفل دور اللاهوتيين العائدين من اليونان وأوروبا وهو قلة عزيزة تحاول بعث التراث الآبائي واللاهوتي والتجدد بهما ومواجهة المسائل المعاصرة المطروحة على الساحة الكنسية والوطنية كما ا لهم دور لا يستهان به في ما تسمينه (تقارب) بين الكنيستين.

10845744_828203547239593_3993721761566305024_o
10845744_828203547239593_3993721761566305024_o

 

في رأيك فما الفرق بين الهوية القبطية والتاريخ القبطي؟

الهوية هي عمل اختيار حر ويأتي التاريخ لتأصيلها، وينقيها وتاريخ أي طائفة إن لم يقرأ على ضوء وحدة ثقافة البلد وهويته والتجدد الروحي هو تاريخ باطل وهذه هي أزمة الأقباط في مصر أنهم منعزلين بل ومعادون لتاريخ مصر سواء التاريخ الفرعونى أو التاريخ العربى والإسلامي.

أنا ناديت في رسالة الدكتوراه والتي تقدمت بها الى جامعة ليموج بفرنسا وهى عن الرهبنة القبطية والهوية المصرية، وناديت بالتوقف عن الكلام عن هوية قبطية هي هوية مصرية مع أبناء الوطن الواحد، وإذا أردت أن يعتبر المسلم أن تاريخ الأقباط تاريخه فيجب أن أعترف أنا أيضا بأن تاريخ الإسلام المصرى جزء من تاريخي وثقافي، لا أرى مبرر علمي أو تاريخي لهذا الانفصام بين الكوبتولوجى والايجيبتولوحى أي علم القبطيات وعلم المصريات.

ماهي العلاقة الثقافية والدينية بين اللغة والتراث اليونانية والقبطية؟

لا يوجد حقيقة إلا وتجسدت في لغة والمسيحية هي ديانة الكلمة الذي صار جسدا أي صار تاريخًا أي تاريخ الناس، واللغة هي جسد الثقافة اللاهوتية والدنيوية، واللغة هي وعاء الحقيقة

فالعلاقة بين اللغتين اليونانية والقبطية هي علاقة نسب روحى وتاريخى  وكما تعلمنا في جامعة السوربون فإن اللغة القبطية هي ثمرة زواج شرعى بين الفرعونية واليونانية.

وقام المصريون باحياء لغة تحتضر وتموت وهى الفرعونية بلغة حية وهى اليونانية  وقدموا للعالم لغة جديدة تجمع الثقافتين الهيلينية والمصرية.

ونعرف أن هناك تسع أو سبع حروف هيروغليفية في اللغة القبطية. ويذهب علماء اللغة أن اللغة المصرية الحديثة أو القبطية صارت أحد مصادر اللغة اليونانية في ظل غياب تعبيرات وكلمات ضاعت من النصوص اليونانية وبقيت في النصوص القبطية. 

هذا غنى لاهوتى وثقافى كبير، اللغتان لغات لاهوت وثقافة بالدرجة الأولى، عن أية هوية وتجديد تتكلمين في ظل هذا الإهمال المأساوى للغة القبطية سواء من قبل الدولة أو الكنيسة.هناك أزمة هوية طاحنة.

هل الكنيسة الأرثوذكسية متشددة فى رؤيتها لباقى المذاهب؟

التشدد صار سمة جميع المسيحيين بعد أن تفرقوا الى طوائف وشيع وملل. 

ما رأيك في جهود البابا تواضروس الثاني لتوحيد عيد القيامة؟

العيد هو تاج العقيدة ومعناها ولا يمكن توحيد الأعياد بلا حوار لاهوتى وتاريخى رصين حول معنى العيد ومكانته اللاهوتية، فلا يجب ترقيع الوحدة المسيحية بل يجب البحث عن ثوب الوحدة الأول والأصيل والسليم والغير مرقع برقع قديمة ورقع حديثة.

11141775_880163592043588_114478056974255945_o
11141775_880163592043588_114478056974255945_o

كيف ترى تواصل الكنيسة القبطية مع الكنائس الأخرى وفتح باب الحوار معها؟

قبل التفكير في التواصل يجب على الكنيسة القبطية أن تحدد أساسات ايمانها وآليات التفسير اللاهوتي والكتابى وموقفها من قضايا التراث والتاريخ والنقد العلمي.

ما رأيك في موقف البابا تواضروس بتناول جورج بباوي ورفع الحرمان عنه؟

الحرمان لم يرفع لأنه لم تتم أية محاكمة قانونية حسب قوانين الكنيسة كل ما في الأمر أنها مبادرة شخصية من الأب البطريرك لإنسان على سرير المرض، ويستعد للقاء ربه ويشتاق للمناولة،  هو عمل شفقة روحية وتدبير طيب من البابا، ولكنه ليس رفع للحرمان.

لقد أعطى المسيح جسده لـ بباوي، ولكن الكنيسة لم تعطه براءة كاملة من هنا أرى أنها ورطة لاهوتية كبيرة. 

كيف ترى مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي؟

مصر في عهد الرئيس السيسي بخير.

كيف ترى الخلافات في قضية الشركة في الطبيعة الإلهية؟

هذه ليست قضية آراء شخصية، القضية قضية مصير الإنسان وعلاقته بالمسيح المتجسد. هل علاقتنا بالمسيح علاقة لفظية أم وجودية. هل نحن نؤمن بأرثوذكسية كلامية فقط لا صلة لها بتراث المسيحية الجامع. والملاحظ أن هذه القضية غير مثارة عند الروم والكاثوليك وحتى الكنائس الـ غير خلقيدونية من أرمن وسوريان وهنود والتي نظن أنها شريكة لنا في العقيدة، فقط الأقباط ينكرونها.