رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

3 أقسام.. علي جمعة يوضح درجات الحب في الإسلام

الدكتور علي جمعة
الدكتور علي جمعة

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إن الحب في الإسلام ينقسم لثلاثة أقسام من حيث المحب، حب من الله، وحب لله، وحب في الله، أما الأول: وهو الحب من الله، فالله سبحانه يحب من خلقه ما يشاء، وحبه لهم هو إرادة الإحسان والإكرام وإنزال الرحمة بهم، وقد أخبر سبحانه عن اثني عشر صنفا في كتابه العزيز أنه يحبهم بلفظة "يحب"، فقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ  يحب المُحْسِنِين، إِنَّ اللَّهَ  يحب التَّوَّابِينَ وَيحب المُتَطَهِّرِينَ، فَإِنَّ اللَّهَ  يحب المُتَّقِينَ، وَاللَّهُ يحب الصَّابِرِينَ، إِنَّ اللَّهَ  يحب المُتَوَكِّلِينَ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ، فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُم وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفاًّ كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ.


وأضاف "جمعة"، عبر صفحته الرسمية “فيس بوك”: كما أخبر سبحانه وتعالى عن اثني عشر صنفا من خلقه لا يحبهم بنفي نفس اللفظة "لا يحب" فقال جل اسمه: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَاللَّهُ لاَ يحب كُلَّ كُفَّارٍ أَثِيمٍ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يحب الكَافِرِينَ، وَاللَّهُ لاَ يحب الظَّالِمِينَ، إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً، إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً، وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ المُفْسِدِينَ، إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الخَائِنِينَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْتَكْبِرِينَ، خبر بذلك أيضا عن الفرحين بأنفسهم المعجبين بقوتهم وعلمهم الذين لا ينسبون الفضل لله سبحانه وتعالى، فقال:  إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الفَرِحِينَ.

وأوضح: من الأفعال التي أخبر الله أنه لا يحبهم فعلين، وهما الفساد، والجهر بالسوء فقال سبحانه: وَاللَّهُ لاَ يحب الفَسَادَ، لاَ يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ،وفيما ذكر من الآيات نستطيع أن نعرف من هم الذين يحبهم ربنا سبحانه وتعالى، ومن هم الذين لا يحبهم جل وعز، حتى نجتهد في أن نحصِّل جميع أو بعض تلك الخصال، ونعزم على البعد عن جميع تلك الخصال الأخرى، وهذه هي حقيقة التقوى، فهذه فائدة عظيمة تجلت لنا بسبب الكلام عن حب الله لخلقه.

وتابع «أما النوع الثاني، هو حب لله أو حب الله، فإن لله تعالى صفات الكمال ونعوت الجمال والجلال، وهو يحب لأنه متصف بكل جميل، ومنزه عن كل قبيح، وهو سبحانه يحب لذاته، ويقصد لذاته، وحب الله هو مقام عظيم من مقامات القرب، وعبادة المحبة هي عبادة أولياء الله الصادقين المخلصين وكل من عرف ربه أحبه، فهو الكريم سبحانه، وهو الذي أسبغ على خلقه نعمه، وحب الله أساس الإيمان بحيث لو خلا قلب المؤمن من حب الله، لم يكن مؤمنا باتفاق المسلمين، وإنما يتفاوت الخلق في درجة حبهم لله، وقد طلب سبحانه وتعالى من الذين يزعمون أنهم يحبون الله الدليل العملي على ذلك الحب فقال جل شأنه: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.


وأضاف: أما النوع الثالث من الحب، هو الحب في الله، وهذا النوع هو أساس وحدة المجتمع المسلم، إذ ما أمر الله به من إحسان في المعاملة للوالدين، والأقربين، والجار، والصحبة، وكل من يخالطهم الإنسان، ما كان له أن يتم باعتباره أوامر مخالفة للعاطفة، بل إن الحب في الله هو أساس الإحسان في هذه المعاملات كلها، وقد أخبر ربنا سبحانه وتعالى عن هذا المظهر البديع، في موقف الأنصار في تكوين أول نواة للمجتمع المسلم على الأرض حيث قال: {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ}.وهذا الحب الصادر من الأنصار للمهاجرين الذي وصل حد الإيثار على النفس قد امتدحه الله على أنه النموذج الأعلى للعلاقة بين المسلم وأخيه المسلم.

وأكمل: الحب في الله هو أعلى مظاهر الإيمان بالله، ومن أوثق عرى الإسلام، ولهذا أخبر المصطفى ﷺ في أكثر من حديث عن فضل هذا المظهر الجليل، والخلق العظيم وهو حب المرء في الله لأنه من أهل طاعته، نذكر من هذه التوجيهات النبوية، ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال: "لا يجد أحد حلاوة الإيمان، حتى يحب المرء، لا يحبه إلا لله، وحتى أن يقذف في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله، وحتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما" [البخاري]، وقال رسول الله  ﷺ: "إن الله يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي اليوم ؟ أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي" [مسلم]. ومنها ما رواه أبو هريرة أيضا عن النبي ﷺ قال : “إن رجلا زار أخا له في قرية أخرى، فأرصد الله له على مدرجته ملكا، فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخا لي في هذه القرية. قال: هل لك عليه من نعمة تربها؟ قال: أنى أحببته في الله عز وجل. قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه”. [مسلم]

واختتم “جمعة”، قائلا: “نسأل الله أن يجعلنا وجميع المسلمين متحابين في جلاله، ونسأله أن يثيبنا على هذا بأن يجعلنا في ظله يوم لا ظل إلا ظله”.